اقتحمت الساحة اخيرا قضية المبادئ الحاكمة للدستور الجديد والتي واجهتها التيارات الدينية المختلفة بثورة عارمة اكدت مخاوف الكثيرين من هذه التيارات, وكشفت النوايا الخافية لديها من خلال رفضها تحديد اي مبادئ مسبقة للدستور, بحجة ان ذلك مهمة اللجنة التي سيختارها البرلمان الجديد. ويبدو انه بعد الجدل الطويل الذي ثار حول الانتخابات ام الدستور اولا والذي حسم لصالح الانتخابات, اصبحنا في حاجة الي تحديد الخيار بين المبادئ الدستورية أم الدستور اولا. ومطلب المبادئ الحاكمة للدستور تعني وضع عدد من الاسس التي تحدد طريق المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ويلتزم بها الذين يضعون الدستور الجديد مهما كانت اتجاهاتهم. وأهمية ان تكون هذه المبادئ أولا بعث الأمان في نفوس الملايين الذين ترعبهم فكرة سيطرة التيارات الاسلامية علي البرلمان وتأثير ذلك علي الدستور الجديد خصوصا بعد ان سادت مقولة ان هناك اتفاقا بين المجلس الاعلي للقوات المسلحة وبين التيارات الاسلامية. بل ان هناك من ذكر ان المجلس يتعمد ذلك لتقع البلد في يد التيارات الدينية فتسود الفوضي ويتدخل العسكريون ويسيطرون. بينما الواقع انه لو اراد العسكريون لاستطاعوا دون حاجة الي هذه اللفة الطويلة التي تزيد من مصاعب الحكم, ان يجدوا من يؤيد استمرارهم لسنتين قادمتين علي الاقل الي ان يشتد عود الاحزاب الصاعدة. وشخصيا اجد ان أهم مبادئ يجب ان يتقيد بها كل من يضع الدستور الجديد هو الالتزام بمصر الدولة المدنية التي تقوم علي المواطنة وعدم قيام الاحزاب علي اساس ديني او طائفي وتشجيع الاستثمار وادارة شئون الاقتصاد بما يحقق العدالة الاجتماعية. لكن إعلان هذه المبادئ دون سند شرعي يهدد فاعليتها مما يقتضي ضرورة طرحها في استفتاء يمنحها القوة الشرعية التي تجبر لجنة الدستور علي الالتزام بها أيا كان افراد هذه اللجنة. نقلا عن الأهرام