تنتشر زراعة زهور الياسمين بمحافظتي كفر الشيخوالغربية، وتتخذ مرتبة عالية بين الزهور التي تتميز بسوق رائجة بمختلف المناسبات، إضافة إلى تصديرها إلى الخارج لاستخراج العطور منها، ومع ظهور آلاف الإصابات بين العاملين في جمع تلك الزهور بأمراض فتاكة، حاولت «الشروق» الوقوف على تلك الظاهرة، والتعرف على أسبابها. يقول الدكتور محمود حمدي، طبيب الأنف والأذن والحنجرة بمحافظة كفر الشيخ، «إن انتشار زراعة زهور الياسمين في محافظتي كفر الشيخوالغربية، تسببت في إصابة الآلاف من الأطفال والسيدات بسرطان الأنف والرئة بالمحافظتين، موضحا أن النصيب الأكبر من الإصابات يكون بين العاملين في هذا المجال بسبب القيام بقطف الزهور بعد ساعات الفجر مع انتشار روائحها مع قطرات الندى والبرودة الشديدة في ذلك الوقت وعدم وجود أدوات للوقاية»، على حد قوله. وأضاف حمدي، «إن زهور الياسمين يعد ناقلا قويا للفيروسات المسببة للأمراض الفتاكة التي تتكون على أسطح أوراق الزهور في فترات الليل ومع انتشار الندى وتساقطه على الزهور يسهل انتقالها إلى البشر وهو ما يتسبب في دخول تلك الفيروسات إلى الجهاز التنفسي ودخوله إلى الشعب الهوائية ثم الرئتين، فتصيب الإنسان بالأمراض السرطانية والحساسية الشديدة»، حسب تعبيره. ويضيف حسن متولى، أحد ضحايا مرض السرطان بمحافظة الغربية، «كنت أعمل باليومية في مزرعة زهور الياسمين بمركز طنطا مقابل 40 جنيها يوميا وكانت ساعات العمل بعد ساعات الفجر مباشرة وحتى الثامنة صباحا، ورغم ارتداءنا ملابس ثقيلة إلا أن الجو يكون دائما برد مع وجود قطرات الندى بكثافة على الزهور، ما كان يصيبنا بمشاكل في التنفس، ومع مرور الوقت شعرت بالتعب فذهبت للطبيب، فاكتشفت إصابتي بسرطان الرئة وربو وحساسية مفرطة»، لافتا إلى أنه عندما ذهب إلى صاحب المزرعة ليخبره بإصابته طرده من العمل، ولم يجد مسئول ينصفنه، قائلا: «أنا لا أعرف أين أذهب فعندي أسرة من 5 أفراد؟»، على حد ثقوله. نبوية مصطفى، ضحية أخرى في مهنة جمع زهور الياسمين من محافظة كفر الشيخ، تقول «كنت أعمل 3 أيام في الأسبوع بمزرعة كبيرة في مركز مطوبس مقابل 50 جنيها يوميا، ونقوم بجمع الزهور في سيارات ضخمة، منها ما يذهب لمصانع العطور بمدينة طنطا وجزء كبير يتم تصديره إلى دول أوروبا»، على حد وصفها. وتابعت مصطفى، «كنت أشعر بالتعب يوميا ولكنى اعتقدت أنه من شدة البرد والقيام باكرا للعمل، إلا أن الألم اشتد بي فذهبت إلى مستشفى جامعة طنطا وأجريت التحاليل والإشاعات فاكتشفت إصابتي بحساسية مزمنة وربو شديد، وحذرني الأطباء من تكرار العمل في هذه المهنة، وصرحوا لي بعلاج لم أستطع شراءه بسبب ضيق العيش فساءت حالتي بشدة، ولا أعلم ماذا أفعل؟»، حسب تعبيرها. من جانبها، قالت مرفت المصري، مسئول الإعلام بجمعية رسائل الغد الحقوقية لجمعيات المجتمع المدني بمركز الغربية: «إن ازدياد العمالة في جمع زهور الياسمين تسببت في انتشار الأمراض المختلفة بالمحافظة»، مشيرة إلى أن الجمعية قامت بعمل دورات توعية لأكثر من 400 شاب وفتاة، إضافة إلى العمل الميداني بأكثر من منطقة بالمحافظة والمناطق المجاورة لتوعية بمخاطر العمل في جمع الورود عامة وزهور الياسمين خاصة فى فترات البكور على الصدر والرئتين والبشرة والجلد وطرق الوقاية من الأمراض وطرق إيجاد فرص عمل أخرى من خلال التدريب. وتؤكد المصري أن الجمعية طالبت عددا من المسئولين بالمحافظة بتجريم العمل في المهنة ومنعها تماما نظرا لمخاطرها على الصحة العامة وتسببها في وفاة الآلاف من الشباب والفتيات والأطفال بسبب إصابتهم بأمراض خبيثة مختلفة جراء هذه المهنة، ولكن لم يرد علينا أحد. ويرى المهندس إبراهيم مروان، رئيس مجلس مدينة بلطيم، أن مصانع العطور بالمنطقة إن كانت مضرة على الصحة ويجب إغلاقها لابد أن يتم ذلك من خلال العديد من الإجراءات من قبل الحكومة، إضافة إلى تدخل وزارة الصحة لتأكيد مدى خطورة الضرر، لافتا إلى أن المنطقة الصناعية ببلطيم بها عشرات المصانع من بينها مصانع العطور وهى مرخصة من البيئة والمنطقة الصناعية ومستوفاة لجميع الشروط البيئية والصحية ولا توجد شكاوى منها. صاحب مزرعة زهور الياسمين، خالد متولى، يقول: «أنا أزرع 30 فدانا من الياسمين في مركز بسيون بمحافظة الغربية لبيعها إلى مستثمرين بهولندا لاستخراج العطور، ويعمل بالمزرعة 20 شخصا فى جمع الزهور وتجميعها للمشتريين»، مشدد على أن كل عامل يحصل على حقة كاملا. وأضاف، «أمراض نسمع بها من وقت إلى آخر ولا أصدق أن أجمل الزهور تصيب الأشخاص بأمراض خبيثة، وأن تلك الأفكار سوف تؤدى إلى توقف الاستثمار في البلاد وسوف تؤدى الى انتشار البطالة بين الشباب».