تتجدد المطالب وتختلف في تطور ملحوظ مع كل مرحلة من الصدام بين شباب الثورة وقوات الأمن، والتي كان آخرها اشتباكات مجلس الوزراء، و التي سقط علي إثرها 15 شهيد وعشرات المصابين من الشباب المعتصمين أمام مجلس الوزراء بشارع قصر العيني ، وذلك بالرغم من تأكيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري بعدم فض الاعتصام بالقوة تحت أي ظروف، وعدم التعرض للشباب المعتصمين اعتراضا علي تعيينه رئيسا لحكومة الإنقاذ التي نادت بها القوي السياسية. وكان المطلب السابق هو إقالة الحكومة التي كان يرأسها الدكتور عصام شرف الذي طالب الشباب من قبل بتعيينه رئيسا للحكومة وهو ما حدث بالفعل خلفا للفريق أحمد شفيق رئيس مجلس الوزراء الأسبق، حيث انقلب عليه الشارع في مصر عقب الاشتباكات التي وقعت في شارع محمد محمود بين المتظاهرين وقوات الأمن ، والتي سقط خلالها أكثر من 40 شهيد وأكثر من ألف مصاب في أسبوع دامي انتهي بفصل قوات الجيش بين المتصادمين، وبالفعل استجاب المجلس العسكري "الحاكم" لنداءات الشارع وقبل استقالة الدكتور عصام شرف ، وبالرغم من عرض شباب ميدان التحرير لعدد من الأسماء لتولي منصب رئيس الوزراء كان أبرزها البرادعي وعبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية، قام العسكري بإسناد المهمة للجنزوري ، وهو ما أدي لاختلاف الشارع بين مؤيد ومعارض. لكن المطالب هذه المرة تصاعدت بسبب وقوع الاشتباكات بين قوات الجيش المتمثلة في الشرطة العسكرية والمعتصمين، حيث نادي المتواجدون في ميدان التحرير "وهم قلة" بهتاف موحد منذ بدء الاشتباكات، والتي شهدت عنف شديد من قوات الجيش ضد المتظاهرين لم تشهده منذ بدء الثورة في الخامس والعشرين من يناير الماضي، وهو "يسقط.. يسقط.. حكم العسكر" مطالبين برحيل المجلس العسكري عن الحكم وعودة العسكر إلي ثكناتهم مع تسليم سلطة رئيس الجمهورية لرئيس منتخب في أسرع وقت. وقد اختلفت الرؤى حول هذا المطلب وحول طرحه ، فهناك من نادي بتسليم السلطة لرئيس مجلس الشعب المنتخب، وقد أيد هذا الطرح جماعة الإخوان المسلمين التي أجرت استفتاءا علي علي تسليم السلطة لرئيس مجلس الشعب، إلا أنها تراجعت وأعلنت أنها مع تسليم السلطة لرئيس منتخب في الموعد الذي حدده الإعلان الدستوري الذي وضعه المجلس العسكري، فيما نادت أصوات أخري من القوي السياسية بتقديم موعد الانتخابات ليكون بعد الانتهاء من إجراء انتخابات مجلس الشعب. في البداية قال حمدين صباحي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية إن النداءات المطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية قبل انتخابات الشورى و قبل وضع الدستور تطرح فكرة منطقية و منطقها هو تقصير المرحلة الانتقالية, و لكن هذا الاقتراح يكون منطقي في حالة انتخاب رئيس مؤقت لهذه المرحلة الانتقالية ، فأنا كمواطن أريد انتخاب رئيس له صلاحيات معروفة, و بدون دستور لا وضوح لصلاحيات الرئيس . وأضاف صباحي: نحن بحاجة لتوسيع البدائل المطروحة للخروج من المأزق الراهن و يجب أن نضع في الاعتبار الفكرة التي يرفضها المجلس العسكري عن وجود مدنيين يشاركونه السلطة , و التي اضطر للموافقة عليها