لم يتغير موقف جيمي كارتر من الوضع السياسي المصري بعد ثورة 30 يونيو على طول الخط، فكارتر أعلن أكثر من مرة انحيازه للرئيس المعزول محمد مرسي، وانتقد عملية التحول الديمقراطي، وعدم اقتناعه ب خارطة الطريق.ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أعلن أيضا في بيان رسمي، قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية، أن مركزه لن يراقب العملية الانتخابية، وأنه سوف يكتفى بالمتابعة، معتبرًا أن التحول الديمقراطي في مصر يقف على حافة الهاوية. ووصل الأمر إلى نهايته منذ عدة أيام، بعدما أعلن كارتر إغلاق مركزه الحقوقي بالقاهرة بسبب ما اعتبره وضعا سياسيا خانقا، والتضييق على المجتمع المدني. وأعلن المركز في بيان له الخميس الماضي أنه قرر غلق مكتبه في القاهرة لعدة أسباب كان من بينها عدم إمكانية الانتخابات المقبلة لتقديم تحول ديمقراطي حقيقي في مصر ومواجهة كل من المجتمع المدني المصري والمنظمات الدولية لبيئة مقيدة بشكل متزايد، تعوق قدرتها على إجراء متابعة ذات مصداقية للانتخابات. وقال الرئيس الأمريكي الأسبق في البيان البيئة الحالية في مصر لا تساعد على الانتخابات الديمقراطية الحقيقية، والمشاركة المدنية، كما أعرب عن أمله في تغيير السلطات المصرية الخطوات الأخيرة، التي تحد من حقوق التجمع، وتكوين الجمعيات، وتقيد عمليات مجموعات المجتمع المدني المصري, كما حثها على اتخاذ خطوات لضمان الحماية الكاملة لحقوق المصريين الديمقراطية الأساسية، بما في ذلك الحق في المشاركة في الشئون السياسية، والحريات الأساسية لتكوين الجمعيات، والتجمع، والتعبير. كما أوصى باعتماد قانون جديد ينظم المجتمع المدني، بما يتفق مع الحمايات المنصوص عليها في دستور مصر الجديد، داعياً إلى تمكين كل من المجموعات غير الحزبية، وكذلك المنظمات الدولية، من القيام بعملها دون قيود تحد من الوصول والفعالية والمصداقية، بحسب البيان. الوسط الحقوقي المصري، انقسم حول خطوة إغلاق المركز، حيث اعتبرها البعض أمرا غير مؤثر على سمعة مصر دولياً، ولا على نزاهة الانتخابات البرلمانية المقبلة، فيما رأى آخرون أن الخطوة التي اتخذها المركز الأمريكي قد تكون مؤشراً على قرب إغلاق منظمات حقوق الإنسان، وخاصة مع قرب انتهاء المهلة الحكومية، التي بموجبها إما أن توفّق هذه المنظمات أوضاعها طبقاً لقانون الجمعيات الأهلية، أو توقف نشاطها نهائياً، وأيضاً أن توفّقها في ظل المادة 78 من قانون العقوبات، وهي مادة صدق عليها رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، لتقييد عملية تلقي التمويل الأجنبي بشكل استثنائي، بل إنها تقر عقوبة الإعدام والأشغال الشاقة على من يتلقونه بهدف الإضرار بالبلاد. من جانبها أعلنت وزارة الخارجية المصرية أنها فوجئت بما صدر مؤخرًا عن مركز كارتر للديمقراطية، بشأن اتخاذ إدارة المركز قرارًا بإغلاق مكتبها بالقاهرة؛ وادعاءاتٍ تتعلق بالتضييق على أنشطة المجتمع المدني، والأحزاب السياسية، قبل إجراء الانتخابات البرلمانية. وذكرت الخارجية، في بيانٍ لها أن هذا الأمر الذي يتناقض مع ما تم إخطار الوزارة به في كتابٍ رسمي من المدير الإقليمي للمركز، منذ شهرين، يتقدم فيه بالشكر إلى السلطات المصرية على تعاونها مع المركز على مدار السنوات الثلاث الماضية، مما كان له بالغ الأثر في تسهيل مهمته في متابعة خمسة استحقاقات دستورية منذ ثورة 25 يناير، وأضاف البيان أنه لا شك أن ذلك التناقض يعكس حالة من الازدواجية في مواقف المركز، خاصةً