اصبحت مشكلة غسيل الأموال ظاهرة تورق العديد من دول العالم لما لها من ظواهر اقتصادية واجتماعية خطيرة على وضع ومكانة هذه الدول.وتتسابق دول العالم في وضع العديد من القوانين والاجراءات الحازمة لمنع انتشار هذه الظاهرة والتي تفشت في الآونة الاخيرة بشكل ادى الى الحاق الضرر باقتصاديات تلك الدول ولهذا قررت جريدة النهار ان تعرف أكثر الاماكن التى يستوطن بها غسيل الاموال وكيفية تأثير ذلك على اقتصاد مصر وكيفية رصد ذلك بالبنوك وهل تستطيع غسل الاموال اختراق البورصة وبسؤال الكثير من خبراء الاقتصاد .يقول ياسر سعد طلبة رئيس شركة الاقصر للاوراق المالية ان البورصة بريئة من غسل الأموال لان كل شركة سمسرة فى الاوراق المالية بها موظف مختص لمراقبة عمليات غسل الاموال بمعنى اذا بلغ حجم تعاملات العميل داخل الشركة مليون جنيه لابد وان حول هذا الميلغ عن طريق البنك .وأضاف انه فى هذه الحالة من الصعب ان تكون هناك شبهه غسل الأموال لان البنوك المصرية محترمة ولا تشارك فى مثل هذه العمليات القذرة بالاضافة إلى ان هناك رقابة قوية من هيئة الرقابة المالية وأجهزة أخرى على البورصة لمنع تسرب أموال المخدرات إليها خصوصا ان هذه الاموال ممكن ان تعطى سوق غير حقيقية وتشعل الأسعار دون مبرر لان مهمتها عمليه حرق الأسعار لاعطاء الصفة المشروعة لهذه الاموال .وأكد مصدر مسئول بوحدة غسل الاموال بالبنك المركزى المصرى ان هناك رقابة صارمة على البنوك لمنع سيطرة خفافيش الظلام عليها خصوصا عنصر هام فى مكافحة غسل الأموال على مستوى العالم مشيرا بأن البنوك الاجنبية غير مستثناه من الرقابة الصارمة التى تفرضها وحدة غسل الأموال على دخول الاموال إلى البنوك المصرية .وأضاف أن قضية الحوالات كلها عملية نصب وليس لنا علاقة بها بل لأجهزة أخرى يجب ان تتبع هذه الظاهرة الخطيرة خصوصا مع تفاعلها خلال الفترة الاخيرة .ويقول الدكتور محمد بركات أستاذ الاقتصاد إن الأموال القذرة تبحث دائما عن المناطق الدافئة لكى تنمو وتترعرع سواء بإقامة المشاريع الكبرى التى يسهل بيعها بعد ذلك تحت مظلة القانون أو غسلها فى اماكن سريعه مثل بورصة الاوراق المالية او المضاربة على أسعار الذهب وبيعه بالخسارة إذا لزم الامر .وحدد الدكتور بركات مصادر الاموال القذرة وعلى رأسها تجارة الاثار والمخدرات والاغذية الفاسدة والسلاح وغيرها من التجارة المحرمة .وقال بركات: إن الدولة ليس امامها الا البنوك وخصوصا الاجنبيه لتشديد الرقابة عليها .وتساءل أين تذهب الأموال المصادرة داخل البنوك والتى يتم حجزها داخل البنك المركزى وتقدر بعشرات المليارات من الدولارات .وتقول منى فهمى أستاذ الاقتصاد بجامعه طنطا إنه يجب ان نعترف ان غسل الاموال بيزنس موجود وتشرف عليه عصابات دوليه منظمه وهذا يكشف لنا بعض الاشخاص التى تتضخم ثرواتهم بشكل مفاجىء وبدون مبرر يخضع لاليات السوق التجارى .وأضافت أن هذا يتطلب منا تفعيل دور الاجهزة الرقابية و التحرى عن هؤلاء لانهم يمثلون عنصر خطورة فى الاقتصاد القومى المصرى .