أكدت منظمة أولاد الأرض لحقوق الإنسان في تقرير لها أن النصف الأول من العام الحالي شهد أعنف موجة للاحتجاجات عبر تاريخ الحركة العمالية، حيث شهد نحو 956 احتجاجا عماليا تمثلت في 338 اعتصاما و158 إضرابا و259 تظاهرة و161 وقفة احتجاجية و40 تجمهرا وتجسدت خسائر العمال في فصل وتشريد 11077 عاملا ومصرع 18 عاملا وإصابة 124 آخرين نتيجة ظروف العمل السيئة وغياب وسائل الأمن الصناعي والصحة المهنية. وأوضحت المنظمة أن المأساة الحقيقية كانت في انتحار 12 عاملا بعد أن عجزوا عن توفير متطلبات أسرهم اليومية، كما تم القبض على 22 عاملا أثناء احتجاجاتهم وتقديمهم للمحاكمات العسكرية والمدنية وقد قضت المحكمة العسكرية بحبس 5 عمال منهم سنة مع إيقاف التنفيذ في انتهاك خطير للمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. وأضاف التقرير أنه منذ عام 2004 وحتى قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير قام عمال مصر بآلاف الاحتجاجات العمالية ضد سياسة الخصخصة وتعسف أصحاب الأعمال واستطاعوا أن ينتزعوا حق الإضراب والاعتصام والتظاهر في وقت كانت تحكم مصر بقانون الطوارئ في ظل أشد الأنظمة دكتاتورية وقمعية، وقد استطاع العمال باحتجاجاتهم المتوالية كسر حاجز الخوف لدي قطاع كبير من الشعب المصري مما مهد الطريق للثورة، وبالرغم من أن الكثير من العمال دفعوا الثمن غاليا بالاعتقال تارة وبالفصل والتشريد تارة آخري حتى وصل عدد العمال الذين تم فصلهم وتشريدهم خلال السنوات الأربع الأخيرة ما يزيد عن 300 ألف عامل إلا أن ذلك لم يزدهم إلا إصراراً على انتزاع حقوقهم ويكفي أن نشير هنا أن رصيف مجلس الشعب لم يخل يوما من الاحتجاجات العمالية والمطالبة الدءوبة بحياة تليق بالبشر. وأكدت المنظمة أنه منذ اليوم السابع من فبراير وقبل خمسة أيام من تنحي الرئيس السابق عن الحكم بدأت أشد الاحتجاجات العمالية من حيث الكم والكيف على مدي تاريخ مصر فكان ذلك من أهم العوامل المؤثرة التي أدت إلى سرعة وتيرة الثورة وزيادة الموقف اشتعالا وتضييق الخناق على الديكتاتور السابق مما أرغمه على الرحيل، وخلال أسابيع فقط أي حتى نهاية فبراير شهدت الحركة العمالية 489 احتجاجا عماليا أي بنسبة 51% من إجمالي الاحتجاجات العمالية في النصف الأول من عام 2011، وقد أدي تزايد الاحتجاجات العمالية حتى بعد تنحى الرئيس السابق إلى ظهور موقفين متناقضين من تلك الاحتجاجات. الموقف الأول كان معارضا لها على أساس أن تعطيل الإنتاج في المواقع العمالية المختلفة قد يؤدي إلى توقف عجلة الاقتصاد ولا يمنح الحكومة الجديدة فرصة لالتقاط الأنفاس وترتيب الأوراق بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وقد وصل هذا الفريق إلى وصم الاحتجاجات العمالية بأنها احتجاجات “فئوية” تعبر عن أنانية العمال في وقت يجب أن يتخلي فيه الجميع عن مطالبهم ولو إلى حين. أما الموقف الثاني فكان ولم يزل مؤيدا للاحتجاجات العمالية على أساس أن عمال مصر خلال عشرين عاما “منذ بدء تنفيذ سياسة الخصخصة، تعرضت حقوقهم للاقتطاع المستمر لصالح أصحاب الأعمال في ظل تنظيم عمالي حكومي فاسد وقف على طول الخط في الخندق المعادي والمنتهك لحقوق العمال، وأن ثورة الخامس والعشرين من يناير بدأت برفع شعارات اجتماعية مثل الحرب ضد الفقر والجوع والفساد والمطالبة بتحديد حد أدني للأجور وثبات الأسعار وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب، وأن تلك المطالب سرعان ما اختفت لتظهر بدلا منها المطالب السياسية مثل الحرية والديمقراطية وحرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف، لذا فإن الاحتجاجات العمالية خلال أيام الثورة وما تلاها ما زالت ضرورة للتأكيد على المطالب الاجتماعية، كما أن الكثير من تلك الاحتجاجات كانت موجهة في المقام الأول ضد القيادات الفاسدة في المواقع العمالية والتي طالب العمال بإقالتهم ومحاكمتهم كخطوة أولي على طريق محاربة الفساد يؤكدها أن مطالب العمال تمثلت في ثلاث مطالب وهي زيادة الأجور وتثبيت العمالة المؤقتة وإقالة المفسدين.