اختلفت آراء القوى السياسية بشأن إعادة تكليف المهندس ابراهيم محلب برئاسة أول حكومة فى عهد الرئيس الجديد عبدالفتاح السياسى ففى حين يرى البعض أن محلب اثبت جدارته فى إدارة المرحلة السابقة بكل تعقيداته بعد أن تولى بديلاً للدكتور حازم الببلاوى ... يرى آخرون أن استمرار محلب يعنى لا جديد فيما يتعلق بالثورة واهدافها حيث يمثل استمراره عصر مبارك وربما سياساته .." النهار " رصدت مختلف الآراء حول هذا الموضوع والتفاصيل فى السطور التالية :- كريمة الحفناوي: إعادة تكليف محلب جاء لكفاءته فى إدارة الحكومة المستقيلة أكدت الدكتورة كريمة الحفناوي، أمين عام الحزب الاشتراكى المصري، أن إعادة تكليف المهندس إبراهيم محلب، بتشكيل الحكومة الجديدة، جاء إلى الكفاءة التى أثبتها فى إدارة الحكومة المستقيلة. وقالت أمين عام الحزب الاشتراكى المصري، فى تصريحات خاصة ل"النهار" إن "محلب" فى الفترة الأخيرة التى تولى فيها إدارة الحكومة فى الثلاثة أشهر الماضية أثبت كفاءة كبيرة، وأظهر أنها حكومة عمل وليس "حكومة جلسات مغلقة"، مشيرة إلى نزول وزراء حكومة محلب المستقيلة إلى أرض الواقع للتعرف على مشاكل المواطنين وحلها، مشدداً على أن ذلك الأمر "مهم فى مرحلة بناء بلد" وإعادة صياغة جميع مؤسسات الدولة. وأضافت "الحفناوي" أن رئيس الوزراء المعاد تكليفه من قبل الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي، أثبت أن الشغل الطبيعى هو شغل على الأرض، وحصل على مصداقية من الشعب، وبالتالى حصل على رصيد جيد لأن يعاد تكليفه مرة أخرى، فضلا عن أنه وضع خططا وموازنة عامة - هى الأكبر فى تاريخ مصر-، إلى جانب أنه لابد من مناقشتها أولا مجتمعيا لعدم وجود برلمان، لابد من إعادة تكليفه لتنفيذ هذه الخطط. وأوضحت القيادية بالحزب الاشتراكى المصرى الذى ساند السيسى فى انتخابات الرئاسة، أنها لا تناقش القرارات التى اتخذتها الحكومة المستقيلة التى ترأسها محلب، لأن القرارات من الممكن أن نختلف معها، ولكنها تنظر من الناحية الفنية وكيفية إدارته للحكومة، مشيرة إلى أنه من هنا إعادة تكليف "محلب" بتشكيل الحكومة الجديد مهم جدا. سعد عبود: بعض الوزراء محسوبون على النظام الأسبق ولن يتصدوا للفساد أكد سعد عبود البرلمانى السابق، أن محاربة الفساد أمر مستبعد من الحكومة الجديدة لأنها لن تحارب نفسها، مشيرا إلى أن المهندس إبراهيم محلب أحد أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل. وقال "عبود" فى تصريحات خاصة ل"النهار" إن كل المقدمات بالنسبة لتشكيل الحكومة الجديدة لا تبشر بالخير، مشيرا إلى أنه من الواضح أن "لوبى الفاسدين يسيطر ويدفع رجاله للحكومة الجديدة، موضحا أن عددا من الأسماء التى رشحت لحقائب وزارية فى الحكومة الجديدة "صف ثان" محسوبة على النظام الأسبق، فضلا عن إعادة تكليف عدد كبير من الوزراء من الحكومة المستقيلة مرة أخرى. وأضاف البرلمانى السابق المنتمى للتيار المعارض، أن رئيس الوزراء المعاد تكليفه هو نفسه محسوب على النظام الأسبق، مستطردا: "قد يكون غير منغرس جدا فى النظام الأسبق، باعتباره كان رجل تكنوقراط، ولكنه كان عضوا فى لجنة السياسات بالحزب الوطني"، وتابع محذرا من أن حكومة محلب الجديدة ستبيع القطاع العام، مضيفا بأنها لا تمتلك رؤية لكل مشاكل الشعب. وشدد "عبود" فى تصريحاته أن حكومة محلب محسوبة على النظام الأسبق، وبالتالى محاربة الفساد بالنسبة لها أمر غير موجود فى خططها لأنها لن تحارب نفسها، وتابع قائلا إن هذه الحكومة لن تقوم بإنجاز أهم ملف يؤرق الشعب المصرى وهو ملف العدالة الاجتماعية، وذلك بحسب قوله. شيماء حمدي: اختيارات الحكومة ضد ثورة 25 يناير قالت شيماء حمدي، عضو المكتب السياسى لحركة شباب من أجل العدالة والحرية، إن الأمن فى عهد محلب ،يقوم بشغله "زى الفل" ضد اهداف ثورة يناير ، لذلك من الطبيعى أن يجدد المهندس إبراهيم محلب تكليفه بتولى حقيبة وزارة الداخلية مجددا. وأضافت عضو المكتب السياسى لحركة شباب من أجل العدالة والحرية، فى تصريحات ل"النهار" أنهم ضد قمع الداخلية ووزيرها الحى الذى وصفته ب"وزير كل العصور" وضد تعذيب الداخلية، مشيرة إلى أنه "لا تراجع عن أهداف الثورة"، وسيستمرون فى النزل للميادين للمطالبة بمحاكمة الضباط الذين قتلوا إخوتنا، والإفراج عن المعتقلين. محلب فى مواجهة الألغام الثلاثة هل ستستمر حكومة محلب الجديدة فى نفس السياسة التى انتهجتها فى الفترة الانتقالية أم أنها ستطرح حلولاً للتحديات التى تواجهها وخاصة منها الأمنية والاقتصادية ؟ سؤال يفرض نفسه بقوة على المتابعين لتطورات الاوضاع فى مصر.. محلب وللخروج من هذا المازق اشار إلى أن حكومته "ستضع خطتها للتنمية وأهم المشروعات الجارى تنفيذها أمام الرئيس ليتخذ ما يراه مناسبا بشأنها". وتواجه الحكومة المصرية الجديدة تحديات داخلية وخارجية تشمل الجانب الامنى والاقتصادى والمصالحة مع الشعب المصرى اضافة الى العديد من القضايا الخارجية كأزمة المياه مع اثيوبيا والعلاقات المصرية الاسرائيلية والقضايا الساخنة فى المنطقة. التحديات الامنية يرى مراقبون أن مكافحة الإرهاب وتحقيق المصالحة الوطنية والقضاء على الفوضى من أهم التحديات الأمنية التى تواجه الرئيس المصرى المنتخب وحكومة محلب، ومن المطلوب ايلاء تلك القضايا اهتماما كبيرا لمواجهتها.. وأن موضوع المصالحة الوطنية يعد ملفا خطيرا وحساسا، وعلى الحكومة الجديدة أن تعالجه بحكمة كى تتجنب المزيد من اراقة الدماء. فى هذا الصدد يؤكد مراقبون أن هناك العديد من التحديات الأمنية التى ينبغى التصدى لها ومواجهتها، ويتمثل أهمها فى مكافحة الإرهاب خاصة فى سيناء ومناطق حدودية أخرى والحد من تهريب الاسلحة عبر الحدود الشرقية والغربية والجنوبية، والذى بدوره يصل إلى أطراف وجهات إرهابية وجنائية بداخل مصر لاستخدامه فى زعزعة الأمن والاستقرار والعمل على استمرار العنف والفوضى والإرهاب. وفيما يتعلق بدعوات تحقيق المصالحة الوطنية، يؤكد المتابعون للشأن السياسى أن المصالحة ضرورة لتحقيق التوافق الوطنى وتحقيق الأمن والاستقرار فى بلاد شهدت أكثر من ثلاث سنوات من عدم الاستقرار الأمنى والسياسي. بالمقابل اكدوا ما اعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى من انه لا تصالح ولا توافق مع الإرهاب، مشددين على وجوب القضاء عليه لان الدولة لا يمكن أن تتراجع أو تتوافق مع المتطرفين. التحديات الاقتصادية وتواجه الحكومة المصرية الجديدة تحديات اقتصادية عبر عنها خبراء بانها ألغام كبيرة تتمثل فى كيفية رفع معدل نمو الناتج المحلى، لتوفير أكبر عدد ممكن من فرص العمل وزيادة الإنتاج للحد من معدلات التضخم وارتفاع المستوى العام للأسعار.. واشار الخبراء إلى أن النهوض بالاقتصاد المحلى يحتاج إلى قرارات جريئة لمعالجة التشوهات التى تعانى منها الموازنة العامة للدولة على مدار الأعوام الماضية، لاسيما فيما يخص الدعم والتأكد من وصوله لمستحقيه.. وشدد الخبراء على ضرورة التأكد من توزيع ثمار النمو على فئات المجتمع لتفادى سلبيات نظام مبارك الذى وصل بمعدلات النمو إلى 7 بالمئة، لكن دون ان يشعر به جميع المواطنين، لافتين إلى أن تقديم الدعم النقدى للفئات الأكثر فقرا أحد الحلول المقترحة لتحقيق عدالة فى التوزيع. واستبعد الخبراء الحد من