شهدت حكومة المهندس إبراهيم محلب ، قراراً بدمج عدد من الوزارات لعل أبرزها دمج وزارة التعاون الدولى مع وزارة التخطيط وتكليف أشرف العربى بها، ودمج وزارة الاستثمار مع وزارة الصناعة والتجارة الداخلية وتكليف منير فخرى عبد النور بها، ووزارة الشباب مع وزارة الرياضة وتكليف خالد عبد العزيز بها، وضم التنمية الإدارية إلى التنمية المحلية ويتولاها اللواء عادل لبيب، وكذلك وزارة مجلس النواب إلى العدالة الإنتقالية وتولاها المستشار خالد المهدى ،الأمر الذى أثار جدلاً بين الأوساط الاقتصادية والسياسية وهى خطوة يرى البعض أنها سوف تساهم بصورة كبيرة فى تقليل الروتين الحكومى وترشيد النفقات بينما يرى آخرون أنها تخبط سياسى . وما بين هؤلاء وأولئك تطرح هذه الخطوة علامات استفهام مهمة مثل هل سيساهم هذا الدمج فى زيادة الإنجاز لدى الحكومة خلال الفترة القادمة.. وهل سيكون لهذه الخطوة أى تأثير سلبى على العاملين بالوزارات التى تم دمجها.. وإلى أى مدى تساهم مثل هذه القرارات فى إضراب العمل داخل الجهاز الإدارى للدولة خاصة مع التغييرات الحكومية المتعاقبة؟ كلمة السر فى البداية نشير إلى ما قاله المهندس إبراهيم محلب فى مؤتمر صحفى برئاسة الجمهورية، عقب تكليفة بالوزارة حيث قال: إنه سيتم تقليص عدد الوزرات، حيث كانت حكومة الببلاوى هى الأكبر فى عدد الوزرات ب36 وزارة. « النهار» استطلعت آراء عدد من الاقتصاديين والسياسين للإجابة عن هذه الأسئلة ومعرفة النتائج التى قد تترتب على هذا القرار، والإجابة فى السطور التالية: الدكتورة سعاد كامل ، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، تؤكد أن قرار محلب بدمج وزارة التجارة والصناعة مع وزارة الاستثمار يعد قراراً غير صائب، خاصة ان لكل وزارة منهما لها اختصاصات تختلف كثيراً عن الأخرى وتحتاج لشخصية إقتصادية تمتلك خبرة ورؤية اقتصادية، وهذا الأمر قد لا يتوافر فى الدكتور منير فخرى عبد النور. وأضافت كامل أن هذا القرار كان سيؤتى بثمار إيجابية فى حالة تولى الكفاءات والخبرات لتولى وزارة التجارة والصناعة ووزارة الاستثمار، موضحةً فى الوقت ذاته أن قرار هاتين الوزارتين كان معروضاً من قبل ولكن الحكومات السابقة فشلت فى تطبيقه، بينما فيما يخص دمج وزارة وزارة التخطيط مع التعاون الدولى فكان موجوداً من قبل وكذلك وزارة الشباب مع الرياضة، وبالتالى دمج هذه الوزارة لن يكون له اى تأثير سلبى ، بل قد يساهم فى ترشيد حجم الإنفاق الحكومى . وتوقعت كامل أن قرار محلب بدمج وزارة التجارة والصناعة مع وزارة الاستثمار قد جاء بعد رفض عدد من القيادات لتولى حقبة هذه الوزارة بحجة قانون « تعارض المصالح» الذى أقره رئيس الجمهورية عدلى منصور. سنة حسنة بينما ترى الدكتورة عالية المهدي، العميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن قرار دمج عدد من الوزارات يعد قراراً طبيعياً خلال هذه الفترة نظراً لظروف البلاد السيئة، فضلاً عن أن هذا القرار يعد أول حسنة ستكتب لصالح الحكومة الجديدة خاصة أن هذا القرار سيؤدى لتقليل حجم النفقات الحكومية للدولة. وأضافت المهدى أن دمج الوزارات قرار ليس بجديد وتتبعه الكثير من البلدان العربية بل والأجنبية، فضلاً عن أن الحكومات السابقة قامت من قبل بدمج وزارة الزراعة مع وزارة الري، كما قامت بدمج وزارة التعاون الدولى مع وزارة التخطيط، كما كانت وزارة التعاون الدولى من قبل جزءاً من وزارة الخارجية . وأشارت المهدى إلى أن المهندس إبراهيم محلب يمتلك خبرة اقتصادية، ويسعى لحل جميع الإشكاليات التى يعانى منها المواطنون، إذ انه يسعى لرفع المعاناة عن المواطنين خاصة فى تعاملاتهم شبه اليومية مع الهيئات الحكومية، إذ ان هذا القرار سيساهم فى القضاء على البيروقراطية الإدارية. اعتراض بينما أبدى الدكتور عبد الرحمن العليان، الخبير الاقتصادى وعميد المعهد العالى للإقتصاد، اعتراضه على سياسة دمج عدد من الوزارات التى اتبعها المهندس إبراهيم محلب فور توليه رئاسة الحكومة الجديدة، مؤكداً أن هذا القرار سيؤدى لوجود تقصير فى الأداء المهنى لعدد من القطاعات بالوزارات، ولعل أهم هذه الوزارات على سبيل المثال وزارة التجارة والصناعة، إذ تتضمن تقصيراً فى «هيئة الرقابة على الصادرات والواردات» . وأضاف العليان أن دمج الوزارة سيزيد من القطاعات المهملة التى لا تجد إهتمام وزارياً رغم اهميتها القصوى ، موضحاً أن إهدار أهمية التعامل مع هذه القطاعات سيؤثر بالسلب على الاقتصاد ولن يؤدى لتحسنه، وإن كانت الدولة تسعى لترشيد النفقات فإنها بإهمالها لمثل هذه القطاعات تتسبب فى إهدار ملايين الجنيهات على الدولة. واوضح العليان أنه لابد على الحكومة الجديدة لوضع رؤية واضحة لإدارة السياسيات بالوزارات خلال الفترة المقبلة، خاصة أن هذا الأمر قد يساهم فى السعى لدعم وتوطيد العلاقات الإقتصادية بين مصر وعدد من البلدان الأجنبية والعربية خلال الفترة المقبلة، خاصة أن دمج الوزارات لكى يجنى بثمار إيجابية على الصعيد الأقتصادية لابد أن يتم وضع خطط مدروسة للإستفادة منه بشكل صحيح، وطالب محلب فى الوقت ذاته بضرورة أن يقوم بعقد مؤتمراً شهرياً للكشف على إنجازات كل وزارة على حدة، لمعرفة النتائج والآثار التى ترتبت على قرار دمج الوزارات. ضرر الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، هو أيضاً يؤكد أن هناك وزارات كان لابد من دمجها من قبل ترشيداً للنفقات كوزارة التنمية المحلية والادارية، ووزارة التعاون الدولى والتخطيط، فى حين أن هناك عدداً من الوزارات كان لابد من عدم دمجها كوزارة التجارة والصناعة ووزارة الاستثمار خاصة أن هاتين الوزارتين لكل منهما إختصاصات مختلفة ، وأى قرار خاطىء سيضر بالاقتصاد القومى للبلد. وأضاف الشريف أن حقبة الإستثمار تعد من الركائز الأساسية للاقتصاد، وكان لا ينبغى على المهندس إبراهيم محلب أن يصدر قراراً بدمجها خاصة فى ظل هروب الإستثمارات العربية والإجنبية من مصر لاسيما فى ظل إستمرار التفجيرات الإرهابية من قبل جماعة الإخوان المسلمين، لافتاً إلى أنه بعد قرار دمجها كان لابد من اختيار شخصية تمتلك خبرة اقتصادية ولديها القدرة على تولى هاتين الحقيبتين فى الوقت الذى يعانى فيه الاقتصاد من حالة تردى اتضحت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، وهذا الأمر لا ينطبق على الإطلاق على منير فخرى عبد النور ، إذ أن خبرته الاقتصادية تتلخص فى التجارة الداخلية فقط ، وغير ملم بملف الاستثمارات والتجارة الخارجية . وتوقع الشريف أن يحدث نوع من الركود الاقتصادى على صعيد الصناعة والاستثمارات خلال الفترة المقبلة إذا لم يكن هناك نوعاً من التقييم والمتابعة لأداء هذه الوزارات على وجه الخصوص خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن الحكومة المقبلة ستقوم بفك هاتين الوزارتين لأنه لا يصلح دمجهما على الاطلاق. مفيد بينما رأى عبد الغفار شكر، رئيس الحزب الاشتراكى المصري، أن قرار المهندس إبراهيم محلب قد جاء فى وقته، خاصة ان هذا القرار سيساهم فى القضاء على البيروقراطية الإدارية والروتين الحكومي، فضلاً عن ان هذا القرار سيساهم فى تقليل حجم النفقات الحكومية، لاسيما فى ظل تردى الأوضاع الاقتصادية والسياسية للبلاد. وأضاف شكر أن قرار دمج الوزارات قد يساهم فى التخلص على الإضرابات العمالية خاصة أن سيساهم فى زيادة معدلات الدخل للعمال ، والذى سيحدث عقب تقليل حجم الإنفاق الحكومى الأمر الذى يؤدى لخلق نوع من التحسن المعيشى للعمال. أمر طبيعى بينما يرى الدكتور محمد شوقى ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن دمج عدد من الوزارات أو فكها ، يعد أمراً طبيعياً وليس بجديد، إذ اعتادنا عليه من قبل الحكومات السابقة، موضحاً أن هذا الأمر قد يساهم فى تحسن الظروف الاقتصادية للبلاد خلال هذه الفترة، إلا أن هذا الأمر لا يمنع من أنه فور إقالة أو استقالة الحكومة الحالية ستأتى حكومة أخرى تخلفها وتقوم بفك هذه الوزارات. وأضاف شوقى أن الأهم من دمج الوزارات ، هو اختيار الشخصيات المناسبة لتولى هذه الوزارة، خاصة أن الحكومة الجديدة إن كانت تسعى لتقليل النفقات، فإنها بإختيار شخصيات غير ملائمة لمناصب هذه الوزارات فإنها ستزيد من حجم النفقات على عكس ما كانت تتوقع . وطالب شوقى المهندس إبراهيم محلب ، بضرورة أن يقوم بتتقيم الاداء الشهرى للوزارات التى دمجها، وذلك لمعرفة مدى تأثر الأداء الوزارى لهذه الوزارات بعدما تم دمجها، وإن وجد تأثرها بالسلب فعليه على الفور أن يقوم بإصدار قراراً بتفكيك هذه الوزارات، وذلك حتى يضمن أن يمتلك حب المواطنين لمساعدته على الإستمرار فى تولى رئاسة الحكومة عقب إجراء الإنتخابات الرئاسية.