يحتفل العالم بعد غد الأربعاء باليوم العالمى للديمقراطية الذى أقرته الجمعيةالعامة للأمم المتحدة فى عام 2007 باعتبار 15 سبتمبر يوما عالميا للديمقراطيةتأكيدا من المنظمة الدولية على استمرار الحاجة إلى النهوض بالديمقراطية والتنميةواحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.وتم اعتماد القرار باتفاق الآراء ، وأكدت الجمعية العامة فى حيثيات قرارها أنجوانب مشتركة تجمع بين الديمقراطيات فى العالم .. غير أنها أكدت فى الوقت نفسهعدم وجود نموذج واحد للديمقراطية فى العالم ، كما أن الديمقراطية لا ترتبط بشكلعام بمنطقة معينة فى العالم أو ببلد محدد بعينه ، فالديمقراطية حسب تأكيد الجمعيةالعامة ، مفهوم عالمى وكونى وشامل يقوم على قدرة الشعوب على التعبير عن إرادتهاوعلى حريتها فى اختيار نظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الخاصةبها.والديمقراطية أيضا ليست غاية بحد ذاتها بل هى وسيلة لتحقيق التقدم الاقتصادىوالاجتماعى وتعزيز السلام والأمن العالميين واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون - فى رسالته بهذه المناسبة - أنالدول والمجتمعات المحلية هى المسئولة عن إقامة الديمقراطية بدعم من المجتمعالدولى ، ويأتى الاحتفال باليوم الدولى للديمقراطية هذا العام قبل أيام معدودة منانعقاد مؤتمر القمة المعنى بالأهداف الإنمائية للألفية بمقر الأممالمتحدة فىنيويورك ، ويجتمع قادة العالم للدفع نحو إسراع وتيرة التقدم المحرز قبل حلولالموعد النهائى فى عام 2015 ، لتسنح لنا فرصة هامة للتأكيد على الدور المحورىالذى تضطلع به الديمقراطية فى الحد من الفقر وتعزيز الرفاهية للانسان.وقبل خمسة أعوام ، اتفق قادة العالم فى القمة العالمية على أن الديمقراطيةوالتنمية وحقوق الإنسان أمور مترابطة يعزز بعضها بعضا، وفى إعلان الألفية لعام2000، عقدت جميع حكومات العالم العزم على أنها لن تدخر جهدا فى تعزيزالديمقراطية وتدعيم سيادة القانون، فضلا عن احترام جميع حقوق الإنسان والحرياتالأساسية المعترف بها دوليا، بما فى ذلك الحق فى التنمية.وتكتسى الشفافية والمساءلة والحوكمة المستجيبة أهمية جوهرية بالنسبة لنا إنأردنا لعملنا الإنمائى أن يتكلل بالنجاح ، وقوة الرقابة ، وحيوية المجتمعالمدنى ، والتبادل الحر للمعلومات والأفكار ، والمشاركة الشعبية - وكلها خصائصمميزة للديمقراطية ، تعد أيضا عناصر حاسمة فى حفز النمو الاقتصادى وتحقيق العدالةالاجتماعية.وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون إن النهوض بالديمقراطية ليس مساراخطيا ولا عملية غير قابلة للانتكاس ، ففى الآونة الأخيرة شاهدنا فى أنحاء عديدةمن العالم تهديدات خطيرة لمكاسب الحكم الديمقراطى التى تحققت بشق الأنفس ، وفىبعض المجتمعات واجه أنصار الديمقراطية ونشطاء المجتمع المدنى تدابير صارمةجديدة ، وفى مجتمعات آخرى أطيح بالنظام الدستورى أو تم خلعه أو الانقلاب عليه أوباللجوء إلى العنف أحيانا.وأضاف أن علينا جميعا أن نقلق من هذه الانتكاسات ، مخافة أن تصبح اتجاهاسائدا ، فأى انتكاس للنهوض الديمقراطى هو انتكاس للتنمية ، وستستقيم التنمية أكثرما تستقيم إن كان للناس رأى حقيقى فى شئون حكمهم وفرصة لتقاسم ثمرات التقدم ،ويفرض هذا مسئولية على المجتمع الدولى ، ويتطلع الناس فى شتى أنحاء العالم إلىالأممالمتحدة من أجل المساعدة على صون الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانونوالارتقاء بها ، وإنهم يتطلعون إلى وفائنا بالالتزامات التى تعهدنا بها على مدىالعقد الماضى.