مستويات التضخم المرتفعة دون زيادة الإنتاج واتباع سياسات محل الواردات لتخفيف آثار تراجع قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.. فى حين توقع البعض الآخر، ألا يتخطى معدل النمو2.8 بالمئة العام المالى المقبل، نظرا لأن الحكومة الحالية اتخذت عددا من الاجراءات التى قد تعتبر طاردة للاستثمارات فى مقدمتها الضرائب الجديدة التى تنوى فرضها.. وأكدوا ضرورة تحسين حوافز الاستثمار والأطر التشريعية، لجذب مزيد من المستثمرين فى الفترة المقبلة لرفع معدلات النمو وإحداث قفزات واضحة على المدى الطويل إلى جانب تشديد الرقابة على الأسواق حتى تضمن الدولة عدم زيادة الضغوط التضخمية. التحديات الخارجية وأفردت مجلة "ذا ناشيونال انترست" الأمريكية أبرز القضايا الخارجية التى قد تواجه مصر فى ظل حكم الرئيس السيسى والحكومة الجديدة، حيث بدأت بأهم هذه القضايا وهى "سد النهضة"، الذى تحدث عنه السيسى فى وقت سابق حيث وصفه بأنه قضية "حياة أو موت". وتستفيد تقريبا بنسبة 90 بالمئة من مياه نهر النيل، أى المعدل المعقول ولهذا السبب يحظر اتخاذ أية خطوات عسكرية من قبل الجيش المصرى فى حال قيام إثيوبيا بأية خطوة لتحويل منابع النيل.. واقترحت المجلة على الرئيس الجديد أن يروج بشكل أفضل للسياسة التى سوف يتبعها للتنسيق بين البلدين بشأن هذه المسألة، حيث يكمن الأمل الوحيد فى التوصل لحل بشأن تقاسم المياه وإمدادات الكهرباء مع إثيوبيا قبل أن تبدأ فى تنفيذ عمليات بناء سد النهضة.. وفيما يخص قضية أخرى الخاصة بعلاقة مصر مع الدول الخارجية، أشارت الصحيفة إلى احتواء الأزمة فى ليبيا، بعد ما يقرب من ثلاثة أعوام من الأضرار التى تتعرض لها مصر بعد أن تحولت إلى المحطة الأخيرة لاستقبال الأسلحة المهربة من ليبيا فضلًا عن الجهاديين المتسللين للبلاد. عبد العزيز الحسيني: الرؤية السياسية غائبة .. واتجاهات الوزراء من البيروقراطية القديمة أكد المهندس عبد العزيز الحسيني، أمين التنظيم بحزب الكرامة، أن المهندس إبراهيم محلب، المعاد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، لا يمتلك رؤية سياسية، وبالتالى اختياره لرئاسة الحكومة الجديدة "غير مناسب".. وقال أمين التنظيم بحزب الكرامة، فى تصريحات خاصة ل"النهار" إنه على المستوى الفنى إبراهيم محلب رجل مهندس بعيد تماما عن السياسة، وبالتالى هو لا يمتلك رؤية سياسية، موضحا أن الرؤية السياسية تعنى ما يريد إنجازه، مضيفا أنه بكل أسف رئيس الجمهورية أيضا لا يمتلك نفس الرؤية بخلاف الخطوط العريضة، وبالتالى كان يتحتم عليه أن يختار رئيس وزراء لديه رؤية سياسية. واستنكر "الحسيني" تشكيل "محلب" للحكومة الجديدة لأنه كان عضوا بلجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل، حيث استطرد متسائلا: "إحنا قمنا بثورة ليه؟.. إزاى بتكلم عن ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو وأجيب رئيس حكومة من نظام مبارك؟"، وأشار إلى أن "اتجاهات الوزراء من بيروقراطية مبارك القديمة"، ولم يصلوا للمناصب التى وصلوا إليها لولا تقديمهم فروض الطاعة للنظام الأسبق. واعتبر القيادى بحزب الكرامة أحد أبرز الأحزاب التى كانت داعمة للمرشح الخاسر حمدين صباحى فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة ضد الرئيس الحالي، أن الحكومة الجديدة ستعيد الوضع القديم ولن تحقق المطالب التى ينادى بها المصريون، مشيرا إلى أنه قد تكون هناك إجراءات تتخذ إلا أنها لن تحقق ما يتطلع له الشعب، مشددا على أن الثورة ليس أن تحاكم رموز النظام السابق فقط وإنما أن تحقق العدالة الاجتماعية وتقيم دولة القانون.