من جديد تعالت أصوات المطالبين بتعديل قانون التظاهر خلال الأسابيع الماضية مستخدمين سلاح "الأمعاء الخاوية " كوسيلة للضغط على الحكومة ثم انطلقت الإشاعات بأن الحكومة بالفعل قامت بتعديل القانون وهذا ما نفاه المستشار محفوظ صابر وزير العدل قائلا إن الحكومة لا يوجد لديها أى نية للتعديل مؤكدا أن "القانون الصادر مازال ساريا حتى هذه اللحظة وداعيا المواطنين إلى ضرورة الالتزام به حرصا على الصالح العام". إلا أن محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ طالبت الحكومة بإعادة قراءة قانون التظاهر ليتفق مع التوجه الديمقراطى وقررت المحكمة إلغاء قرار إحدى الهيئات القومية المستقلة فى المحافظة، بنقل أحد الموظفين من وظيفته إلى وظيفة أخرى درجتها أقل بسبب مشاركته فى إحدى المظاهرات، وما يترتب على ذلك من آثار وتمكينه من العودة إلى عمله الأصلى، باعتبار أن ما أتاه تعبيراً عن حقوقه المشروعة فى التظاهر السلمى .. والسؤال الآن:هل التوقيت مناسب لتعديل قانون التظاهر مع بداية العام الدراسى الجديد واستغلال الجماعات الإرهابية لطلاب الجامعات فى إثارة الشغب وأعمال التخريب ولماذا لا ننتظر أشهرا قليلة لحين انتخاب البرلمان الجديد والمنوط به إجراء التعديلات على القوانين . الظروف لا تسمح فى البداية يعترض حسام الخولى أمين عام مساعد حزب الوفد على تعديل قانون التظاهر فى هذا التوقيت لأن أجهزة الأمن لم يتقدم لها أى حزب بطلب للخروج فى مظاهرة وتم رفضه كما أن الظروف الحالية لا تسمح بأى توترات فضلا عن أننا بعد ثورتين شعر خلالهما المواطن المصري أنه حصل على حريته ولن يتنازل عنها أبدا وبالتالي من الممكن تعديل قانون التظاهر فيما بعد, خاصة وأن هذا القانون هو الذي واجه مظاهرات الإخوان وقلل من أعدادها فى الشارع كما استجاب له المواطن العادي بدليل اختفاء المظاهرات الفئوية تقريبا مما ساعد على استتباب الأمن , بل إن الناس أصبح لديها حالة من الاحتقان من أي تظاهرة أو أى تيارات شعبية ممكن تخرج إلي الشارع . فكيف يتم تعديله فى الفترة الراهنة خاصة بعد زيارة جون كيرى وتصريحاته الأخيرة بأن مشكلة أمريكا الوحيدة مع مصر هى قانون التظاهر وبالتالى الحديث عن تعديل القانون في هذا التوقيت أمر مستفز. ابتزاز سياسي ويرفض اللواء ضياء عبد الهادى مساعد وزير الداخلية الأسبق فكرة ابتزاز الدولة والضغط عليها لتعديل قانون أو الاعتراض على حكم قضائى ما، سواء من خلال المظاهرات أو معركة "الأمعاء الخاوية" أو غيرها من أساليب الضغط . مضيفا أنه أسلوب لا يختلف كثيرا عن فكرة المظاهرات الفئوية التى خرجت بكثافة أيام رئاسة الدكتور عصام شرف للوزارة وكان يستجيب لها مما كلف الدولة الكثير . ويقول اللواء عبد الهادى إن القانون رسم الطريق للاعتراض عليه فهناك الطعون والاستئناف واعادة النظر وهناك أيضا البرلمان وهو الوحيد الذى من حقه تعديل أو الغاء القوانين فلننتظر لحين انتهاء الانتخابات ليقوم بهذه المهمة أما الضغط على الجهاز التنفيذى لإلغاء قانون أو تعديله فهذه جريمة . واذا كان التظاهر فى حد