مازال مسلسل الفساد داخل أروقة البنوك العامة عرضا مستمرا، إلا أن الفساد داخل بنك التنمية والائتمان الزراعي زاد عن الحد حتى زكمت منه الأنوف.. هذا ما أكده الدكتور فتحي هلال، رئيس النقابة المستقلة للعاملين ببنك التنمية والائتمان الزراعي، الذي قال في تصريحات خاصة ل» النهار» إن هناك مخططاً من قبل البعض لإسقاط البنك الأمر الذي دفع العاملين به لتنظيم وقفتين احتجاجيتين خلال العام الجاري لمنع هذا الفساد، موضحاً أن رئيس مجلس إدارة البنك أصر على إبقاء عضوين بمجلس الإدارة بالبنك رغم بلوغهما سن التقاعد، وهم مصطفي الصفتى وناهد عبد الحليم العطافي، فرغم انتهاء صلتهما القانونية بالبنك، إلا أنهما ما زالا يمثلان حصة رأس مال البنك الرئيسي وهذا الأمر يعد مخالفاً قانونياً، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل استعان رئيس البنك بعدد من المستشارين المتقاعدين- على المعاش- والذين كانوا يعملون بالبنك الأهلي. وأوضح هلال أن النقابة لم تقف عاجزة أمام الفساد المتراكم داخل البنك، إذ إنها قامت برفع دعوى قضائية أمام مجلس الدولة من أسبوعين تختصم فيها كلاًّ من رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي ووزير الزراعة، وتطالب بإلغاء القرار 150 لسنة 2014 الصادر من وزير الزراعة السابق أيمن أبو حديد بشأن تكليف عطية سالم عطية بتسيير أعمال بنك التنمية والائتمان الزراعي لاسيما وأن هذا القرار يعد باطلاً ومخالف قانونياً خاصة وأن المادة رقم 11 من القانون 117 لسنة 1976 الخاص ببنك التنمية والائتمان الزراعي، تنص على تعيين رئيس مجلس إدارة البنك ونائبيه بقرار رئاسي أو من يقوم بتفويضه في هذا، وهو رئيس مجلس الوزراء، وهذا الأمر لم يحدث على الإطلاق، إذ إن وزير الزراعة السابق أيمن أبو حديد هو من قام بإصدار قرار تكليف لعطية سالم ومازال القرار سارياً حتى الآن، موضحاً أن النقابة تتوقع بأن يقف القضاء في صفها وذلك لأن ما بني على باطل فهو باطل. وتابع هلال حديثه ل»النهار» قائلاً: إن القرارات المتخبطة التي اتخذها وزير الزراعة السابق أيمن أبو حديد بتكليف عطية سالم لتولي أمور البنك تسببت في حدوث الكثير من المشاكل المالية والإدارية للبنك مما جعلته على حافة الإفلاس والانهيار، لافتاً إلى أن النقابة لم تصمت أمام سلسلة المشاكل التي تعوق مسيرة البنك وقامت على الفور بتقديم خطاب عاجل لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء إبراهيم محلب بسرعة حل هذه الأزمة لإنقاذ البنك من الانهيار الذي بات غارقاً فيه. وأوضح هلال أن الفساد المالي داخل البنك لم ينته بعد، قائلاً إن عطية سالم رئيس البنك قام نهاية يونيو الماضي بصرف حوافز مميزة ل18 إدارة عليا بالبنك على مستوى الجمهورية، دون وجه حق، موضحاً أن هذا الأمر يخالف تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات- التي أصدرها الجهاز أول يوليو الماضي- والتي أكدت عدم أحقية صرف حوافز مميزة لهذه الجهات وطالبت بسرعة رد هذه المبالغ لخزينة البنك مرة أخري إلا أن هذا الأمر لم يحدث حتى الآن، ولم ينته الأمر عند هذا الحد بل استمر مسلسل إهدار