* إن الحقائق الجارية اليوم من قبل سياسات الاستيطان الإسرائيلي علي أرض فلسطين العربية ، تؤكد أننا أمام (جريمة حرب) بكل ما تعنيه من معاني ودلالات ، فالاستيلاء علي أرض الغير وطردهم منها ، بل وفي الغالب قتلهم فيها ، ثم تجريف بيوتهم وحقولهم وزرع مستوطنين بديلاً عنهم فوق هذه الأرض ، يعد (جريمة) أقسي في فعلها من الجرائم التي ترتكب إبان الحروب المسلحة ، فالأبعاد النفسية والأخلاقية والسياسية هنا أشد إيلاماً مما هي في حالة الحرب المسلحة ، والحقائق التي تبني علي الأرض أشد مرارة من تلك التي تخلفها الحرب المسلحة . إن جريمة الاستيطان الصهيوني في فلسطين اليوم في العام (2013) زادت وتعقدت في أجواء ما سُمي بالربيع العربي ، واقترب عدد المستوطنات في الضفة الغربية من 200 مستوطنة رئيسية فضلاً عن 150 موقعاً استيطانياً عشوائياً آخر . إن هذه المستوطنات تقضم حوالي 40% من مساحة الضفة الغربية ويقطن فيها نصف مليون إسرائيلي أقيمت بيوتهم ومستوطناتهم بطرق التوائية غير شرعية مثل الكيان الصهيوني ككل ، والتي جعل من فلسطين كلها مستوطنة كبيرة غير شرعية ، يستلزم لمواجهتها ؛ المقاومة المسلحة طويلة المدي وليس فحسب المقاومة السلمية ، لأننا وبصراحة إزاء حكم عنصري في وطن يلفظه ، ومحيط عربي وإسلامي يقاومه رغم مهادنات الحكام وتبعيتهم . *** إن قصة الاستيطان الصهيوني في فلسطين ، تعد إرهاباً من قبل دولة عدوانية مزروعة عبر التآمر الدولي الذي لايزال يحميها . إن هذا الإرهاب الاستيطاني ليس منفصلاً عن مجمل استراتيجية العدو لاحتلال فلسطين ، وفرض الإرهاب الدموي علي شعبها ، وأحد أبرز وسائلهم في ذلك هو (الاستيطان) ، والذي يعني زرع أرض فلسطين بمئات المستوطنات المبنية علي مفارق طرق ، وعلي مواقع استراتيجية تحول دون التواصل الجغرافي لفلسطين ، وتؤدي إلي تهديد وإزالة الهوية العربية للشعب الفلسطيني ، وعزله في كنتونات متباعدة ؛ ولعل في متابعة مراحل وتاريخ الاستيطان وأهدافه الخبيثة ، ما يؤكد مخاطره علي فلسطين البشر والأرض والقضية . يحدثنا التاريخ أن الاستيطان الصهيوني قد مر بأربع مراحل، وما نعيشه اليوم هو المرحلة الخامسة والأخيرة من مراحل الاستيطان وفيها :
المرحلة الأولي: بدأت منذ انعقاد مؤتمر لندن عام 1840 بعد هزيمة محمد علي، واستمرت حتي عام 1882، وكانت هذه المرحلة البدايات الأولي للنشاط الاستيطاني اليهودي، إلا أن مشاريع هذه المرحلة لم تلق النجاح المطلوب بسبب عزوف اليهود أنفسهم عن الهجرة إلي فلسطين ، والتوجه إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية أو الانخراط في مجتمعاتهم ، ومن أبرز نشطاء هذه المرحلة اللورد شافتسبوري ، واللورد بالمرستون، ومونتفيوري . المرحلة الثانية: بدأت عام 1882 واستمرت حتي بداية الانتداب البريطاني علي فلسطين عام 1920، وفي هذه المرحلة بدأ الاستيطان الفعلي في فلسطين ، وشهدت الموجات الأولي والثانية من الهجرة اليهودية إلي فلسطين خصوصاً من أوروبا الشرقية وروسيا، ومن أبرز نشطاء هذه المرحلة لورنس أوليفانت، وروتشليد، وهرتزل، وفي هذه المرحلة بدأت المؤتمرات الصهيونية العالمية وأسست المنظمة الصهيونية العالمية. المرحلة الثالثة: وهي مرحلة الانتداب البريطاني علي فلسطين، وفي هذه المرحلة تم تكثيف عمليات استملاك اليهود للأراضي الفلسطينية، وتدفق الهجرة اليهودية ، حيث شهدت هذه المرحلة الموجات الثالثة والرابعة والخامسة. المرحلة الرابعة: وبدأت منذ إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 حين استولوا علي 77% من مساحة فلسطين والتي شرد أهلها وذبحوا ذبحاً ، وصولاً إلي العام 1967، وفيها تمكنت إسرائيل من الاستيلاء علي الأراضي الفلسطينية وتوافد المهاجرون اليهود بكثرة ليصلوا إلي قرابة ال 5 ملايين مستوطن . أما المرحلة الخامسة فهي التي نعيشها اليوم وسنتحدث عنها في العدد القادم إن شاء الله .