منذ صدور قانون تقسيم الدوائر والإعلان الضمنى عن اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية القادمة, اشتدت المنافسة والاستعداد للماراثون الموسمى. فماراثون الانتخابات البرلمانية شاق وطويل ويحتاج للعديد من الأدوات وطول النفس والقدرة على الإنفاق وأشياء أخرى قد لا تتوافر لدى كثير من المتنافسين. واستعد المتسابقون فى هذا الماراثون بالعديد من الأدوات التى قد تمكنهم من الاستمرار فى الماراثون والفوز بمقعد تحت قبة البرلمان, الشعارات الرنانة خاصة بعض أقوال الرئيس السيسي فى أحاديثه- كانت أولى هذه الأدوات, كذلك السماسرة الذين تفرغوا لزوم المرحلة للترويج لمرشح بعينه مقابل مبالغ مالية.. الملف يستعرض مولد ماراثون الانتخابات البرلمانية ... قانون تقسيم الدوائر.. بداية مرحلة جديدة ظهر أخيرا قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الذي يعد الخطوة الأخيرة قبل البدء فى صراع الانتخابات البرلمانية وهى الاستحقاق الثالث لثورة 30 يونيو, حيث طال انتظار قانون تقسيم الدوائر خلال الفترة الماضية تحديدا بداية من تولى الرئيس السيسى مسئولية البلاد, فمنذ ذلك الوقت بدأت جميع القوى السياسية المصرية على تنوعها واختلافها, الإعداد للانتخابات البرلمانية إلا أنه بدون معرفة الدوائر الانتخابية التى سيتنافس المرشحون عليها كان السائد هو حالة من التخبط والضبابية. لاقت الصورة التى ظهر عليها القانون الكثير من ردود الفعل المتباينة من القوى السياسية المختلفة, فيرى الكثير أن تلك الصورة هى الأمثل للقانون المنتظر ويرى البعض أن القانون مخيب للآمال بنسبة كبيرة ويتخوف عدد آخر من الطعن على القانون أو عدم دستوريته أو حتي حل المجلس بعد انتخابه. بداية أكد حسين عبد الرازق نائب رئيس حزب التجمع على وجوب عدم الفصل بين قانون الانتخابات البرلمانية وقانون تقسيم الدوائر، فقانون الانتخابات الذى قسم المقاعد بين الفردى والقائمة بحيث 20% القائمة و80% الفردي يفرز فى النهاية رجال المال السياسي والفلول من أعمدة الوطني المنحل وأيضا يعطى المجال لوجود العصبيات، مما يؤدى فى النهاية إلى القضاء على وجود البرامج الانتخابية ويقضى على فرص وجود أكثرية حزبية داخل البرلمان، بل سيكون البرلمان عبارة عن تكتلات صغيرة لا حول لها ولا قوة، متسائلا عن الأساس الذي تم تقسيم الدوائر عليه، فبعض الدوائر يتم تمثيلها في البرلمان بنائب وأخري بنائبين ووصل الأمر إلى أن بعض الدوائر يمثلها 3 نواب! ، لذلك فتوجد شبهة تمييز تنال من هذا القانون. ويوضح عبد الرازق أن الدستور المصرى فى نسخته الأخيرة أعطى صلاحيات واسعة للبرلمان حال تكوينه، مما سيفرز نظاما سياسيا متوازنا بشكل ممتاز يدعم الديمقراطية ويضمن عدم وجود سلطة مطلقة لأى من مؤسسات الدولة، لكن الوضع الحالى سيفرز برلمانا خاليا من غالبية أو أكثرية مؤثرة مما سيخلق نوعا من الخلاف الذى يهدد فى النهاية بالقضاء على الدور المنتظر من هذا البرلمان. وأشار إلى أنه كان يجب مراعاة وجود البرامج الحزبية والأهداف التى توجه عمل البرلمان والتى ستغيب كليا عن البرلمان القادم، مما يبعث على التساؤل هل تم القضاء على فرصة وجود غالبية برلمانية عن عمد؟؟ أم هى مجرد صدفة بحتة وفى كلا الحالتين يجب مراجعة الوضع قبل أن يولد حالة من الفوضى والسخط فى المشهد السياسى المصرى. أما ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل فيرى أن حالة الرفض والاستغراب من قانون تقسيم الدوائر غير مبررة بالمرة، وسببها الخلط بين قانون تقسيم الدوائر وقانون الانتخابات البرلمانية، وهو القانون الصادر فى عهد المستشار عدلى منصور، لذلك فغريب جدا أن يتم الاعتراض عليه الآن. وأضاف الشهابى أن قانون تقسيم الدوائر يقترب من المثالية والتزم بعدة اعتبارات هى التمثيل العادل للسكان والمحافظات والتمثيل العادل للفئات واعتماد التقسيم الإداري للمحافظة وضرورة عدم تجزئة أى كيان ومراعاة كافة الجوانب الاجتماعية والديموجرافية, وقد التزم واضعو القانون بتلك الضوابط دون أى تقصير ووصلت اللجنة إلى أن كل نائب يمثل 131 ألف ناخب إلا فى حالات خاصة فمثلا يوجد بمدينة واحدة 150 ألف ناخب فهل يتم تقسيمها إلى دائرتين؟؟ وهناك عدة أمثلة أخرى فيوجد دوائر بها 500 ألف ناخب فمن الطبيعى أن تمثل بثلاثة نواب، ومن هنا فإن معظم الاعتراضات تنطوي على عدم فهم لما حدث. ويؤكد الشهابى أن الاعتراضات على قانون مجلس النواب متأخرة كثيرا وليس مجالها الآن موضحا أنه حتى إن أفرز القانون رجال الوطنى أو رجال المال السياسى فهذا شأن التركيبة السياسية والمجتمعية فى مصر وليس شأن القانون الذى راعى قواعد عامة فقط لم يفصل لأحد ولم يوزع الدوائر لأشخاص معينين هى فقط قواعد حاكمة وقد تم الالتزام بها. بينما يري المهندس وائل نوارة رئيس المكتب السياسي بحزب المحافظين أن المشكلة ليست فى قانون تقسيم الدوائر رغم غرابته لكن فى النظام الانتخابي إجمالا, فوجود 120 عضوا للقوائم و420 للفردي يقضى على الحياة الحزبية فى مصر, لذلك فقانون تقسيم الدوائر أيا كان وضعه ليس سبب الخلل الموجود حاليا. ويشير نوارة إلى أن وجود حياة ديمقراطية سليمة مرتبط بفكرة تداول السلطة وهذا يعنى وجود كيانات حزبية قوية لكى تتم تلك العملية فتداول السلطة عملية بين الأحزاب وليس المستقلين, وبالرغم من اعتراض القوى السياسية والحزبية على قانون الانتخابات وقتها إلا أنه لم تتم الاستجابة, فوجود القوائم الحزبية هو الضمانة لوجود ديمقراطية حقيقية ووجود برامج وتوجهات وأيديولوجيا حاكمة للعضو, لكن المستقل الذى يدفع مبالغ طائلة فى الدعاية حتى يصل إلى البرلمان سيسعى بالتأكيد إلى استعادة أمواله من خلال التربح والمزايا والتأشيرات وأراضى الدولة إلى آخره.. وسيصبح فى أحسن الأحوال نائب خدمات, وبالتالي فنجاح المستقلين يعتمد على إما الأموال أو العصبيات أو استخدام الدين وقد تذوقنا مرارتهم هؤلاء جميعا. ويؤكد نوارة أنه لا يمكن الحكم على جودة عمل المجلس القادم من الآن، لكن الأساس الجيد هو مؤشر للأداء الجيد والمنتظر, وكان يمكن أن تقسم الدوائر إلى قوائم حزبية مكونة من عضوين أو ثلاثة بنفس الطريق المستخدمة حاليا لكن أن يكون معظم الأعضاء مجهولي الأيديولوجيا والتوجهات والمبادئ التى تحكم عملهم هو أصلا ضد مبادئ العمل السياسي. وأنهى وائل نوارة حديثه بالتأكيد على ضرورة الانتهاء من انتخاب البرلمان فى الفترة الحالية أيا كانت عيوب القانون, فمصر لم ترَ مجلس شعب حقيقيا منذ مدة طويلة وهى تحتاجه الآن باعتباره الاستحقاق الأخير لخارطة الطريق، ويمكن للمجلس بعد ذلك تعديل القانون بالصورة التى ستفرز حياة سياسية سليمة فى مصر. حرب الشعارات تشتعل للحصول على مقعد تحت قبة البرلمان القرار مش قرارك .. الشعب اختارك عبارة ذيلت صورة الدعاية الانتخابية لأحد مرشحي مجلس الشعب بمركز قويسنا، الصورة نفسها جابت شوارع محافظة المنوفية، الكل فى حالة من الدهشة، هل هى للسيسى أم لشخص يشبهه؟ التدقيق فيها يحمل الإجابة، ليست للسيسى، بل لمرشح فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، قرر أن يستهل دعايته لنفسه بصورة على ظهر توك توك متخذاً من نظارة السيسى وشكل دعايته الانتخابية استايل له. وبرر المرشح الانتخابي عن مركز قويسنا، استخدامه هذه الوسيلة للدعاية، بالشبه الكبير بينه وبين الرئيس عبد الفتاح السيسي حسب تأكيدات المقربين منه له، معربا عن أمله في الفوز بمقعد البرلمان بعد خسارته في انتخابات 2012. الصورة أثارت قضية الشعارات الانتخابية التي يستخدمها المرشحون عادة في جولاتهم الانتخابية، فكل مرة يستولى المرشحون على أصوات الناخبين بالشعارات, فسبق وأن استخدم الإسلاميون شعارات لسرقة أصوات الناخبين مثل الإسلام هو الحل, الإسلام منهج حياة، ونحمل الخير لمصر، ومعا على طريق النور, كل ما سبق وغيره شعارات انساق وراءها الشعب الذي كان يأمل عقب نجاح ثورة 25 يناير أن تكون الانتخابات هذه المرة نزيهة بعيدة عن التزييف والتزوير. ويبقى السؤال هل سيسعى الشعب إلى تطبيق قواعد الاختيار الموضوعي, أم سنعيد الكرة فى صراعات وتكتلات تكون نتيجتها فساد الحياة البرلمانية والتشريعية, خاصة أن بعض الخبراء السياسيين يعتقدون أن برلمان 2014 سيكون من أخطر البرلمانات فى تاريخ مصر، والسبب يرجع لأنه سيكون مسئولا لأول مرة عن تشكيل الحكومة ومحاكمة رئيس الدولة، والمشاركة الحقيقية فى قضايا الأمن القومي. بدايةً أكد محمد أبو حامد, عضو مجلس الشعب السابق أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قال بشكل واضح إنه ليس محسوبا على أحد وإنه محسوب على الشعب فقط , وأنه ليس له ظهير سياسي لأنه يكتفي بالظهير الشعبي , كما أشار أيضا إلى أن الرئيس أكد في أكثر من مناسبة أنه لم يحظَ بدعم أحد في الانتخابات الرئاسية, وبالتالي لن يستطيع أحد كما كان يحدث في الحكومات السابقة الحصول على أي دعم أو مزايا إذا انتسب إلى مدرسة السيسي أو ادعى إيمانه بأفكاره ومبادئه. وصنف أبو حامد تلك الفئة من المرشحين إلى نوعين, الأول نوع مؤمن فعلا بأفكار ومبادئ السيسي لأنها تعبر عنه ولكنه ليس لديه القدرة ولا المؤهلات لتحقيق تلك الأفكار على أرض الواقع , أما النوع الثاني فيلجأ للمتاجرة السياسية حيث يستغل البعض شعبية السيسي وحب المواطنين له, فيروج لانتسابه لنفس هذا التيار, فيرتدي عباءته ويدعم توجهاته ظنا أنه قد يحصل على مكاسب معينة كما كان يحدث في الحكومات الفاسدة السابقة. أما فيما يتعلق بإمكانية تسبب تلك الممارسات في زعزعة ثقة المواطنين في العملية الانتخابية أكد أن الشعب لن تتزعزع ثقته ولن يشعر بالقلق طالما لا يدعم الرئيس السيسي أو الحكومة تلك الممارسات. وحول تأثير تلك الدعاية على إرادة الناخب, أشار أبو حامد إلى أن الشعب اكتسب وعيا وتعلم من التجربة القاسية التي مر بها خلال أربع سنوات, وأن هذه التجربة التي دفع ثمنها غاليا من دم أبنائه وثروات البلاد, ستجعله يفكر كثيرا قبل أن يختار هذه المرة, مؤكدا أن المواطن لن يختار بسطحية ولكن سيختار بعمق, لأنه تعلم أن الشعارات المزيفة مثلها مثل المتشدقين بها, أما عن معايير تقييم المرشح, فأوضح أبو حامد أن تاريخ المرشح أحد أهم العوامل للحكم على نزاهته, كما أن هناك عنصرين آخرين هما ماذا قدم هذا المرشح الآن وماذا سيقدم في المستقبل لتحقيق احتياجات ناخبيه, وكيف سيواجه التحديات والعوائق, كل هذا سيعكس مدى ملاءمة هذا المرشح لتمثيل ناخبيه أو لا. وطالب أبو حامد وسائل الإعلام بتذكير المواطنين بتجربة 2011 المريرة والتي تسببت بخسائر للبلاد مشيرا إلى أن عدم التدقيق والانسياق وراء الشعارات الدينية تسبب في آثار سلبية كبيرة كانت من الممكن أن تضيع البلاد للأبد, فتلك التجربة الكارثية التي لم تحدث في تاريخ مصر الحديث يجب أن تكون واعظا لنا, وشدد النائب السابق على وسائل الإعلام بالتأكيد على موضوعية الاختيار, والقضاء على فكرة اختيار المرشح الذي سيقدم منافع وقتية, واستبدالها بفكرة اختيار المرشح الذي سيقدم منافع وفوائد بعيدة المدى تقضي على العوز والفقر تماما. أما الدكتور نشأت الديهى, أستاذ العلوم السياسية ورئيس مركز دراسات الثورة فأكد أن استغلال بعض المرشحين للسيسي في الدعاية الانتخابية، يعد نوعا من التضليل السياسي والتملق, وأن ذلك لا يدل إلا على ضعف ومحدودية أدوات المرشح , حيث يلجأ مثل هؤلاء الضعفاء إلى التعلق بشخصية قوية وارتداء جلباب ولسان غيرهم لتغطية عجزهم ونقص إمكانياتهم للوصول إلى الناخب والتأثير فيه. وأشار الديهي إلى أن الناخب أصبح لديه ذكاء سياسيا, ويعرف أن هؤلاء المرشحين متملقون ومنافقون وليس لديهم ما يقدمونه سوى الشعارات الكاذبة والوعود الخاوية, معتبرا أن مثل تلك الوسائل للدعاية الانتخابية قد تلقي بظلالها السلبية على ثقة المواطن في الانتخابات, لأنها نفس الأدوات والأشخاص التي عانى منها المواطن في النظم الاستبدادية السابقة, مما يترتب عليه عزوف الناخب عن المشاركة وفقده الأمل في تحسن الاوضاع, مما سيعود بالبلاد للخلف وليس للأمام. من جانبها أرجعت الدكتورة نجوى عبدالحميد سعد الله, أستاذ علم الاجتماع والأنثربولجى بكلية الآداب جامعة حلوان, قيام بعد المرشحين بهذه الممارسات إلى نقص ثقتهم بأنفسهم, وعدم امتلاكهم لإمكانيات أو قدرات بالإضافة إلى عجزهم عن تقدم رؤية وبرامج واضحة للناخبين, مؤكدة أنه على من يريد التشبه بالسيسي أن يتشبه به في صفاته وأخلاقه وهى الالتزام والموضوعية والصدق والوفاء بالوعد, وهى الصفات التي اكتسب بها ثقة الشعب واحترامه, مشيرة إلى أن استخدام الرموز المادية التي لا يتبعها أفعال حقيقية لن يصب في مصلحة المرشح. كما أكدت سعد الله أن الشعب لن يستجيب لهؤلاء المرشحين الذين وصفتهم بالمتسلقين, فالشعب ليس مغيبا وجاهلا كالماضي, إذ أكسبته التجربتان السابقتان، وعيا سياسيا سواء على مستوى الطبقة المتعلمة أو الأمية فالجميع أصبح الآن قادرا على اكتشاف من سيلبي احتياجاته ومن يخدعه فقط للحصول على غايته. ودعت نجوى لوضع معايير اختيار موضوعية للمرشحين والتي من بينها أن يكون المرشح مثقفا وخدوما وابن المنطقة أو الحي الذي سيرشح عنه, كما طالبت المرشحين الجادين في خدمة الوطن بالوقوف على احتياجات ناخبيهم, والمناطق التي سوف يمثلونها, وذلك لتحقيق آمال المواطنين الذين فاض بهم من الوعود الكاذبة والشعارات المزيفة, وأشارت إلى أن الآن هو وقت العمل على أرض الواقع, وأن هذا لن يحدث إلا بوضع برامج ورؤي محددة بوقت معلوم من قبل المرشحين, مؤكدة أن الأساليب التقليدية للدعاية والتي استخدمت في النظم الفاسدة السابقة من تملق أو دفع مبالغ مالية أو