بعد أحداث محمد محمود، ولكنه فرغها من مضمونها بتشكيل المجلس الاستشاري الذي لا نري له دور مؤثر في إدارة شئون البلاد. وعن الاقتراح المنادي بسليم السلطة لرئيس مجلس الشعب قال المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية: لا أقبل أن يكون رئيس مجلس الشعب رئيسا للجمهورية حتى لا نعيد دمج السلطة التشريعية و التنفيذية في شخص واحد , ولكن عند انتهاء انتخابات مجلس الشعب يمكن عندها أن نختار عددا من النواب ممثلين للشعب ، لا أن نختار رئيس المجلس للرئاسة، وعند انتهاء الانتخابات البرلمانية يجب أن نحترم البرلمان المنتخب والذي اختاره الشارع , فلا يمكن أن ننجح وسط الخلافات . وحول كيفية الخروج من الأزمة الراهنة قال صباحي: اقترح أن يتم تشكيل مجلس رئاسي عسكري مدني الآن مكون من خمسة من قادة القوات المسلحة وخمسة مدنيين , و في حالة الاختلاف علي الأسماء اقترح 5 من قضاة الاستقلال مثل البسطويسي و زكريا عبد العزيز مثلا .. مشيرا إلي أن الجميع يعلم أن المجلس العسكري قد فشل في إدارة المرحلة الانتقالية و لا يستطيع إكمالها بعد الأخطاء المتكررة له , و نعلم أيضا انه لا يمكن أن يرحل المجلس العسكري فجأة ، لذا أري الحل في الشراكة بين المدنيين والعسكريين في الحكم و ليس استشارة . وأضاف صباحي: هذا المجلس العسكري لا يستطيع إدارة المرحلة الانتقالية و غير مؤتمن عليها بدليل ما يحدث كل فترة من صدام مع الشعب , و ما يفعله المجلس يمثل اهانة للشعب و الجيش , ويمكن وصفه ببساطة بأنه اختطاف للثورة، ويجب ان نعلم جميعا ان المجلس العسكري لا يقبل الحلول الا تحت ضغط, لذلك يجب ان ننتهز الفرصة ونطالب بمحاكمة عاجلة و عادلة للقتلة حتي نري من ارتكبها في القفص , و يجب ان يتوقف العنف والقتل لان دماء المصريين غالية ، فمن قتل المصريين يجب ان يحاكم سواء كان من الجيش او طرف ثالث كما يقال , ولا يمكن أن يحدثنا الجيش عن طرف غير موجود و يتهمه فإما أن يحضر هذا الطرف و يكشفه ويقدمه للمحاكمة , فالجيش هو من يملك الرصاص و هو من بيده إيقاف القتل . فيما قال الفنان والناشط السياسي عبد العزيز مخيون عضو حركة كفاية أن الإسراع بإجراء انتخابات رئاسة الجمهورية هو الحل والمخرج الوحيد من الأزمات التي تمر بها البلاد منذ قيام الثورة التي أوشكت علي إكمال عامها الأول.. مشيرا إلي أن هذا يتطلب أن يكون هناك طريق قانوني ودستوري لهذا الطرح، لذا لابد وأن يستجيب المجلس العسكري إلي هذه النداءات إن كانت لديه النية بالفعل في نقل السلطة للمدنيين. وأشار مخيون إلي أن انتخابات مجلس الشورى المرتقبة عقب الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب ليس لها فائدة حيث إنني أري أن مجلس الشورى لا ضرورة له أصلا , فهو يكلف ميزانية الدولة 200 مليون جنيه و الإصرار عليه وعلي نسبة العمال والفلاحين في مجلس الشعب , ما هو إلا تمسك بالنظام القديم، لذا يجب أن نبحث عن حل مختصر و في الوقت نفسه لا يخالف الدستور ولا القانون حتي نعجل بإنهاء وجود المجلس العسكري في الحكم . وحول رؤيته للخروج من المأزق الحالي قال مخيون إنه مع إجراء انتخابات الرئاسة فورا وفي أقرب وقت ، و أن نستقر