وأضافت منى انه بالطبع لابد من استخدام الإعلام كوسيلة للتوعية وأيضا المساجد والكنائس لأننا لو استسلمنا لهذه العصابات التي تسعي إلي تدمير البلد ونشر الفوضي بها بخلق مراكز قوي جديدة فليس لديهم ضمير أو واعز ديني علي الإطلاق.وأستطردت قائلة إن الفقر والبطالة هما السبب الرئيسي في انتشار مثل هذا الاقتصاد الأسود خصوصا إذا عرفنا أن مستوي الفقر يمثل حوالي 20% من عدد السكان أي حوالي 14 مليون مواطن تحت خط الفقر ويحصلون علي دولارين قيمة أجر المواطن الفقير في اليوم.كما أكدت فهمى أن غسيل الاموال قد يؤدى لحدوث اضطرابات اجتماعية وسياسية فقد اثبتت الدراسات وجود علاقة بين غسيل الاموال وحركات الارهاب والتطرف والعنف الداخلي فضلا عن نشاط المافيا العالمية ودورها في حدوث الانقلابات السياسية في بعض الدول النامية مما قد يزعزع امن واستقرار المجتمعات النامية في دول العالم الثالث كما تستخدم عمليات غسيل الاموال في توفير الدعم المالي وتمويل شراء السلاح اللازم لحدوث الانقلابات العسكرية والسياسية على مستوى العالم وذلك بالتعاون مع اجهزة متخصصة في تنظيم وادارة الصراعات السياسية والاستراتيجية عالميا.وبسؤال أحد خبراء الاقتصاد عن تأثير غسيل الأموال على الاقتصاد المصرى قال حمدى عبد العظيم خبير إقتصاد إن لجريمة غسل الأموال خطورة بالغة الأثر من الناحية الاقتصادية بالمجتمع ، حيث أنها تؤدي إلى انخفاض قيمة العملة في الدولة التي تجري فيها مثل هذه العمليات ، وهذا يساعد بدوره على زيادة التضخم ، مما يعرض أسواق المال وبورصة الأوراق المالية لأزمات قد تؤدي إلى انهيارها .وأضاف أن عدم مشروعية الدخل الذي تجري عليه عملية الغسل ، يمثل قوة شرائية غير ناتجة عن نشاط اقتصادي حقيقي ، وذلك من شأنه إفساد المناخ الاستثماري ذاته ، فالمشروعات ذات المصادر غير المشروعة ، لا تستطيع أن تصمد في مواجهة المشروعات ذات المصادر المشروعة ، مما يمكن هذه الأخيرة من التحكم في الأسواق واحتكارها .وأكد عبد العظيم أن عملية غسل الأموال تؤثرعلى مركز الدولة وسمعتها أمام الهيئات الدولية المانحة للمساعدات والقروض .والغالب أن تتم عملية غسل الأموال عن طريق تهريب هذه الأموال إلى الخارج ، وذلك يجعل منها تزييفا للاقتصاد القومي لمصلحة الاقتصاديات الأجنبية الخارجية .لذلك كان لا بد من حرمان الجماعات الإجرامية من هذه الأموال ، بضبطها ومصادرتها ، من أجل تحجيم سطوتها ، والحد كذلك من أنشطتها غير المشروعة لما تمثله من خطورة بالغة على النواحي الاقتصادية للدولة .ويرى البعض أن غسل الأموال يؤدي إلى منافسة غير متكافئة مع المستثمرين الجادين في المجتمع ، وتفسير ذلك أن الشركات التي يتم تأسيسها بأموال مغسولة ، تكون قادرة على عرض سلعها وخدماتها بأسعار أقل من الشركات المنافسة ، وهذا ما يؤدي إلى فقدان استثماراتهم ، ويمكنهم في النهاية من التحكم في الأسواق .