مواد غذائية مرفوضة تماما ولن تلقى استجابة من أحد. جدل سياسي حول قانون تقسيم الدوائر الانتخابية مع اقتراب الاستحقاق الثالث للشعب المصرى من التحقق, ومع انتهاء لجنة إعداد مشروع تقسيم الدوائر من عملها، وتقديم المشروع لمجلس الدولة لأخذ الملاحظات عليه، أثيرت الكثير من التساؤلات حول دستورية المجلس القادم خصوصا أنه يشترك ولو ظاهريا مع مجلس 2012 فى الجمع بين نظامى الفردى والقائمة الذى حكم على أساسه ببطلان مجلس الشعب السابق، بالإضافة إلى تجاوزه المواعيد التى أقرها الدستور لإجراء الانتخابات البرلمانية خلالها.. فى البداية تحدث الدكتور عاشور عبدالجواد أستاذ القانون بجامعة بنى سويف عن دستورية الانتخابات المقبلة حيث إنه يوجد رأى يقول بأن الانتخابات المقبلة من الممكن أن يطعن بعدم دستوريتها استنادا إلى تجاوزها المواعيد التى حددها الدستور لإجراء الانتخابات البرلمانية فى مصر وعن هذا أوضح الدكتور عبد الجواد أن هناك رأيين فى تجاوز المواعيد فى الفقه الدستورى، فهناك اتجاه فى الفقه الدستورى يقول .. من الممكن أن يتم الطعن على الانتخابات والبرلمان بعدم الدستورية لتجاوزه المواعيد التى نص الدستور على ضرورة إجراء الانتخابات خلالها، وهناك رأى آخر يقول إنه إذا تم تجاوز المواعيد بسبب وجود ظروف تبرر هذا التجاوز فإن هذا التجاوز لا يرتب البطلان، كما أن الأصل فى المواعيد الدستورية أنها لا يترتب عليها البطلان إلا إذا كان النص يحتم بطلان المجلس فى حال تجاوزه المواعيد المقررة فى الدستور وهو ما لم يتم النص عليه فى الدستور الحالى ، وأوضح عبدالجواد أن هذا التأخير تم على غير رغبة الدولة حيث عصف الإرهاب بكل سبل الديمقراطية والأمان اللازم وجوده لإجراء الانتخابات البرلمانية، كما أن الهدف من تحديد الميعاد فقط هو حث الدولة والحكومة على إجراء الانتخابات فى أقرب وقت ولم يرتب البطلان نتيجة لمخالفة هذه المواعيد، هذا هو الرأى الراجح لدينا. وعن مشروع القانون فقد أوضح الدكتور عبدالجواد أن هناك ملامح جيدة فيه، فقد جمع بين النظامين الفردى والقائمة كما أنه راعى مزاج الناخب والمواطن المصرى الذى يقدر النظام الفردى حيث إن مشروع القانون جعل المقاعد الفردية ما يزيد على الأربعمائة مقعد وهو رقم كبير نسبياً، كا أن مشروع القانون حاول تمثيل جميع فئات الشعب تحت قبة البرلمان القادم حيث أقر ما يسمى بالكوتة للمرأة والعمال والشباب، وشرح عبدالجواد أنه من ضمن النقاط الإيجابية فى هذا المشروع أن عدد الدوائر يتناسب مع عدد السكان، فتجد مثلا أن هناك دوائر تمثلها ثلاثة مقاعد فردية ودائرة أخرى تمثل بعضوين فقط وهذا نظام يعد إيجابيا إلى حد بعيد. وعن عيوب هذا المشروع أوضح الدكتور عبد الجواد، أن هناك عيبا واحدا فقط فى مشروع هذا القانون وهو أن دوائر القائمة هى دوائر متسعة جدا، حيث إنك تجد أن الصعيد كله دائرة واحدة فقط ، فهذه القائمة ستكتفى فقط بالوجوه المعروفة إعلاميا فقط مما سيتسبب فى إهدار الكثير من الكفاءات داخل الإقليم.. وإجمالاً أكد الدكتور عبدالجواد أن مشروع القانون الخاص بتقسيم الدوائر الانتخابية به من المزايا مايرجحه أكثر من العيوب. وفى سياق آخر فرق الدكتور فؤاد عبدالنبى الفقيه الدستورى وأستاذ القانون الدستورى بعدد من الجامعات المصرية، بين قانون الانتخابات البرلمانية الذى صدر فى عهد المجلس العسكرى والذى على أساسه تم الحكم