وطالب بان كى مون بمناسبة هذا اليوم الدولى الثالث للديمقراطية ، المواطنينوحكوماتهم أينما كانوا فى العالم أن يخلدوا هذا اليوم بأنشطة تبرز دعمهمللديمقراطية ، ولنعترف بأن الحكم الديمقراطى تطلع مشترك ينشده الناس فى جميعأرجاء العالم ، والديمقراطية هدف فى حد ذاتها ووسيلة لا غنى عنها لتحقيق التنميةللبشرية جمعاء ، ولنسمع تلك الرسالة فى مؤتمر قمة الأهداف الإنمائية للألفية وفىشتى أنحاء العالم.وعلى الرغم من أن ميثاق الأممالمتحدة لا يتضمن أى ذكر لكلمة الديمقراطية،فإن العبارة الافتتاحية فى الميثاق نحن الشعوب تعكس ذلك المبدأ الأساسى المتعلقبالديمقراطية ، والذى يقول إن إرادة الشعب تمثل مصدر شرعية الدول ذات السيادة ،وشرعية الأممالمتحدة فى مجموعها بناء على ذلك.والإعلان العالمى لحقوق الإنسان ، الذى اعتمدته الجمعية العامة فى عام 1948،يصور بوضوح مفهوم الديمقراطية، حيث يقول إن إرادة الشعب أساس لسلطة الحكومة ،ويبين الإعلان تلك الحقوق التى تعد ضرورية من أجل الاضطلاع بمشاركة سياسيةفعالة ، ومنذ اعتماد هذا الإعلان ، يلاحظ أنه كان بمثابة إلهام لواضعى الدساتيربكافة أنحاء العالم ، كما أنه قد أسهم بشكل كبير فى تقبل الديمقراطية كقيمةعالمية على نحو شامل.والعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966 ، يرسى القاعدةالأساسية لمبادىء الديمقراطية فى إطار القانون الدولى، وهو يتضمن بصفة خاصة حريةالتعبير ؛ والحق فى التجمع السلمى ؛ الحق فى حرية تكوين الجمعيات مع آخرين ؛ الحقفى المشاركة فى إدارة الشئون العامة سواء بطريقة مباشرة أو من خلال ممثلينيختارون بشكل حر ، وفى الحصول على فرصة مناسبة للقيام بذلك ؛ الحق فى التعبيرالحر عن إرادة الناخبين.كما أن العهد ملزم لتلك الدول التى قامت بالتصديق عليه ، وفى 17 أغسطس 2009،بلغ عدد الدول الأطراف فى العهد 164 دولة ، مما يناهز 85\% من أعضاء الأممالمتحدة ، وتنص اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على الدولالأعضاء التى قامت بالتصديق عليها 186 دولة فى أغسطس 2009 ، أن تكفل المرأة علىقدم المساواة مع الرجل الحق فى التصويت والترشيح فى الانتخابات والمشاركة فىالحياة العامة وصنع القرار.ومنذ مرحلة الكفاح البطولى من أجل الحصول على الحق فى التصويت إلى مرحلةالجهود المتسقة التى يجرى بذلها حاليا فى بلدان العالم بأسره من أجل إدخال الحصصاللازمة والاضطلاع بعمليات تتصل بحجز نسبة بعينها من المقاعد بهدف زيادة أعدادالنساء المنتخبات بوصفهن من النائبات ، حيث أن المرأة كانت لها دائما حصة كبيرةفى ميدان الديمقراطية ، أدركت النساء أن المشاركة الديمقراطية تشكل الوسيلةالرئيسية التى يمكن بها تمثيل مصالحهن مع تحقيق استجابة لهذه المصالح تتسمبالمشروعية من الناحية الاجتماعية وبالاستدامة من الناحية السياسية ، وإذا كانتالنساء بحاجة إلى الديمقراطية ، فإن الديمقراطية بحاجة إليهن أيضا.وأعداد النساء فى الوظائف العامة التى تتسم بانخفاض كبير حيث يصل المتوسطالعالمى لوجودهن فى المجالس الوطنية مجرد 7ر16\% ، كانت موضع اعتراف باعتبارها منأوجه النقص التى ينبغى تقويمها، وتزايد المشاركة النسائية على جميع أصعدة شئونالحكم الديمقراطى ، من المستوى المحلى إلى المستويين الوطنى والإقليمى من شأنه أنينوع من طابع المجالس الديمقراطية وأنه يمكن عملية صنع القرارات العامة منالاستجابة لاحتياجات المواطنين التى ربما كانت قد تعرضت للاهمال فى الماضى.وتشير إحصاءات البرلمان الدولى فى يوليو 2009 إلى نسبة النساء فى البرلماناتالوطنية ذات المجلس الواحد أو مجلس النواب ، ففى بلدان شمال أوروبا تبلغ النسبة42% ؛ الأمريكتين 3ر21% ؛ أوروبا باستثناء بلدان شمال أوروبا 5ر20% ؛ أوروبا بمافيها بلدان شمال أوروبا 3ر19% ؛ آسيا 3ر18% ؛ الدول العربية 7ر9% ؛ أفريقيا جنوبالصحراء الكبرى 3ر18 % ؛ منطقة المحيط الهادىء 13%.وتتلقى الأممالمتحدة من الدول الأعضاء فى كل عام ما متوسطه 24 طلبا لتقديمالمساعدة اللازمة فى الانتخابات ، وبالإضافة إلى شعبة المساعدة الانتخابية ،يلاحظ أن الدعم الضرورى يجرى تقديمه أيضا عن طريق عدد من وكالات الأممالمتحدة ،من قبيل البرنامج الإنمائى ، وإدارة عمليات حفظ السلام ، وبرنامج متطوعى الأممالمتحدة ، والصندوق الإنمائى للمرأة ، ومكتب المنظمة الدولية لخدمات المشاريع ،وصندوق الأممالمتحدة للديمقراطية ، وإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعيةبالمنظمة الدولية.ويتولى برنامج الأممالمتحدة الإنمائى كل عام ، إنفاق ما متوسطه 228 مليوندولار فى 45 بلدا تقريبا من أجل استحداث قدرات مستدامة على إدارة الانتخابات ،وتشجيع المشاركة الشاملة فى العمليات الانتخابية ولاسيما مشاركة النساء وسائرالفئات الناقصة التمثيل ، وتنسيق دعم المانحين المقدم لأعمال الانتخاب.ولقد أقامت الأممالمتحدة كذلك علاقات مع المنظمات الحكومية وغير الحكوميةالتى تشارك فى المساعدة الانتخابية ، وذلك من قبيل الاتحاد الأوروبى، ومنظمةالدول الأمريكية، ومنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا، والاتحاد الأفريقى، والمعهدالدولى للديمقراطية والمساعدة الانتخابية، والمؤسسة الدولية للنظم الانتخابية ،وهذه العلاقات توفر فرصا للتعاون بشأن أنشطة الدعم الانتخابى ، وكذلك لتقاسمالدروس المستفادة والخبرات ذات الصلة.وتشكل المساعدة الانتخابية التى تقدمها الأممالمتحدة عنصرا هاما ناجحا فيمايتصل بحفظ السلام وبنائه وإرساء حكم ديمقراطى، ومع انتشار الديمقراطية، يلاحظ أنهكان ثمة تعاظم أيضا فى دور الانتخابات بوصفها وسيلة لإقامة حكومات شرعية، ومابرحتالأممالمتحدة تشارك فى أعمال الانتخاب بكافة مناطق العالم، مما شمل تقديمالمساعدة اللازمة فى أفغانستان وباكستان وبنجلاديش وتيمور وجزر سليمان وجمهوريةالكونغو الديمقراطية وسيراليون والعراق وكمبوديا وكوت ديفوار وليبيريا ومالىوملاوى ونيبال ونيجيريا وهايتى واليمن، وذلك من بين بلدان آخرى كثيرة.والانتخابات فى كل بلد تعد فريدة فى طابعها ، وهى تعكس الخصائص السياسيةوالتاريخية لبلد بعينه ، وفى الوقت الذى لا يوجد فيه نظام سياسى واحد يعتبرملائما لجميع الدول على نحو متساو ، فإن العملية الانتخابية ينبغى لها أن تلتزمببعض من القواعد والمعايير التى تحظى بقبول دولى ، وبالتالى فإن الأممالمتحدةتتناول كل طلب بعناية وفقا لسلسلة من الخطوات (الطلب الرسمى ؛ التقييم ؛التصميم ؛ التنفيذ ؛ أنشطة الاستدامة).ومن المسلم به أن معالجة قدرة إحدى هيئات إدارة الانتخابات على نحو منفصل لنتفضى بالضرورة إلى إجراء انتخابات حرة عادلة ، ولابد أن يكون هناك تركيز كذلك علىالبيئة السياسية الشاملة التى تكتنف عملية الانتخابات ، ومن ثم .. فإن الأممالمتحدة تقوم أيضا ببذل الجهود اللازمة لبناء القدرات المطلوبة خارج نطاق الهيئاتالانتخابية بهدف الاستجابة إلى ما هو ضرورى من إجراء انتخابات حرة عادلة.ويتضمن ذلك العمل مع الناخبين ووسائط الإعلام والمجتمع المدنى ، فضلا عن سائرالجهات الفاعلة ومؤسسات الحكم الديمقراطى ، وبالإضافة إلى هذا .. يجرى تقديمالدعم الواجب للانتخابات المحلية ، التى قد لا تقل فى أهميتها عن الانتخاباتالوطنية فيما يتصل بالتطور الديمقراطى فى بلد ما.ويتمثل الهدف الأساسى للمساعدة الانتخابية المقدمة من الأممالمتحدة فى مساندةالدول الأعضاء فيما يتصل بتنظيم انتخابات دورية ونزيهة وجديرة بالثقة والاضطلاعبعمليات انتخابية مستدامة على الصعيد الوطنى ، وتتطلع الأممالمتحدة ، فى نهايةالمطاف ، إلى كفالة حيازة الدول الأعضاء لقدرات وطنية على القيام فى المستقبلبتنظيم انتخابات بدون مساعدة خارجية أو فى ظل مساعدة خارجية طفيفة.