ذاته من مكتسبات الديمقراطية فبالتالى تنظيمه أمر واجب كما يقول اللواء عماد أبو الفتوح مساعد وزير الداخلية الأسبق مضيفا أن التشريع هو الذى ينظم هذا الحق إذا كنا نريد دولة ديمقراطية , فالديمقراطية ليست صندوقا فقط وإنما هناك مجموعة من الاعتبارات. ويشير إلى أن المصريين للأسف اعتبروا التظاهر نوعا من الفوضى خلال الثلاث سنوات الماضية وبالتالى الأمر عندنا فى حاجة إلى رفع درجة الوعى والممارسة لحق التظاهر وفى ضوء سوابقنا مع التظاهر وأيضا رؤيتنا المستقبلية له وتوجهات الرأى العام حاليا الرافضة للفوضى والتخريب يجب أن يكون قانون التظاهر دون تعديلات إلا بعد انتخاب مجلس تشريعي. ازدواجية أما محمد شبانة عضو مجلس الشعب السابق فيرى أن قانون التظاهر صدر فى ظروف معينة ولكنه ليس قانونا استثنائيا أو مؤقتا مثل قانون الطوارئ, كما أنه صدر قبل الدستور وبالتالى لا يجوز أن يطبق قانون يتعارض مع الوثيقة التى استفتى عليها الشعب . كما تم تشكيل لجنة إصلاحات تشريعية لمقارنة القوانين التى صدرت قبل الدستور . ويشير شبانة إلى ازدواجية القوانين حيث إنه حاليا يطبق قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 والذى أصدره الاحتلال الإنجليزى وقانون التظاهر الحالى ويضيف نحن مع قانون ينظم مسألة التظاهر ولكن مع مراجعته باستمرار لتجنب ما ينتج عن التطبيق من سلبيات. وتحدث شبانة على سبيل المثال عن المادة الثانية التى تتحدث عن تنظيم التظاهرات والمواكب والاجتماعات والتى تضع شرط الأخطار خلال 24 ساعة كما يحظر على المشاركين فى الإخلال بالأمن والنظام العام وهى كلمات مطاطة جدا . ويرى أنه فى حالة التعديل لا بد من إلغاء قانون التجمهر وإلغاء مسألة لجوء المتظاهر للحصول على حكم قضائى, مشيرا إلى ضرورة إصدار لائحة تنفيذية للقانون حيث إنه ينفذ حاليا بدونها. مكسب سياسى أما فريد زهران القيادى بالحزب المصرى الديمقراطى فيقول إننا لا شك ندافع عن حق التظاهر السلمى وبالتالى ندين كل من يمارس العنف ونطالب بتطبيق القانون عليه ولكن كل من يطالب بحقوقه فى حاجة الى ديمقراطية وحرية للتعبير عن الرأى وهذا أمر كفله الدستور, ويضيف زهران أن التجارب السابقة مع مبارك تعلمنا منها أن الديمقراطية يجب ألا تكون مشروعا مؤجلا, فقد فرطنا فيها فى الوقت الذى كان الإرهاب هو القوى الوحيدة التى تنمو تحت الأرض . و أضاف الناس فاهمة أن قانون بالموافقة على قانون التظاهر حماية واستقرار للبلد وهو نفس المنطق الذى استخدمه الناس عندما وافقوا على دستور صبحى صالح وطارق البشرى 20111 والذى غير مسار ثورة يناير تماما . أما الدكتور عاشور عبد الجواد أستاذ القانون بجامعة بنى سويف يرى أن هناك حالة من الاحتقان السياسى فى الشارع وإذا بادرت الحكومة بتخفيف بعض بنود القانون خاصة فيما يتعلق بمادة الإخطار فهذا سيساعد فى تخفيف الاحتقان وتؤكد الدولة فى هذه الحالة مصداقيتها فى احترام حقوق الإنسان وهذا مكسب سياسى فى حد ذاته, وفى نفس الوقت تشديد التواجد الأمنى فى الجامعات وهو ما تم بالفعل لتجنب تكرار أحداث الشغب .