أكد الدكتور عصام الحداد، مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية، أن المبادرة الرباعية المصرية للأزمة السورية تم تطويرها لإضافة آلية تضمن الخروج السلمي لسوريا من هذه المعضلة التي تعاني منها الآن، مشيرا إلى أن مصر تسعى إلى تحقيق عدد من الأهداف في سوريا أولها إيقاف نزيف الدم السوري الذي يراق الآن، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية ومنع أي تدخل خارجي في الأزمة وأن تكون هناك حرية للشعب السوري في اختيار من يحكمه. وقال الحداد، في تصريحات صحفية على هامش زيارة الرئيس محمد مرسي إلى البرازيل، إنه لكى تتحقق كل هذه الأهداف ثبت أن الحرب الدائرة الآن في سوريا يصعب بكل الطرق الايمان بأنها ستؤدي إلى نتيجة، وإذا كان ذلك فالحل الوحيد هو أن نجد وسيلة أخرى غير الحرب لتحقيق هذه الأهداف. وأشار إلى أن الرئيس محمد مرسي أكد أن مصر تسعى لإيجاد آلية يمكن أن تتضمن حلا تفاوضيا يحقق هذه الأهداف للشعب السوري، مؤكدا أن "أي دور تستطيع أن تقوم به مصر لإنقاذ الشعب السوري لن تتراجع عنه إطلاقا، ولا يمكن أن نسمح لأنفسنا بأن تسيل هذه الدماء ولا نفعل شيئا وأن استمرار الحرب بهذه الوتيرة لن يؤدي الى نتيجة". وقال ردا على سؤال حول ما أعلنه الرئيس محمد مرسي من أن مصر لا تفضل طرفا على آخر في سوريا، قال الحداد إن مصر تتعامل مع المعارضة السورية كلها باعتبار أنهم يمثلون الشعب السوري الذي يتطلع إلى الحرية والكرامة والديمقراطية كما فعلها الشعب المصري وغيره من شعوب المنطقة، مضيفا: "إننا نتطلع للعمل مع جميع الأطراف السورية للوصول إلى حل ومخرج للأزمة وإيقاف نزيف الدم". وحول إمكانية أن يكون هناك تواصل مع النظام السوري الحالي في إطار المبادرة المصرية الرباعية لحل الأزمة السورية، قال الحداد إن "هناك من تلوثت أياديهم من النظام السوري بالدماء وهناك من لم تلوث أياديهم وحتى نصل إلى مخرج للأزمة السورية لابد أن يكون هناك أحد يمثل النظام السوري ولكن ممن لم تلوث أيديهم بالدماء وترضى عنه المعارضة ليجلسوا معا على طاولة واحدة وسترعاهم مصر بكل الطرق حتى يتم الوصول إلى مخرج يحقق آمال وطموحات الشعب السوري". وأكد الحداد أن الأيام المقبلة ستشهد نشاطا واجتماعات في إطار المبادرة بالقاهرة وفي إطار ما أعلنت عنه أمريكا وروسيا من إبداء رغبتيهما في إيجاد حل ومخرج للأزمة السورية، وقال إن "الجانبين على اتصال دائم مع مصر ويريدون أن يتعاونوا معنا في هذا الأمر". وحول استمرار مشاركة السعودية في هذه المبادرة، قال الحداد إن السعودية عضو غير حاضر في المبادرة، مشيرا الى اتفاق الجانب السعودي مع مصر بأن أي إمكانية نستطيع بها أن نعين الشعب السوري فهم يؤيدونها. وفيما يخص رؤية مصر حول طرح مبادرة تبادل الأراضي بين إسرائيل وفلسطين لإقرار السلام في الشرق الأوسط، قال الحداد إن وزير الخارجية محمد كامل عمرو أكد أن المبادرة العربية للسلام هى التي لابد أن تأخذ حقها في الفهم والتعامل، فهى المبادرة التي أقرتها القمة العربية منذ 10 سنوات ولا يستطيع أحد أيا كان أن يغير من المبادرة العربية للسلام إلا من خلال قمة عربية أخرى. وحول استدعاء الخارجية المصرية للسفير الإسرائيلي اعتراضا على سوء معاملة أعضاء السفارة المصرية