أن خطاب مدير المركز في أغسطس الماضي نوه بأن قرار الغلق جاء لاعتبارات لوجستية بحتة . حزبياً، هاجم عدد وافر من الأحزاب المدنية مركز كارتر واعتبروه جزءاً من مؤامرة دولية على مصر، فيما هلّل أنصار «جماعة الإخوان» للخطوة، واعتبروها صفعة قوية على وجه الانقلاب، على حد تعبير القيادي الإخواني، هيثم أبو خليل، مدير مركز ضحايا حقوق الإنسان. طارق فهمى: المراكز الأجنبية تهدد الأمن القومي المصري الخبير الإستراتيجى وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة طارق فهمى كان له تعليق آخر على قرار غلق مركز كارتر حيث أكد أن عمل المنظمات الأجنبية كان مقبولا في مراحل معينة لاعتبارات عديدة في فترة مبارك وفترة الإخوان . وقال فهمي اليوم بعض هذه المراكز خرجت عن الإطار في ممارسة عملية التحول السياسي الديمقراطي لأنها تناقش قضايا تمس الأمن القومي المصري وقامت بمحاولة اختراق سابقة للأمن القومي المصري تحت مسمى دراسات ميدانية وجلسات استماع كما قامت بعمل علاقات غير مشروعة ومباشرة مع منظمات مجتمع مدني مشيرا إلى واقعة قيام السفير الأمريكي السابق قبل أن يغادر موقعه بإعطاء مليون دولار لبعض منظمات المجتمع المدني لمناقشة الديمقراطية وقال طارق فهمي القضية ليست قضية مركز كارتر، القضية تتعلق بطبيعة عمل هذه المراكز في مصر في هذا التوقيت مؤكدا أن عمل تلك المنظمات وممارسة البحثية يجب أن يكون له ضوابط خصوصا بعد ثبات تدخل السفارة الأمريكية في عمل العديد من تلك المراكز والهيئات. كما أكد فهمى أن الدولة وضعت عمل المنظمات الدولية تحت ضوابط وأنه من المفترض أن تعرف الدولة من أين يأتي دخل هذه المنظمات وقانون المنظمات الدولية وتعديلاته الأخيرة صدر في هذا الإطار واليوم هذه المنظمات تمارس دورها وسط المنظمات المصرية, مؤكدا أنه كما تعلن المنظمات المصرية عن مصادر دخلها وتمويلها يجب على المنظامات الأجنبية أن تفعل المثل إذا كانت تريد تأدية دورها داخل مصر. وقال فهمي إنه لا توجد دولة لا تضع شروطا لعمل المنظمات الدولية, الولاياتالمتحدة نفسها تضع سبعة شروط رئيسية لممارسة أي عمل بحثي على أراضيها , كذلك الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا تمنع ممارسة العمل البحثي طالما لا يعمل تحت إشراف جامعة أو مؤسسة أكاديمية. وقال أيضا جميع الدول تمنع وجود مراكز أجنبية على أراضيها ولا تستثني من ذلك إلا المؤسسات أو المنظمات الدولية أو الإقليمية. وفيما يتعلق بالاستحقاق الدستوري الأخير أكد فهمي أن الانتخابات بكل ما يتعلق بها من إجراءات شأن داخلي وأمن وطني وليس من شأن أي منظمة التدخل فيه كما قال هذه المراكز تحاول نقل صورة غير حقيقية عما يجري في مصر ولا تزال تردد بعض العبارات وبعض المواقف التي تعلنها جماعة الإخوان المسلمين. منيب: هناك جماعات تتربص بالأوضاع المصرية ومن جانبه قال محمد منيب جنيدى رئيس المركز الإفريقى للديمقراطية ودراسات حقوق الإنسان إن على النظام في مصر والحكومة والسيد الرئيس الأخذ في الاعتبار هذا القرار الصادر من مؤسسة كارتر, ولا ينبغي الاستخفاف من مثل هذه المواقف الصادرة من منظمات دولية لها سمعة ووزن على المستوى الدولي, خصوصا أن الأمر يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان من زاوية والتضييق على العمل السياسي والأحزاب المختلفة من زاوية, بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني من زاوية ثالثة. كما أكد جنيدي أن مواجهة المشاكل الداخلية بحسم وبوضع رؤية