حالة من التفاؤل سادت بين بعض الخبراء الاقتصاديين عقب القرار الذى أصدره الرئيس المؤقت عدلى منصور، بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة غسيل الأموال رقم 80 لسنة 2002، حيث أشادوا بالقرار واعتبروه بداية للحد من عمليات غسيل الأموال والذى من شأنه دعم الاقتصاد المصري، لا سيما أن الهدف الأساسى من هذا التعديل هو مكافحة عمليات غسيل الأموال والتى يتم استغلالها بشكل كبير فى تمويل العمليات الإرهابية والتى تحدث يوماً تلو الآخر فى الشارع المصري. « النهار» طرحت التساؤلات بشأن هذه القضية على بعض الخبراء الاقتصاديين مثل مدى تأثير هذا التعديل على مكافحة الإرهاب ؟ و ما الآثار التى قد تترتب على هذا القرار؟، وهل هذه التعديلات ستؤثر بالسلب على تدفق الأموال للبنوك؟، وكم بلغ حجم عمليات غسيل الأموال التى تمت خلال حكم الإخوان؟، وما أبرز الدول التى تتعامل وتمارس عمليات غسيل الأموال؟... الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها فى السطور التالية :- فى البداية رحب الدكتور عبد الرحمن عليان ، الخبير الاقتصادى وعميد المعهد العالى للاقتصاد، بقرار تعديل قانون مكافحة غسيل الأموال، مؤكداً أن هذا التعديل يعد بداية لوقف تمويل العمليات الإرهابية والتى تزايدت خلال الفترة الأخيرة بشكل غير مسبوق، لافتاً إلى أن حجم عمليات غسيل الأموال التى تمت خلال العام الذى تولت فيه جماعة الإخوان المسلمين الحكم فى البلاد قدر بنحو 30 مليار دولار. مالك والشاطر وأضاف عليان أن عمليات تبييض أو غسيل الأموال فى مصر تتم من خلال البورصة والشركات والتى كان يمتلكها عدد كبير من قيادات الجماعة وعلى رأسهم حسن مالك وخيرت الشاطر باعتبارهم أكبر القيادات امتلاكاً للمحال التجارية والشركات، الأمر الذى كان بمثابة مصدر تمويل للعمليات الإرهابية التى تحدث فى مصر والتى تدعمها جماعة الاخوان المسلمين، مشيراً إلى أن تعديل قانون مكافحة غسيل الأموال سيساهم فى تشديد الرقابة على دخول الأموال سواء للبورصة أو الشركات أو البنوك. وأوضح عليان أن غسيل الأموال من أكثر العمليات التى تتم فى مصر وتنذر بانهيار الاقتصاد القومي، خاصة أنه يمثل عنصر ضغط على الأموال الداخلة لمصر والخارجة منها ، ومن ثم يؤثر بالسلب على حجم الاحتياطى بالبلاد هذا بجانب أنه يساهم فى انتشار عمليات الفساد. وطالب العليان بضرورة تشديد العقوبات على جميع من يمارس عمليات غسيل الأموال حتى تصبح مصر بذلك من أفضل البلدان التى تسعى لمكافحة غسيل الأموال لا سيما أنها كانت عاجزة عن محاربة غسيل الأموال خلال السنوات الماضية. عهد مرسى أما الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، فإنها أكدت أن مصر كانت من أكثر البلدان التى شهدت عمليات غسيل الأموال خلال عهد مرسي، خاصة أنها كانت تتم تحت ستار ودعم من الدكتور محمد مرسي، مشيرة إلى أن ظروف البلاد تتطلب مثل هذه التعديلات لا سيما بعدما تمت الاطاحة بجماعة الاخوان المسلمين، خاصة ان إجراء التعديلات على قانون مكافحة عمليات غسيل الأموال يعد بداية لرفع المؤشرات الاقتصادية ودعم الاقتصاد القومى للبلاد. وأوضحت الحماقى أن عمليات غسيل الأموال تتضمن عمليات كثيرة لعل أبرزها تجارة الأسلحة والدعارة وتجارة المخدرات ، ونظراً لعدم استقرار الأوضاع السياسية فإن الإخوان تستغل ذلك وتواصل سعيها لدخول الأموال القذرة ومواصلة عمليات غسيل الأموال من أجل تمويل التفجيرات الإرهابية التى تزايدت مؤخراً فى الشارع المصري. وأوضحت الحماقى أن مصر تعد من أكثر المناطق الدافئة لعمليات غسيل الأموال ، الأمر الذى جعلها ضمن القائمة السوداء منذ عام 2002 والدليل على ذلك عملية غسيل الأموال التى وجهت لرجال الأعمال أحمد عز، لافتة إلى أن تعديل قانون مكافحة غسيل الأموال يعد بداية لإنهاء مثل تلك العمليات التى تضر باقتصاد البلاد. تشديد الرقابة بينما أكد الدكتور كمال القزاز، الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن التعديل الذى أقرته رئاسة الجمهورية على قانون مكافحة غسيل الأموال هدفه الاساسى هو تشديد الرقابة على الأموال التى تدخل لمصر عن طريق مصادر غير مشروعة ويتم استخدامها فى تمويل العمليات الارهابية فى الشارع المصري. وأوضح القزاز أن الأموال القذرة - أموال عمليات غسيل الأموال - تدخل مصر عن طريق المؤسسات التجارية الأمر الذى دفع رئاسة الجمهورية لإقرار هذا التعديل لإلزام هذه المؤسسات عن تقديم جميع المعلومات بأنشطتها التجارية، ومن يتم الاشتباه به بأنه يمارس تلك العمليات القذرة فإن القانون يقضى عليه بالحبس أو الغرامة من 100 ألف جنيه حتى 5 ملايين جنيه. وأوضح القزاز أن حجم أموال عمليات غسيل الأموال كانت تبلغ فى العام الواحد 15 مليار دولار ، إلا أنها خلال عهد مرسى تزايدت للضعف خاصة أن الدكتور محمد مرسى ورجاله كانوا الداعم الأساسى لمثل هذه العمليات ، الأمر الذى انعكس بالسلب على الاقتصاد المصرى وانخفضت المؤشرات الاقتصادية للبلاد بشكل غير مسبوق ولا نظير له من قبل خلال الأعوام السابقة. وأضاف القزاز أنه مثلما كانت لهذه التعديلات جانب إيجابى وهو تفكيك منابع تمويل الارهاب فى مصر إلا أنه قد يكون له جانب سلبى على صعيد البنوك، لا سيما أن هناك مخاوف من أن إقرار هذا القانون يؤدى لاسنخفاض حجم التدفقات المالية للبنوك خشية من اتهامها بغسيل الأموال، الأمر الذى يؤدى لانخفاض معدلات الاستثمار . وأوضح القزاز أنه لابد من تفعيل وحدة مكافحة غسيل الأموال بالبنك المركزي، والمطالبة بفرض رقابة على جميع الأموال بالبنوك لاسيما أن هذه الرقابة من شأنها تقليص حجم الأموال القذرة ، وإجبار جميع عملاء البنوك على تقديم أوراق رسمية عن حساباتهم البنكية خاصة أن هذا الأمر سيساهم فى التحفظ على أموال العملاء المشكوك فيهم، مطالباً فى الوقت ذاته الحكومة بضرورة تغليط العقوبات الواردة فيه. الإرهاب هو الهدف فى حين أكد الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادى والمستشار الاقتصادى للمفوضية الأوروبية، أن قانون مكافحة غسيل الأموال عندما تم إقراره عام 2000 كان يتضمن 16 بندا لغسيل الأموال لعل أبرزها تجارة المخدرات والأسلحة والدعارة وغيرها، إلا أنه لم يكن يتضمن مكافحة الارهاب نظراً لأن هذه الفترة كانت تخلو من العمليات الارهابية ، إلا أنه بعدما أصدرت المحكمة حكمها بإعلان جماعة الاخوان المسلمين بأنها جماعة إرهابية فإنه كان لابد من إجراء تعديلات على القانون لا سيما فى ظل تزايد العمليات التفجيرية الارهابية. وأضاف جودة أن حجم عمليات غسيل الأموال التى تتم فى العالم يقدر سنوياً ما بين 360 و400 مليار دولار، بينما يقدر سنوياً فى مصر ما بين 40 و60 مليار دولار ، لذا فإنه لابد من استخدام أموال الاخوان التى تم التحفظ عليها فى إصلاح المؤسسات التى تم تخريبها جراء تمويل العمليات الارهابية ولعل أبرزها ميدان رابعة العدوية الذى تصل تكلفة إصلاحه إلى 84 مليون جنيه ، وميدان نهضة مصر 55 مليون جنيه، وحديقة الأورمان 33 مليون جنيه، لافتاً فى الوقت ذاته إلى أن أكثر البلدان الراعية لعمليات غسيل الأموال وتشهد تزايد مثل هذه العمليات بها تركيا وقطر وبعض دول أمريكا اللاتينية.