المال العام بالبنك بعدما وافق سالم أيضاً في أواخر أكتوبر الماضي على صرف مبالغ مالية لعدد من القيادات بالبنك دون الكشف عن السبب وراء ذلك وهذا ما قام الأخير بالموافقة عليه في كتاب الشئون القانونية بالبنك الرئيسي رقم 707. وكشف هلال بالمستندات- والتي حصلت «النهار» على نسخة منها - عن عدد من المخالفات المالية بقطاع دمياط، إذ تم صرف مبالغ مالية أيضاً لرؤساء القطاعات والمديرين بالبنك كحوافز مميزة تقدر بمئات الآلاف وهذا الأمر يخالف تماماً تقارير وتعليمات الجهاز المركزي للمحاسبات، مؤكداً أن النقابة المستقلة للبنك لم تصمت أمام هذه المهازل ولجأت للقضاء وقامت برفع دعوي قضائية تحمل رقم 5111 لسنة 2014 مدني كفر سعد ضد رئيس البنك لاتهامه بالفساد المالي والإداري وإلزام البنك بوقف صرف مستحقات أحد رؤساء القطاعات السابقين وإلزام البنك، في الوقت ذاته بإلغاء الكتاب رقم (707) بالمخالفة لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات بدمياط. سلسلة الاتهامات التي وجهها هلال لرئيس بنك التنمية والائتمان الزراعي لم تنتهِ بعد، إذ أكد أن عدد المتعثرين بالبنك والذي لم يتم عمل تسوية مالية لهم يبلغ عددهم 267 ألف متعثر ورغم هذا العدد الكبير إلا أن عدد المتعثرين الذي قام البنك بعمل تسوية لهم يبلغ عددهم 950 متعثرا وهذا الأمر يؤكد تقصير رئيس البنك في عمل تسويات لمديونيات الفلاحين فضلاً عن أن هذا الأمر يعكس عدم مصداقية البنك في تأكيداته المستمرة بأنه يسعي لعمل تسويات لمديونيات الفلاحين لتخفيف الأعباء المالية عن كاهلهم. واستكمالاً لهذا الأمر، أوضح هلال، أن رئيس البنك يصدر بيانات غير صحيحة ولا تمت للواقع بصلة وذلك في محاولة منه لكسب تأييد الرأي العام وتفخيم إنجازاته،إذ أكد خلال أحد البرامج التليفزيونية أن حجم خسائر البنك خلال العام المالي 2013-2014 بلغت257 مليون جنيه، وهذا الأمر خاطئ إذ إن حجم خسائر البنك بلغت 818 مليون جنيه، وفقاً للموازنة التقديرية للعام المالي المنصرم، وهذا الأمر يتنافي تماماً مع القانون رقم 22 لسنة 2013 الخاص بربط الموازنة التقديرية للبنك. وأوضح هلال أن فساد عطية سالم لم يتوقف على ذلك بل شارك في بيع أصول الشركة المصرية للتنمية الزراعية المملوكة للبنك، بأقل من 10% من قيمتها، بحجة تحقيقها خسائر فادحة، وذلك في مزاد تم عقده في شهر مايو الماضي، إذ إن عملية البيع نصت على سداد 10% من قيمة الأصول وباقي المبلغ على خمس سنوات أي تم بيعها بالتقسيط المريح، الأمر الذي أثار جدلاً واعتراضاً ضد عطية سالم من قبل النقابة ومن ثم اتسعت دائرة الحرب بين الطرفين حتى الآن، لافتاً إلى أن البلاغات الكيدية التي يرفعها سالم ضد النقابة والحرب الشرسة الذي يشنها ضد النقابة لن تمنع قيادات النقابة عن أداء دورهم لإنقاذ البنك وخدمة مصالح العاملين به. وطالب رئيس النقابة المستقلة لبنك التنمية والائتمان الزراعي، رئيس الوزراء إبراهيم محلب بضرورة تكليف قيادة مصرفية لتولي إدارة البنك وإقالة عطية سالم، في ضوء مسلسل نزيف الخسائر الذي يتعرض له البنك يوميا فضلاً عن الفساد المالي والإداري الذي تم الكشف عنه.