وخطة معلنة على الرأي العام فضلا عن إنجاز الاستحقاق الدستوري الأخير وهى انتخابات النواب واتخاذ قرارت اقتصادية لصالح الفقراء, ومحاسبة الفاسدين في أجهزة الدولة ومؤسساتها هى الإجراءات الوحيد الكفيلة لأن توقف الموقف الذي اتخذه مركز كارتر, خاصة إذا تم بمواجهة موضوعية صحيحة بعيدا عن توجيه السب واللعن لمن ينتقد الأوضاع الداخلية, خصوصا وأن هذا الموقف هو بمثابة كرة الثلج التي ستكبر وستنمو ولسوف يلحق بمركز كارتر مؤسسات أخرى مما سيزيد الموقف صعوبة وتعقيدا مؤكدا أن الإسراع في اتخاذ إجراءات لحل المشاكل الساخنة والعاجلة هو حل لابد منه. وقد أشار جنيدي إلى أن هناك جماعات تتربص بالأوضاع في مصر وتستغلها في الترويج ضد النظام القائم والسياسات التي يفترض أن تكون جديدة لكي تحقق أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو وهى باختصار الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية. وأضاف وإذا أخذنا في الاعتبار هذه المحاولات من بعض القوى الخارجية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية للسيطرة على القرار السياسي المصري فعلى صانع القرار أن يتذكر دائما أن هذه القوى الداخلية الرافضة والقوى الخارجية التي لا تريد لمصر الاستقرار في الداخل تروج له وتصوره بصورة أكبر من حجمه الطبيعي لكنها في النهاية ترتكز على أساس صحيح في الداخل، مشيرا إلى ذلك بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي لم تشهد تحسنا أو تطورا ملحوظا مع استمرار قانون التظاهر المرفوض من كافة القوى الشعبية والسياسية ومظاهر استخدام العنف من طلبة الجامعة من الناحية الأخرى. عبد الحافظ: على الخارجية أن ترد على كارتر.. وإغلاق المركز لا يحرج مصر وعلى جانب آخر أكد الناشط الحقوقي سعيد عبد الحافظ مدير ملتقى الحوار للتنمية أن قرار مركز كارتر بتعليق أنشطته في مصر بكل ما ورد به من حيثيات وجه للخارجية المصرية ولم يوجه للشعب المصري أو الرأي العام أو المنظمات المدنية المحلية, والجهة الوحيدة المنوطة للرد على هذا القرار هى الخارجية المصرية وعلى المستوي الشخصي قال عبد الحافظ إن المجتمع المدني ليس معنيا كثيرا بقرار أي منظمة بالعمل أو بعدم العمل في مصر, لأننا لسنا جهة اختصاص. وأضاف أن مركز كارتر قد يكون لديه من الأسباب التي تمنعه من العمل في مصر وفي المقابل هناك العشرات من المنظمات الدولية التي لا تزال تعمل بمصر. وفيما يتعلق بقيام مؤسسات أخرى باتباع نهج مركز كارتر وإيقاف أنشطته قال عبد الحافظس: , لتنظيم عمل المنظمات الدولية كما منعت منظمات ووفود أجنبية من الدخول لمصر وكانت هذه الإجراءات أكثر قوة من الإجراء الذي اتخذه كارتر بغلق مكتبه في القاهرة ورغم ذلك لم توقف المنظمات التي تعمل في مصر نشاطها. وأكد سعيد أنه مع الإجراءات التي اتخذتها الدولة لتنظيم عمل المؤسسات الدولية في مصر وذلك لفرض سيادتها طالما لم تمنع تلك الإجراءات تلك المنظمات من أداء دورها. وفيما يتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة أكد عبد الحافظ : أنه ليس هناك أي مقدمات أو دلائل تؤكد أن تلك الانتخابات ستكون غير شفافة أو نزيه وأن اعتقاد كارتر بذلك يعتبر تنبؤا بالمستقبل أو أنه يمتلك قوى خارقة. كما أكد سعيد أن الاعتقاد بأن موقف منظمة دولية كمركز كارتر سيحرج دولة كبيرة كمصر دوليا هو خطأ كبير لا يجب أن نقع فيه, مؤكدا أن رأي مركز كارتر فيما يحدث في مصر يخضع لميزان وهوى القائمين عليه وهم عدد قليل من الأفراد.