وأضاف عبد العظيم أن لغسيل الأموال تأثير خطير من الناحية الاجتماعية أذ تؤدي لحدوث خلل في البنيان الاجتماعي ، وتزيد من الفجوة بين الأغنياء وبين الفقراء ، ولما يتضمنه من سوء توزيع الدخل القومي ، وتعميق الفوارق بين الطبقات بدون سبب مشروع .كما أن غسل الأموال من شأنه إشاعة انتشار جرائم الفساد الوظيفي ، لما يرتبط به من أنشطة غير مشروعة تبحث عن واجهة وستار مشروعين ، وهو ما يرتبط بمخالفة التشريعات واللوائح النافذة في سبيل تحقيق هذا الغرض .فغسل الأموال يؤدي إلى تفاقم مشكلات البطالة ، حيث أن هذه الأموال تبحث عن الربح السريع ، وليس الاستثمار الإنتاجي الذي يعطي الاقتصاد الوطني قيمة إنتاجية مضافة .ويؤدي غسل الأموال إلى الحط من القيم الاجتماعية الايجابية ، مثل قيمة العمل والكسب غير المشروع والانتماء للوطن ، وإلى سيادة قيم سلبية على الحياة الاجتماعية ، مثل الرغبة في الثراء السريع بأية وسيلة ولو كانت غير مشروعة ، وضعف الولاء والانتماء للوطن .كما أن غسل الأموال يمكن المنظمات الإجرامية من إعادة استخدام هذه الموارد في ارتكاب المزيد من الجرائم التي تحقق لها المزيد من الإرباح .كما تسعى المنظمات الإجرامية بفضل هذه الأموال غير المشروعة نتيجة لعمليات الغسل إلى التسلل إلى مواقع اتخاذ القرار ، فيكون لها بذلك السيطرة ، ويتحقق ذلك عمليا من خلال تقلد بعض المناصب السياسية الهامة ، وتملك وسائل الإعلام والسيطرة عليها ، والاستعانة بالأموال غير المشروعة في إحداث الفساد الإداري من خلال عمليات الرشوة .وأضاف أنه لا شك أن الأموال الناتجة عن جريمة غسل الأموال ترتبط على نحو وثيق الصلة بالفساد والخروج على القانون إذ تسعى دائما إلى اختراق أجهزة الدولة السياسية والمالية والإدارية والنفاذ إلى مراكز اتخاذ القرار في الدولة والتأثير عليها مستغلة ما يوفره المال من نفوذ وسطوة ، وهو ما يضعف هذه الأجهزة ، ويجعل من الصعب عليها أن تؤدي دورها في مكافحتها .كما أن هذه الأموال قد تستخدم من أجل دعم وتمويل أنشطة المنظمات الإرهابية التي تستهدف تغيير نظام الحكم بالقوة ومقاومة السلطات .ومن ناحية أخرى فإن هذه الأموال قد تستخدم في الدعاية الانتخابية والتأثير على عملية الاقتراع ، مما قد يجعل من أصحاب هذه الأموال نوابا في المجالس النيابية الذين يمثلون الشعب , ويراقبون الحكومة ، ويضعون التشريعات .كما أن تأثير هذه الأموال يبدو بصفة خاصة على وسائل الإعلام المختلفة ، فبمقدور أصحابها شراء الصحف والقنوات التلفزيونية والفضائية وتجنيد الأفلام ، بالإضافة إلى ما لهذه الوسائل من تأثير بالغ الأهمية على وعي الشعوب ومستقبل المجتمعات .وفى نهاية تستطيع جريدة النهار ان تؤكد ان غسل الأموال يؤدي على المستوى الدولي إلى إحداث خلل في الأسواق المالية والعالمية ، والمضاربة فيها ، ويؤثر على اقتصاد الدول ، وهو ما يؤدي إلى التهديد باستخدام عقوبات اقتصادية على الدولة التي تسمح بعمليات غسل الأموال ، منها تجميد أرصدتها ، أو فرض قيود على صادراتها أو وارداتها أو الاستثمارات فيها .