في إسرائيل وهل يمكن أن يكون هناك تصعيد مصري بعد قيام إسرائيل بالإعلان عن بناء وحدات استيطانية جديدة مؤخرا وماحدث مع مفتى القدس، قال الحداد إن مخالفات إسرائيل لاتتوقف، مشيرا إلى أنها قدمت اعتذارا رسميا لمصر حول ما حدث لأعضاء السفارة المصرية في تل أبيب. وردا على سؤال حول كيف توازن مؤسسة الرئاسة بين التقارب مع إيران ومخاوف ورفض السلفيين لهذا التقارب، قال مساعد الرئيس إن الرفض السلفي للتقارب المصري - الإيراني الآن يأتي خشية من أن يكون هناك نشاط إيراني يؤدي إلى التشيع بمصر، ولابد من الاتفاق حول الإجراءات التي تستطيع أن تمنع ما يخشون منه وكيف نعتمد الآليات التي تحول وتمنع تدخل أحد في الشأن المصري، موضحا أن علاقات الدول لها تقديرات أخرى تماما والدول ليست شيعية أو سنية أو سلفية ولكنها مكونات من شعوب وأديان مختلفة. وردا على سؤال حول انعكاس الوضع السياسي على الوضع الاقتصادي وأن المناخ السياسي المصري الآن أصبح طاردا للاستثمارات ورجال الأعمال؟ قال الحداد إن هناك من يحرص على أن يكون المناخ السياسي الآن في مصر طاردا للمستثمرين، وتساءل: "هل عندما يعتدي بعض الشباب على فندق سميراميس ومؤسسات الدولة ويشجعهم البعض فهل لهذا علاقة بالسياسة؟". واعتبر أن هناك من يحرك كل هذه الأحداث بغرض طرد الاستثمارات وطرد السياحة، مضيفا أنه لايمكن أن يكون هناك توافق سياسي في كل شيء، لكن هناك دائما جهدا يبذل من كل الأطراف لمحاولة إيجاد مخارج وحلول نستطيع بها أن نسير سفينة مصر. وطالب الحداد الجميع بالعمل والاجتهاد حتى تتحرك مصر إلى الأمام، مؤكدا أن "الوضع السياسي يؤثر بالفعل على الوضع الاقتصادي والاستثمارات الأجنبية ولكننا لابد أن نؤكد أيضا أن ما نرصده ونراه الآن أن كل المستثمرين الأجانب تزيد استثماراتهم في مصر وهذا يرجع إلى أنهم يرون أن الأمر يختلف ويتحرك إلى الأمام وأن درجات الأمن والتوافق في زيادة مستمرة وأنه إذا كانت هناك معارضة تؤدي دورها فهناك رئيس وحكومة أيضا يؤدون دورهم كما أن وجود اختلافات وعدم توافق كامل بين الجميع هذا طبيعة العملية الديمقراطية". وقال إن الجميع كان يتمنى أن تجري انتخابات ويختار مجلس نواب ويعبر عن التيارات المختلفة من الشعب وبالتالي يتم تشكيل الحكومة حسب الدستور الجديد من خلال توازن هذه التيارات. واعتبر أن بعض المصريين يعيقون مسيرتهم بأنفسهم ولكن التحول الديمقراطي في أي دولة في العالم يأخذ وقتا طويلا ومصر عاشت ما بين 30 و60 عاما في عملية لاديمقراطية، ولابد أن نعمل سويا ونحترم وجهة النظر الأخرى لنحقق إنجازا لمصر لأن المركب لنا جميعا وكل مصري يحمل سهما في هذا الوطن. وحول عدم استفادة مصر من تجارب الدول الأخرى التي سبقت في التحول الديمقراطي، قال الحداد إن مصر تسعى للاستفادة من تجارب الدول الأخرى في عمليات الديمقراطية والتحول الديمقراطي، مشيرا إلى أن "مصر حققت إنجازا كبيرا بمقاييس التحول الديمقراطي، فخلال عامين أصبح لدينا رئيس منتخب ودستور تم الاستفتاء عليه وكان لدينا برلمان منتخب وتم حله ولدينا مجلس شورى ونسعى لإجراء الانتخابات البرلمانية الجديدة". وأضاف الحداد قائلا: "استطعنا أيضا أن نتطور في تنظيم العلاقة العسكرية المدنية بشكل لاتزال دول كثيرة تعاني منه الآن"، مؤكدا