بعدم دستورية البرلمان وبين قانون الانتخابات البرلمانية الحالى الذى قام بإصداره الرئيس السابق عدلى منصور، فقال: إن الفرق يتمثل فى أن برلمان الإخوان 2012 تم الحكم بعدم دستوريته استنادا لنص المادة 32 من نصوص الإعلان الدستورى الذى أصدره المشير محمد حسين طنطاوى آنذاك، حيث إن نص المادة لم يحدد الطريقة أو الأساس الذى سيجرى بناء عليه الانتخابات البرلمانية، إلا أن الإخوان قاموا بالضغط على المجلس العسكرى ليعدل القانون ولينص على تخصيص ثلث المقاعد للفردى والثلثين للقائمة، وهذا هو النص الذى يعتبر قنبلة موقوتة وضعها الإخوان المسلمون للسيطرة على البرلمان، حيث إن نظام الثلث والثلثين بهذا الشكل يعد مخالفة دستورية واضحة لكل المبادئ الدستورية والتى تنص على ضرورة التمثيل العادل للسكان داخل قبة البرلمان. أما فى دستور 2014 فالمشرع الدستورى ترك طريقة تحديد الأساس الذى ستجرى عليه الانتخابات البرلمانية للقانون وبدوره قام الرئيس السابق عدلى منصور بإصدار القانون رقم 22 لسنة 2014 والذى نظم عملية الانتخابات استنادا لنص المادة رقم 102 فقرة 3 وهو ما رآه المشرع القانونى وقتها أنه استند إلى نص دستورى لوضع القانون، ولفت الدكتور عبدالنبى الانتباه إلى أن القانون الحالى المنظم لعملية الانتخابات قد يكون غير دستوري لأن المادة التى استند عليها واضعو القانون فى الدستور ليست دستورية بالأساس وتتعارض بشكل كبير مع نصوص المواد رقم 4 و9 و53 و72 من الدستور. وشدد الدكتور عبدالنبى على أن الفصل فى دستورية البرلمان القادم من عدمه سيتوقف على أن هل تقسيم الدوائر يتماشى مع التوزيع العادل للسكان والمحافظات؟ فلو راعت الدولة ذلك فإن هذا الدستور سيكون دستوريا وإذا لم يراعِ التوزيع العادل سيكون فى هذه الحالة قانونا غير دستوري. وفى الأخير رد الدكتور عبدالنبى على القول بأن البرلمان القادم ربما يعد غير دستوري لصدور قانون تقسيم الدوائر قبل صدور قانون ترسيم حدود المحافظات موضحا أنه لا طعن على الدستورية ما دام هناك تمثيل حقيقى وعادل للسكان فى مصر بغض النظر عن أسبقية صدور أحد القانونين أما إذا أثبت الواقع والتجربة أن مجلس الشعب القادم لم يقم بتمثيل كل أطياف الشعب بالشكل الأمثل فإن هذا سيعد مخالفة دستورية مما يمكن معه الحكم بعدم دستورية المجلس، وفى الختام أوضح الدكتور عبدالنبى أن العبرة هى بالتمثيل العادل للشعب داخل البرلمان بغض النظر عن أسبقية صدور أى القانونين. من جانبه أكد نبيل زكى المتحدث الإعلامى باسم حزب التجمع على أن مشروع تقسيم الدوائر يعد عملاً جيداً حيث إنه يقوم بعمل تناسب جيد وتكافؤ للفرص بين الناخبين والمرشحين، وبالتالى القانون بشكل عام لا بأس به. وتحفظ زكى على مشروع تقسيم الدوائر ببند واحد وقال كان ينبغى أن يكون متوسط عدد الناخبين فى الدائرة الواحدة لا يزيد على المائة ألف بدلا من 130 ألفا حسبما جاء فى مشروع القانون، وذلك حتى يتسنى للناخب أن يكون على دراية كاملة بكل المرشحين وتوجهاتهم التى سترسم توجهات الوطن فى المستقبل. وشدد زكى على ضرورة أن نكف الجدل حول قانون تقسيم الدوائر لأنه يوجد من يتدارسه بشكل جيد الآن ونبدأ فى الحديث عن إجراءات الترشح والقواعد التى وضعتها اللجنة العامة للانتخابات البرلمانية من حظر لاستخدام دور العبادة فى الدعاية الانتخابية وحظر استخدام المال السياسى والدين فى الشعارات الانتخابية.