العمل مستمر في مواقع بناء المساكن بالعديد من المدن المصرية.. تراجع الاقتصاد المصري بدرجة كبيرة خلال العامين الماضيين لكن سوق العقارات استفادت إلى حد بعيد من ذلك الوضع. إذ يخشى كثير من المصريين ترك مدخراتهم في البنوك أو استثمارها في البورصة ولذا يتجهون إلى الاستثمار في العقارات. وفقد الجنيه المصري نحو عشرة في المئة من قيمته وتراجع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي إلى مستويات تثير القلق. وتناقصت مدخرات المصريين بصورة طردية مع انخفاض قيمة العملة المحلية وزادت الحاجة إلى ملاذ آمن لتلك المدخرات. وقال عمر طلعت من مجمع (زايد ديونز) العقاري بمدينة السادس من أكتوبر على مشارف القاهرة "الناس اللي بتفكر في الاستثمار بتلجأ طبعا للعقارات أكثر من البنوك وأكثر من البورصة في الوقت الحالي. العقارات التزايد فيها والاستثمار فيها أكثر بكثير. قلة عدد المشاريع والأراضي المطروحة والمشاريع اللي في المستوى الفاخر زي المشروعات عندنا عددهم قليل والطلب عليهم زاد. فالناس بدأت تستثمر فيهم أكثر من البنوك وأكثر من البورصة كثير. يمكن العقارات في مصر كمان بقى لها فترة طويلة في الاستثمار مضمونة وناس كثير جربوها واطمأنت أكثر لسوق العقارات في مصر. دا أكثر حاجة خلت الناس تلجأ لها." ومع استمرار الزحام والاختناق المروري والتلوث داخل القاهرة يفضل الموسرون الذين يستطيعون إنفاق ما يزيد على مليون جنيه (145 ألف دولار) لشراء وحدة سكنية الاتجاه إلى مناطق أكثر هدوء على مشارف المدينة. وتشمل المشروعات العقارية الفاخرة الجديدة مساحات خضراء وأحواضا للسباحة وقاعات للألعاب الرياضية ومجمعات للتسوق ومطاعم. وتحاط تلك المجمعات السكنية بأسوار لها بوابات عليها حراس فيتحقق لسكانها قدر أكبر من الخصوصية والأمان مقارنة بالعديد من المناطق الأخرى داخل القاهرة. شارك عدد كبير من الشركات في أحد معارض المشاريع العقارية الجديدة في القاهرة في الآونة الأخيرة. سوديك للتطوير العقاري من الشركات الرائدة في مصر والشرق الأوسط بهذا المجال. تقول سوديك إن سوق العقارات تشهد إقبالا متزايدا من المشترين. وقال أحمد بدراوي العضو المنتدب للشركة خلال المعرض العقاري "حققنا مبيعات قوية جدا العام الماضي قيمتها الإجمالية 1.8 مليار (جنيه مصري) والصافية 1.6 مليار (جنيه مصري). هذه أرقام قريبة من السنوات التي تحققت فيها أعلى المبيعات قبل الثورة. مبيعات الربع الأول من العام الجاري تقارب 670 مليون (جنيه مصري) في الإجمالي و560 مليون (جنيه مصري) صافي. إذا حللنا ذلك سنرى أنه أفضل كثيرا من العام الماضي وكل الأعوام السابقة. لذا فأنا على ثقة من أن كل الأسباب الأخرى التي نتحدث عنها للأداء الضعيف للشركة تصب في مصلحتنا." ووضعت سوديك خططا لتنفيذ سبعة مشاريع عقارية أخرى جديدة مع تزايد الطلب في السوق. وتشير تقديرات شركات التطوير العقاري ووكالات تسويق العقارات إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بنسبة 20 في المئة مع زيادة الطلب وانخفاض قيمة الجنيه. وبات تراجع قيمة العملة المصرية أمام العملات الأجنبية عنصر إغراء لمشترين من ليبيا وسوريا والسودان وغيرها من البلاد العربية للاستثمار في وحدات سكنية جديدة في مصر. وقال كريس سبيلر المدير التجاري لشركة إنفورما التي نظمت المعرض العقاري "لا يمكن إنكار أن الثورة أثرت على سوق العقارات.. لا جدال في ذلك. لكن الأمر الآن يتعلق بعودة الشفافية والاستقرار إلى السوق الأمر الذي من شأنه أن يشجع المستثمرين على العودة. نتحدث خلال المعرض إلى مستثمرين من كل أنحاء العالم ولقد أبدوا اهتماما حقيقيا بمصر ويريدون الاستثمار في مصر. لكنهم ينتظرون عودة الاستقرار بالفعل." وأضاف "مصر فيها فرص فريدة فهي تختلف عن بعض تلك الأسواق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ثمة طلب طبيعي هنا وهو أمر يجب أن يدركه الناس ويركزوا عليه." وذكرت شركة جونز لونج لاسال الاستشارية في تقرير حديث أن أسعار الشقق السكنية بضاحية القاهرةالجديدة الراقية زادت إلى أربعة أمثال خلال الربع الأول من عام 2013 مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق. وتسعى بعض شركات التطوير العقاري الأجنبية لدخول السوق المصرية للاستفادة من ذلك الانتعاش. وذكرت مجموعة الفطيم وشركة إعمار الإماراتية في أكتوبر الماضي أنهما تعتزمان الاشتراك في مشروع بكلفة خمسة مليارات جنيه مصري لإنشاء مجمع تجاري وترفيهي وسكني خارج القاهرة. لكن اضطراب الوضع السياسي يؤثر على كثير من شركات التطوير العقاي حيث أجل بعضها أو أوقف مشاريع ضخمة في أعقاب اتهامات بشراء أراض بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية.