قال الباحث الآثري أحمد عامر " إن مصر سبقت باقي دول العالم المتحضرة عندما عرفت أن للجريمة مفهوماً إجتماعياً ، وقد إستمد التشريع الجنائي من عادات الشعب المصري وأخلاقه وتقاليده الدينية وكان المسيطر علي ذهن الفراعنة أن أحسن القوانين هي التي توجد في قلوب الناس قبل أن توجد في التشريعات ، ولما كان المجتمع المصري في الوقت الراهن يعاني من جريمة أخلاقية خطيرة تمس أمنه وسلمه الإجتماعي وهي جريمة " التحرش الجنسي " لذلك فقد بحثنا عن عقوبة رادعة لهذا الجرم في تشريعات أجدادنا الفراعنه . وأشار عامر أن " أفلاطون قال أنه كان لكل شئ في مصر القديمة قانون حتي الرسم والرقص والنحت ، وإذا كانت الحضارة الغربية الحديثة قد قامت علي فلسفة الحضارة اليونانية وتشريعات القانون الروماني فإنه من الثابت تاريخياً أن المجتمع المصري القديم منذ آلاف السنين أهتم بوضع قوانين وتشريعات لتنظيم أمنه سابق علي التشريعات الرومانية بحوالي ثمانية قرون من الزمن ، وتتميز هذه التشريعات بأنها ذات أصل إلهي فالمعبود " رع " كان يُعد هو المشرع الأول ، ولقد زاد هذا الأصل الديني للتشريعات من إحترام الشعب لها ". وأضاف عامر أنه إلي جانب هذه التشريعات الإلهية الدينية هناك تشريعات أخري دنيوية مصدرها إنساني وهو الملك فكان هو المسئول عن إقامة العدل علي وجه الأرض ، ولقد عرف المصري القديم التعدد أي الزواج بأكثر من إمرأة ، والذي كان لا يري فيه أي إهانة للمرأة كما عرف الطلاق وشدد علي جريمة الزنا ، وكان الطلاق جزاءاً مدنياً في حالة وقوع الزنا من أحد المتزوجين سواء كان الزاني هو الزوج أو الزوجة ، وإعتبر هذا جزاءاً خاصاً بزنا المتزوجين لا يمس العقاب الموضوع لفعل الزنا بوجه عام سواء إرتكبه متزوجاً أو غير متزوج ، وكانت عقوبة جريمة الزنا هي قطع الأنف بالنسبة للمرأة الزانية و الجلد بالنسبة للرجل وكان الجلد محدداً بألف جلدة . كما أضاف الباحث الأثري رضا عبدالرحيم أن " ديودور الصقلي " والذي زار مصر عام 59 ق.م يؤكد علي أن المصري القديم كان يميز بين فعل الزنا وفعل هتك العرض أو الإغتصاب ، إذ يقرر أن الزنا لو تم بالغصب أو بالعنف كان الجزاء يتمثل في قطع الأجهزة التناسلية " العضو التناسلي " ، أما لو تم بدون عنف فإن الرجل الزاني كان يجلد ألف جلدة والمرأة الزانية كانت تقطع أنفها ، وكانت جرائم الإغتصاب والزنا عقوبتها تصل إلي الإعدام وهذا إستناداً إلي نقوش آني ، وبردية بولاق ، وبردية لييد حيث أن الزناه كانوا يكفرون عن خطاياهم بالإعدام وأن الشروع في الزنا "التحرش " كان يواجه نفس العقوبه أي ولو لم يرتكب فعلاً الذنب الآثم ، كما أكد علي ذلك العالم الفرنسي " كابار " وهو أحد المتخصصين البارزين في دراسة القانون الجنائي المصري القديم حيث ذكر أن الإعدام في حالة الزنا كان يتم حرقاً مما يؤكد علي رغبة المجتمع المصري القديم في الحفاظ علي جنسيتهم وسلالتهم .