أن محاولة إعادة هذه العلاقة للوراء ليس في صالح الدولة المدنية التي يريدها الجميع أو فى صالح الجيش الذى يكمن دوره في حماية البلاد وأمنها القومى. وقال إن التجربة المصرية واضحة ودور الجيش خلال ثورة يناير كان إيجابيا جدا وقام بتسليم السلطة تسليما راقيا إلى سلطة مدنية منتخبة وهو الآن يتفرغ للمهمة التي لايقوم بها جيش آخر في المنطقة لأن الجيش المصري هو الجيش الوحيد القادر على الدفاع عن مصالح مصر وأمنها القومي ولابد أن نعي هذه الأمور جيدا، مؤكدا أننا نسير بخطى تعتبر إنجازا فى أى عملية تحول ديمقراطي. وحول جولات الرئيس الخارجية والمردود الذي تحققه للمواطن المصري، قال الحداد إن الرئيس مرسى أكد أنه يقوم بغرس البذور وعندما يأتي وقت الحصاد سيستفيد الجميع به وما بين الحصاد والغرس فترة زمنية وتحتاج أن نرعى هذه الأرض ونحافظ عليها ونحن نقوم بذلك الآن. وأضاف أن الرئيس محمد مرسي جاء إلى البرازيل بهدف الاستفادة من تجربة البرازيل في العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر والاطلاع على طفرتها غير العادية فى الاكتفاء الذاتى اقتصاديا ومن المواد الغذائية، مؤكدا أن هناك فرصة كبيرة للاستفادة من التجربة البرازيلية والتى استطاعت أن تخرج حوالى 40 مليون مواطن من تحت خط الفقر فى حوالى 10 سنوات، وذلك بمجموعة من الإجراءات والسياسات التي اطلع عليها الجانب المصري للاستفادة منها ونقلها للمجتمع المصري. وردا على قرار دولة الإمارات بالإفراج عن 103 مصريين ودفع كفالتهم المالية، رحب الحداد بهذه الخطوة، مؤكدا أن القرار خطوة إيجابية للأمام ونتمنى أن تتبعها خطوات أخرى لأن العلاقات بين البلدين علاقة إستراتيجية ولايمكن أن يتصور أحد أن تتأثر بقضايا عرضية، مشيرا إلى أن مصر تسعى لإزالة أي شيء يمكن أن يخيم أو يؤثر على هذه العلاقة الاستراتيجية. واعتبر أن استقبال شيخ الأزهر في الإمارات مؤخرا كان في منتهى الرقي والاحترام والتقدير ودعم رئيس الإمارات لمشيخة الأزهر يقدر ويحترم وكذلك الإفراج عن المسجونين المصريين، وأكد الحداد أن مصر تتوقع أن يكون وضع المصريين في الإمارات أفضل ويتم إزالة كل المعوقات التي تواجههم والتي يحاول البعض إيجادها وإزالة أي غيوم يمكن أن تؤثر على العلاقات بين البلدين. وحول التقارب المصري - الإيراني حاليا وإمكانية أن يؤثر بالسلب على العلاقات المصرية مع دولة الإمارات أو دول الخليج، قال الحداد إنه لابد أن يعلم الجميع أن حجم التبادل التجاري بين الإماراتوإيران يصل إلى 30 مليار دولار، وعدد الرحلات الجوية بين البلدين 35 رحلة جوية، مشيرا إلى أنه لابد أن نفصل بين علاقة الدول والمصالح التجارية التي تخدم الشعوب وبين المواقف السياسية. وأكد الحداد أن موقف مصر واضح وإنتماءها إسلامي عربي ولا جدال في ذلك ولا يمكن أن تتأثر علاقة مصر بإيران بعلاقاتها مع أي دولة عربية أو أن تكون هذه العلاقة على حساب أي دولة، بل يمكن أن تخدم هذه العلاقة الدول العربية في نزع فتيل الاحتقان ومحاولة حل مشاكل وإيجاد آليات نستطيع من خلالها أن نحول دون تفاقم مشكلات. واستشهد الحداد بالأزمة السورية قائلا: "مصر أكدت أن إيران يجب أن تكون جزءا من الحل بدلا من أن تكون جزءا من المشكلة" فنحن لا نريد لهذه المنطقة أن