لم يكن قبل عامين بأكثر من طالب فى القسم الإكلينيكى بكلية الصيدلة جامعة القاهرة لا يملك فى المجال الأدبى اكثر من بعض الخواطر الأدبية والقصائد الشعرية العامية منها والفصحى ، قبل أن تكون ضربة البداية فى مطلع عام 2012 من خلال روايته الأولى (مسافر وحيد) الحائزة على اختيار هيئة الثقافة الدانماركية فى معرض الكتاب لنفس العام للسفر للجاليات العربية بالدانمارك احتفالا بشباب الربيع العربى ، وهو الاختيار الذى تلاه بعد ذلك انتقالها لعدة دول أخرى من بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية والامارات العربية المتحدة وفلسطين والسودان. تدور أحداث مسافر وحيد فى فلك اجتماعى تاريخى يسرد قصة النصف الثانى من القرن العشرين من خلال شخصية (وحيد) وما ظهر عليها من تغيرات نفسية واجتماعية كانت مرآة لسير خطى مصر خلال سبعين عاما هى مشوار البطل بين صفحات كتابه ، القارئ ل(مسافر وحيد) يلحظ تمسك احمد ابراهيم الشديد بقوة اللغة ومتانة الأسلوب عائدا بهما لعصر قديم كان التمسك بالاطار الأدبى من اساسيات الكتابات ، إضافة لظهور جانب الفلسفة الحياتية البارز فى بعض الجمل على لسان الأبطال من جانب وتنوع الأحداث بما يترك عبرة واضحة لدى القارئ من جانب آخر ، وهو ما أصر الكاتب على ظهوره مفضلا استفادة قارءه بالجانبين اللغوى والفلسفى على السواء. لعل الجانب الانسانى لم يغب عن قلم احمد ابراهيم ممثلا اياه فى علاقتين لم تحظى الإنسانية بعد بأسمى منهما (الأمومة والصداقة) مدللا على كليهما بأمثلة حية كانت السبيل الوحيد فى حياة البطل الذى هوَّن عليه الكثير من مفارقات كادت تعصف بمشواره طوال عقود ، غير انه لم يغفل ايضا ادخال بعض من المعوقات (الانسانية) مدللا على وجود الصراع الأبدىى بين الخير والشر على الدوام من خلال صراع اسرى ظهر فى طفولة البطل ثم صراع مادى ظهر فى شبابه وأخيرا ذلك الصراع الطبقى الظاهر فى رجولته وشيخوخته. (مسافر وحيد) كضربة بداية لكاتب لم يتعدَّ الحادية والعشرين حين كتابتها تبدو بداية مبشرة لأحمد ابراهيم اسماعيل الذى اتبعها بثلاثة روايات لم يظهر منها بعد للنور غير رواية (الحادثة). (الحادثة)…الخطوة الثانية فى طريق أحمد ابراهيم والمولودة من رحم معرض القاهرة الدولى للكتاب للعام 2013 كانت تأكيدا على اصراره على الظهور من جديد بين الكبار بثوب مختلف فى تفاصيله محتفظ باطاره الخارجى الذى شكَّله الكاتب لنفسه فى جميع كتاباته ، اختلفت عن (مسافر وحيد) فى كونها تنتمى للمعسكر البوليسى المميز بتلاحق احداثه وغموض تتابعاته وحركة اشخاصه مع احتفاظها باللغة القوية والاسلوب الادبى العائد للمدرسة الكلاسيكية التى يعتز احمد ابراهيم بشدة بانتمائه اليها. كعادته لم يغفل الكاتب اضفاء اللمسة الانسانية على سير احداث روايته مؤكدا على وجود الجانب الأبيض ولو بتواجد ضعيف فى عالم الإجرام من الممكن استغلاله شيئا فشيئا لتطهير هذا العالم السفلى الغامض. تشابك الأحداث وتنوعها بين الهدوء تارة والسخونة تارة أخرى فى حياة البطل ضحية الحادثة فى بداية الرواية كان ذا اثر جميل أتاح للقارئ فرصة التقاط الأنفاس من جانب والتمعن فى الجانب الفلسفى الذى تمسك احمد ابراهيم بوجوده من جديد محافظا على هدفه فى استفادة قارئه واحياء لغته على السواء من جانب آخر. يكفى ان نقول ان اعتماد احمد ابراهيم فى بناء روايته على مجرد ورقة صغيرة لتاريخ قديم وصورة مهترئة لعجوز مسن وجدهما البطل فى جيبه فى أول مشاهد الرواية كان له أكبر الأثر فى جذب القارئ لآخر المشاهد دون ملل أملا فى اكتشاف السر الذى ظل غامضا طوال 320 صفحة هى عدد صفحات الرواية. اللافت أيضا لانتباه قراء أحمد ابراهيم فى روايتيه كان التجاءه دائما لله من خلال أبطال كتاباته فى كل عقبة يواجهونها رآها تواجه عددا لا بأس به من ابناء مجتمعه بشكل خاص وابناء انسانيته بشكل عام. يكفينا فى الختام ان نؤكد ان (مسافر وحيد) و (الحادثة) خطوتان مضيئتان فى طريق ادب الشباب العربى بشكل عام وطريق أحمد ابراهيم اسماعيل بشكل خاص الذى قال ان حلمه الأكبر ان يتربع على عرش أدباء العالم يوما ما ولن يبخل فى سبيل تحقيق ذلك بأى شئ.