ودعت مساجد الأقصر، شهر رمضان المعظم في آخر أيامه، بعبارات التوحيش، التي تعبر عن حزن الناس على انقضاء الشهر الكريم وإحساسهم بالوحشة لغيابه، وافتقادهم لأجوائه العامرة بالخشوع والمحبة والتواصل. وكما جرت العادة عند المسلمين بالأقصر أن يحتفلوا باستقبال شهر رمضان المبارك بالحفاوة والتكريم وإقامة مظاهر الفرح والسرور للتعبير عن ترحيبهم بإطلالته بعد طول شوق وانتظار، فقد جرت العادة في المقابل، أن يودعوه بالحفاوة والتكريم نفسهما في العشر الأخيرة إنما بمظاهر الألم والحزن والتحسّر لقرب رحيله، فكانت الأيام العشر الأخيرة من رمضان تسمى ب "أيام التوحيش"، وكلمة التوحيش من الوحشة التي يشعر بها الصائم لمفارقة شهر رمضان. كانت مساجد الأقصر، قد بدأت " التوحيش " مع دخول العشر الأواخر من رمضان عقب كل آذان وخاصة قبل أداء صلاة التراويح، حيث يصبح التحسر على انتهاء الشهر الكريم متجسدًا في العديد من المظاهر، خاصة في الإنشاد، ويطلق مصطلح " التوحيش " على فراق رمضان، حيث إن معظم الأقوال والقصائد التي يجري إنشادها تبدأ – عادة – بالمطلع: لا أوحش الله منك. حيث يملأ المؤذنون المنشدون فضاء الحي بتوحيشهم الذي يواصلونه من الإمساك حتى آذان الفجر؛ حيث يقوم المؤذن بالتوحيش وفي صوته مسحة من الحزن لقرب فراق الشهر الكريم ووداعه فيقول: " لا أوحش الله منك يا شهر رمضان لا أوحش الله منك ياشهر الصيام لا أوحش الله منك ياشهر القيام لا أوحش الله منك يا شهر الإيمان لا أوحش الله منك يا شهر الصلاة لا أوحش الله منك يا شهر العطاء لا أوحش الله منك يا شهر الزكاة لا أوحش الله منك يا شهر البركات لا أوحش الله منك يا شهر رمضان "