تكتوي بنار الحروب والصراعات والتي ستأكل أبنائها ومقدراتها، بل نريد أن توجد آليات تستطيع بها أن تتغلب على الصراعات مع احترام الاختلاف والتنوع بين كل أبنائها". وقال إن كل شعب في المنطقة لديه الحرية في اختيار النظام الحاكم الذي يريده وألا يتدخل أحد في شئون الآخر الداخلية. وحول تقييمه للعلاقات المصرية - الأمريكية، قال الحداد إنها تسير بشكل جديد قائم على الاحترام المتبادل بين الجانبين والمنفعة المشتركة، وهذه العلاقة تتطور إيجابيا وفقا لهذه القواعد وعلى جميع المستويات، مشيرا إلى وجود تيارات داخلية كثيرة في أمريكا لديها ارتباطات خارجية تحرص على ألا تكون هناك علاقة إيجابية بين مصر والولاياتالمتحدة وتحاول إفساد هذه العلاقة باستخدام الاعلام أو استخراج بعض الأشياء القديمة، وهذا يمكن أن يؤثر على متخذ القرار في أمريكا لأنه لابد أن يرضي الكونجرس وأعضاءه. وقال الحداد إن مصر توضح باستمرار موقفها من بعض القضايا المهمة، فهناك قانون الجمعيات المدنية والذي لم يتم إقراره حتى الآن وما تتم مناقشته الآن يساعد في تحسينه باستمرار، وسيكون هذا القانون مفيدا لمصر ورؤيتها لجميعات المجتمع المدني لتكون من أعمدة الدولة الأساسية وليس كما يصوره البعض. وأشار إلى أن البعض يحاول أن يصور أن حقوق الإنسان منتهكة في مصر، وتساءل: "فهل حقوق الإنسان خلال ال30 عاما في ظل حكم النظام السابق لم تكن منتهكة؟ وكان يتم دعم نظام ديكتاتوري وكان الدعم المادي يأتي للنظام السابق في كل المجالات الاقتصادية وغيرها.. إذان القضية ليست حقوق الإنسان ولكنها أبعد منذ ذلك ولكن هذا لا يعني مطلقا أن نهمل حقوق الإنسان ولابد من اتخاذ الكثير من الإجراءات لأن ذلك لن يتحسن في يوم وليلة". وأكد الحداد أن لدينا آليات تحمي مصر الدولة التى نريد أن نبنيها ولكن هناك جهات تحاول أن تصعد وتفسد العلاقة بين مصر وغيرها من الدول لخدمة مصالحها الشخصية. وردا على سؤال حول موعد زيارة الرئيس مرسي إلى الولاياتالمتحدة وأسباب تأجيل الزيارة حتى الآن، قال الحداد إن هناك دعوة للرئيس مرسي لزيارة أمريكا وكان مقررا لها 17 ديسمبر الماضي، ولكن الاستفتاء عندما أجرى في نفس التوقيت صعب من إجراء الزيارة في نفس التوقيت، مضيفا أنه حدث بعد ذلك كثير من التفاعلات وفى آخر اتصال بين الرئيسين محمد مرسى وباراك أوباما أكد الأخير أن الدعوة لا تزال قائمة ونريد أن نوفر للزيارة كل عوامل النجاح. وردا على سؤال حول ما يردده البعض من وجود تعارض بين دور وزير الخارجية ودوره بشأن إدارة ملفات السياسة الخارجية لمصر، اعتبر الحداد أن هذا الكلام تجن ولا يجوز أن يثار لأن السياسة الخارجية تدار بأسلوب مؤسسي تحدث عنه الرئيس ووزير الخارجية، مشيرا إلى وجود مجموعة من المدخلات من أماكن مختلفة هى التى تبلور وتشكل هذه السياسة الخارجية طالما استقر عليها ليتم تنفيذها عبر أداة التنفيذ الرئيسية وهى وزارة الخارجية، ولكن بلورة السياسة يشارك فيها الجميع لأن مصر تخطو الآن خطوات جديدة فى سياساتها الخارجية. ورفض الحداد اجتزاء السياسة الخارجية لمصر في شخص واحد، مشيرا إلى أن هناك مجهودا يبذل من وزير الخارجية ومن الرئاسة وأن هذا الجهد يصب في منظومة متكاملة لخدمة السياسة الخارجية المصرية في طورها الجديد.