قال الباحث الأثري أحمد عامر، إن جريمة "التحرش الجنسي" التي يعانى منها المجتمع المصري في الوقت الراهن، حدد لها المصري القديم في تشريعاته عقوبات رادعة، تصل إلى حد الإعدام، مشيرًا إلى أن مصر سبقت دول العالم المتحضرة عندما عرفت أن للجريمة مفهومًا اجتماعيًا. وأشار إلى أنه قد استمد التشريع الجنائي من عادات الشعب المصري وأخلاقه وتقاليده الدينية، وكان المسيطر علي ذهن الفراعنة أن أحسن القوانين هي التي توجد في قلوب الناس قبل أن توجد في التشريعات. وقال عامر، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الجمعة، إنه إذا كانت الحضارة الغربية الحديثة قد قامت علي فلسفة الحضارة اليونانية وتشريعات القانون الروماني، فإنه من الثابت تاريخيًا أن المجتمع المصري القديم منذ آلاف السنين اهتم بوضع قوانين وتشريعات لتنظيم أمنه سابق علي التشريعات الرومانية بحوالي 8 قرون من الزمن، مشيرًا إلى أن هذه التشريعات تتميز بأنها ذات أصل إلهي فالمعبود "رع" كان يعد هو المشرع الأول، ولقد زاد هذا الأصل الديني للتشريعات من احترام الشعب لها. وأضاف أنه إلي جانب هذه التشريعات الإلهية الدينية، كانت هناك تشريعات أخري دنيوية مصدرها إنساني، وهو الملك، فكان هو المسؤول عن إقامة العدل علي وجه الأرض، موضحا أن المصري القديم قد عرف الطلاق وشدد علي عقوبة جريمة الزنا. ومن جانبه، أشار الباحث الأثري رضا عبدالرحيم إلى أن "ديودور "، الذي زار مصر عام 59 ق.م، أكد أن المصري القديم كان يميز بين فعل الزنا وفعل هتك العرض أو الاغتصاب، إذ يقرر أن الزنا لو تم بالغصب أو بالعنف كان الجزاء يتمثل في قطع الأجهزة التناسلية "العضو التناسلي"، أما لو تم بدون عنف فإن الرجل الزاني كان يجلد ألف جلدة والمرأة الزانية كانت تقطع أنفها. وأكد أن جرائم الاغتصاب والزنا كانت عقوبتها تصل إلى الإعدام، وذلك استنادًا إلى نقوش آني، وبردية بولاق، وبردية لييد، حيث إن الزناة كانوا يكفرون عن خطاياهم بالإعدام، وأن الشروع في الزنا "التحرش" كان يواجه نفس العقوبة أي ولو لم يرتكب فعلا الذنب الآثم، كما أكد علي ذلك العالم الفرنسي "كابار" وهو أحد المتخصصين البارزين في دراسة القانون الجنائي المصري القديم، ذكر أن الإعدام في حالة الزنا كان يتم حرقا مما يؤكد رغبة المجتمع المصري القديم في الحفاظ علي جنسيتهم وسلالتهم.