علي عقد اجتماعي ينبثق منه الدستور الجديد للبلاد حتى نبدأ في مرحلة البناء التي تأخرت كثيراً . ومن جانبه قال الدكتور عمرو حمزاوي عضو مجلس الشعب ، والذي فاز في الانتخابات التي جرت مؤخرا، أنه مع الطرح الذي يقول بأن يتم نقل السلطة لرئيس مجلس الشعب ، والذي سيجري انتخابه فور انعقاد مجلس الشعب قبل 25 يناير القادم علي أن يدعو فورا إلي انتخابات الرئاسة خلال 60 يوم من توليه السلطة ، لكنه أكد أن هذا الطرح وغيره من الاقتراحات التي تم طرحا للخروج من الأزمة التي نمر بها ، تأتي في وقت سابق لأوانه فهناك أولوية أهم من تحديد موعد انتخابات الرئاسة. وأضاف حمزاوي الذي يشارك في اعتصام أمام مقر نقابة الصحفيين أن الأولوية الآن تتمثل في محاكمة المسئولين عن قتل الشهداء في أحداث مجلس الوزراء الأخيرة ، والتي سقط فيها 16 شهيد وأصيب ما يقرب من 900 مواطن، ويجب أن يمثل هؤلاء لمحاكمة عاجلة حتى لا يتكرر الاعتداء علي المصريين مرة أخرى، وليعلم الجميع أن الدم المصري خط أحمر. وقد أعرب عمرو موسى المرشح المحتمل للرئاسة عن تأييده لمبادرات التعجيل بإجراء النتخابات الرئاسية، مضيفًا أنه من المهم أن يكون الهدف منها قيام الجمهورية الجديدة، و نقل الحكم من المجلس العسكري إلى سلطة مدنية منتخبة، لكن بشرط أن نكون منظمين، و في إطار يجعل انتخاب الرئيس و كتابة الدستور و إنهاء الانتخابات البرلمانية؛ يتم في جو مقبول و هادئ. و أكد أن مصر تعيش حالة انفلات وصل إلى مرحلة غاية فى السوء، مشددًا على ضرورة أن تدار الأزمة بشكل يمنع الوصول إلى نتائج كارثية. و قال موسى إن ما تشهده البلاد حاليًا يعطي صورة طاردة للاستثمار و السياحة، و يؤثر أيضًا في التعامل مع الملفين الأمني و الاقتصادي، معربًا عن خشيته من أن يكون ما يحدث حاليًا هو رد فعل لنتائج الانتخابات البرلمانية كما ردد البعض.. مشددًا على ضرورة القبول بالديمقراطية أيًا كانت نتائجها. ومن جانبه قال علاء عبد المنعم عضو مجلس الشعب السابق إن مصر دولة كبيرة والدول تدار بقواعد وأسس ودساتير ولا تدار بالدردشة، وما يتردد عن الإسراع بعمل الانتخابات الرئاسية كلام يمكن أن يقال علي المقاهي وفي النوادي، لكن إدارة دولة كبري كمصر يجب أن تتم بشكل دستوري وقانوني.. مشيرا إلي أن التعجيل بإجراء الانتخابات الرئاسية يحتاج لإعلان دستوري جديد يتم به تعديل الإعلان القائم. وأشار إلي أن دعوات الشباب وعدد من القوي السياسية بإجراء الانتخابات الرئاسية قبل 25 يناير القادم نوع من الهزل ، وهو كلام لا يليق بإدارة دولة كبري بحجم مصر، كما أن نقل السلطة لرئيس مجلس الشعب القادم هو أيضا أم غير دستوري ويتعارض مع الإعلان الدستوري الذي يحكم البلاد حاليا. وقال عضو مجلس الشعب السابق أن موافقة الإخوان المسلمين علي نقل السلطة لرئيس مجلس الشعب يأتي بسبب شعورهم بالسيطرة علي البرلمان مما يمكنهم من الفوز برئاسة المجلس ، إلا أن تراجعهم عن تصريحاتهم ربما يكون قد جاء لأن مصر لا تزال دولة رئاسية ، ولم يتم الاتفاق بعد علي كونها ستستمر رئاسية أم ستتحول لبرلمانية أم إنه سيتم المزج بين النظامين لتوزيع السلطات بين الرئيس والبرلمان والحكومة.