انقسم المصريون ما بين مؤيد ومعارض على قرار الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور بتكليف المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان بتشكيل حكومة جديدة، عقب استقالة حكومة حازم الببلاوي الاثنين الماضي المعارضون لاختيار محلب لرئاسة وتشكيل الحكومة الجديدة يرون في هذا الاختيار تكرار للحكومة السابقة، بكل ما ارتبط بها من سلبيات وإخفاقات، أما المؤيدون فقد رحبوا بتكليف محلب بمهمة تشكيل الحكومة القادمة، معتبرين أنه "اختيار موفق". وقال الدكتور وحيد عبد المجيد، المحلل السياسي والمتحدث الرسمي باسم "جبهة الإنقاذ الوطني": "تشكيل إبراهيم محلب وزير الإسكان بالحكومة المستقيلة هو تكرار مشابه للحكومة السابقة". وأضاف عبد المجيد: "أن حكومة إبراهيم محلب ستكون حكومة تقليدية ولن يحدث أي جديد منها". وتابع : "الحكومات في تشكيلها منذ الرئيس الأسبق حسني مبارك حتى الآن كانت حكومات متشابهة في طريقة تشكيلها وإعداد وزرائها الضخمة والعمل وفق جزر منعزلة بدون خطة واضحة ومعلنة فضلا علي أنها استمرت في خدمة فئات محدودة دون الشعب كله". واتفق مع رأي الدكتور وحيد عبد المجيد، الأمين العام لحزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي" أحمد فوزي الذي يدعم خارطة المستقبل التي تعمل وفقها السلطات الحالية في مصر، ويرى أن اختيار "محلب" هو عودة بالشعب لطابع وزراء عهد حسني مبارك. وقال فوزي في تصريحات عبر الهاتف لوكالة "الأناضول" : "واضح أن هناك من يريد طابع عودة الوزير الموظف وليس الوزير السياسي، مثلما كان وزراء مبارك موظفون فقط". واستدرك أن هناك من يريد أن يزكي لدي الرأي العام أن وجود وزراء سياسيين هو كان سببا في الأوضاع الحالية رغم ما قدمته الحكومة السابقة وعلي رئيسها حازم الببلاوي (قيادي سابق بالحزب) من جهد". وتشهد مصر إضرابات واعتصامات فئوية في صفوف العمال والأطباء والصيادلة والموظفين بالشهر العقاري والنقل العام بسبب مطالب مالية وإدارية. ويرى فوزي "أن إبراهيم محلب كان يرتب له في دوائر سياسية وإعلامية أن يأتي رئيسا للحكومة وهو ما كان يجب معها أن يتقدم رئيس الحكومة السابقة باستقالته في وقت مبكر". وفي صفوف المعارضين لتكليف محلب يقف محمد فوزي مؤسس ما يطلق عليه حركة "تمرد الثانية" التي تعارض السلطات الحالية وجماعة الإخوان، قائلا: "إن محلب محسوب علي نظام حسني مبارك، وكان عضو لجنة السياسيات بالحزب الوطني الديمقراطي "المنحل" وليس معبر عن الكتلة الثورية ومطالب ثورة 25 يناير". وأضاف مؤسس "تمرد الثانية" : "شعوري الآن أن الدولة تعود لعهد مبارك من جديد ولا حل إلا بثورة جديدة". كما وافق المتحدث الإعلامي باسم حزب "النور" السلفي نادر بكار على تكليف محلب لرئاسة الوزراء، معتبرا إياها "اختيار موفق". وتابع بكار في بيان صحفي صادر عنه الاثنين: "أن خيار الحزب عند ظهور المؤشرات الأولية على عدم نجاح حكومة الدكتور حازم الببلاوى، كان أن يتولى المهندس إبراهيم محلب رئاسة الحكومة'‘، مشيرا إلى أن الحزب يرى فيه "الكفاءة والخبرة". كما أعلن محمد نبوي المتحدث باسم حركة "تمرد" عن مباركة حركته لتعيين محلب، مشيرا إلي إن "الحركة طالبت بمجيء إبراهيم محلب رئيسا للوزراء". ووصف نبوي، في تصريحات صحفية، الوزير المكلف إبراهيم محلب بأنه "وزير للشارع المصري، وليس له علاقة بالسياسة". وفي أولى تصريحاته عقب تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة قال إبراهيم محلب: "إن الوزارات السيادية وبينها وزارة الدفاع سيختارها رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور". وأضاف محلب في مؤتمر صحفي بمقر برئاسة الجمهورية بالقاهرةظهر أمس الثلاثاء عقب تسلمه رسميا خطاب تكليفه بتشكيل الحكومة، أنه سيكون هناك دمج لبعض الوزارات، نافيا ما تردد عن لقاءه ببعض الوزراء للبقاء في مناصبهم مثل وزير الداخلية محمد إبراهيم. وردا علي سؤال حول تعامله مع الاحتجاجات الفئوية قال محلب، الذي كان يشغل منصب وزير للإسكان في الحكومة المستقيلة: "أحيانا تكون المطالب الفئوية فوق طاقة التنفيذ"، مشيرا إلى أنه سينتهي من تشكيل حكومته خلال 3 أو 4 أيام علي الأكثر. وقال رئيس مجلس الوزراء السابق حازم الببلاوي الاثنين الماضي: "إن الدولة تتعرّض "لأخطار كبيرة"، في كلمة ألقاها عبر التلفزيون المصري الرسمي. وكانت حكومة الببلاوي المكونة من 33 وزيرا أدت اليمين الدستوري في 16 يوليو الماضي. وتواجه الحكومة المزمع تشكيلها برئاسة محلب تركة ثقيلة من التحديات والمشكلات لا سيما على الصعيدين الأمني والاقتصادي، في ظل حالة استقطاب لا زالت تسيطر على الشارع السياسي المصري، وتراجع للمؤشرات الاقتصادية أثرت بشكل كبير على المواطن المصري في صورة ارتفاع في أسعار السلع خلال الشهور الأخيرة، وعودة الإضرابات العمالية اعتراضا المطالبة بتحسين الأحوال المعيشية وزيادة الأجور. كما تواجه الحكومة القادمة تحديا أمنيا في ظل حالة انفلات أمني برزت خلال الأسابيع الأخيرة من خلال هجمات وتفجيرات استهدفت مواقع أمنية ورجال شرطة، كما تشهد البلاد بين حين وآخر سقوط جرحى وقتلى في صفوف المتظاهرين المعارضين للسلطات الحالية.