مشروع القانون الذي قدمته المبادرة المصرية للوقاية من الفساد والحد من تزاوج المال بالسلطة هل يصحح الاوضاع المقلوبة ويقضي علي كافة الممارسات والتجاوزات الصارخة التي شهدتها الحكومة السابقة والتي تمثلت في استغلال النفوذ وتعارض المصالح في العديد من المناصب الوزارية والحكومية وخلق الكثير من الازمات والكوارث نتيجة لدخول العديد من رجال الاعمال معترك العمل السياسي؟! الآن ونحن علي اعتاب مرحلة جديدة يتوقع المواطنون من الحكومة ان تضع الضمانات والسياسات التي تحول دون توغل السلطة واختلاط الصالح العام بالمصلحة الشخصية خاصة في ظل تنامي الاحتياجات وندرة الموارد والحاجة إلي إدارتها بشكل كفء. المساء طرحت القضية للنقاش مع العديد من الخبراء والمختصين في إعداد مشروع القانون الخاص بتعارض المصالح لمعرفة وجهة نظرهم وما يحتويه القانون وهل نستطيع بإصدار التشريعات مواجهة تلك الظاهرة التي عاني منها المجتمع لسنوات طويلة؟! كذلك طرحنا القضية علي المعنيين بمكافحة الفساد والعديد من رجال الاعمال لمعرفة كل الرؤي والاتجاهات التي ينبغي تحقيقها حتي نضمن عدم استغلال الوظيفة أو المنصب بأي شكل من الاشكال خاصة وأن اهمال معالجة تعارض المصالح بشكل فعال ومن خلال سياسات وبرامج تحقق التوازن بين الصالح العام وحماية نزاهة القرارات الحكومية من شأنه ان يؤدي إلي زيادة الفساد. * د. زياد بهاء الدين عضو مجلس الشعب والامين العام للمبادرة المصرية للوقاية من الفساد أوضح انه تم الانتهاء من إعداد قانون لعرضه غدا الاحد علي اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب لدراسته تمهيدا لمناقشته مع أعضاء المجلس. أكد أن المبادرة تشكلت من مجموعة من الخبراء في عدة مجالات كالقانون والاقتصاد والمحاسبة وكذلك تضم نخبة من العاملين في مجال الاعلام بهدف وضع منظومة متكاملة للقضاء علي كافة مظاهر واشكال الفساد الذي أضر بمصالح المصريين في العديد من مناحي الحياة. قال إن قانون تعارض المصالح بدأ العمل فيه منذ فترة طويلة باعتباره إحدي القضايا الرئيسية التي كانت بحاجة ماسة إلي تنظيم وليس بهدف اقصاء أو تهميش فئة محددة عن العمل كما يعتقد البعض.. الهدف الرئيسي هو تحديد مالايجوز للمسئول الحكومي ان يستمر في القيام به من نشاط خاص أو احتفاظ بمصالح تتعلق بعمله المهني إذا ما قبل ان يتقلد المنصب العام. أكد ان بناء الدولة المصرية الحديثة يحتاج إلي كل الخبرات والكفاءات المخلصة والجادة وبالتالي فان اقصاء أي فئة من العمل السياسي امر خاطئ انما المطلوب هو تنظيم العمل ووضع اطر وقواعد قانونية يلتزم بها الجميع لذلك قام اعضاء المبادرة قبل صياغة القانون بالاطلاع علي كثير من النظم المتبعة في العديد من دول العالم مثل النموذج البريطاني باعتباره يمتلك خبرات قديمة المتعلقة بتعارض المصالح وكذلك النموذج الاوروبي وتحديدا الالماني والهولندي واخيرا التشريعات الاحدث في العالم لجنوب افريقيا وسنغافورة وتمت الاستعانة ايضا بالمنظمات الدولية التي لديها خبرة واسعة في مجال الفساد وكذلك المنظمة الدولية للشفافية حتي يخرج القانون إلي النور متكاملا ومواكبا لكافة المستجدات د. محمد جودة المسئول الاقتصادي بحزب الحرية والعدالة.. يري ان الحكومة السابقة شهدت العديد من التجاوزات الصارخة في تعارض المصالح مما أوحد الازمات والكوارث التي عاني منها كل المصريين. اشار إلي وجود اتفاق غير معلن بين جميع القوي علي عدم تكرار الممارسات الكارثية مع عدم حرمان أي فئة من فئات المجتمع من ممارسة حقها المشروع في العمل السياسي ولكن بشرط عدم تعارض المصالح وهذا هو الهدف الحقيقي للحزب والذي يسعي لتحقيق علي أرض الواقع من خلال اعداد بالمشروع قانون جديد قمنا بالاستعانة فيه بتجارب الدول ووجدنا ان الانسب لمصر هو النموذج الكندي. اضاف ان الفريق القانوني الذي تمت الاستعانة به لإعداد الصيغة النهائية في مشروع القانون كان من خارج الحزب وذلك لضمان ان يخرج المشروع بعيدا عن وجود ثغرات تسمح بتزاوج المال والسلطة. أكد انه تم عرض كل الرؤي والافكار الاقتصادية والقانونية علي المعنيين من خلال مجموعة ورش عمل وذلك للاستفادة من كل الخبرات. تعارض المصالح د. غادة موسي أمين عام لجنة الشفافية والنزاهة مدير مركز الحوكمة بوزارة التنمية الادارية أوضحت ان العمل علي خدمة المواطنين وحماية مصالحهم من اهم اهداف وواجبات الدولة والحكومة ومن هنا تأتي اهمية وضع سياسات وضمانات تحول دون تعارض المصالح نظرا لوجود التحالفات التي تنشأ بين القطاع الحكومي وقطاع الاعمال. اشارت إلي انه من خلال قيامها باجراء مجموعة من الدراسات والابحاث التي تدور حول الحد من تعارض المصالح اتضح ان ضعف المساءلة وعدم رضا المواطنين يؤدي إلي عدم الاكتراث باحترام القوانين مما يقود إلي حدوث فساد وهو النتيجة الحتمية لانتهاك القوانين والاخلاقيات العامة. أوضحت ان مفهوم تعارض المصالح يطرح من مفاهيم اخري وهي الثقافة السياسية- الاخلاقيات العامة- الصالح العام- الثقة.. كل هذه الامور تمثل تحديا كبيرا ينبغي التركيز عليه للحد من الفساد الذي يمثل التهديد الاكبر للمؤسسات والممارسات الديمقراطية لما له من تداعيات سياسية واجتماعية واقتصادية سلبية وكلنا ما زلنا نعيش في مأساتها حتي هذه اللحظة.. من هنا جاء التركيز علي ضرورة وضع سياسات الحد من تعارض المصالح وتتضمن اربعة محاور رئيسية وهي الإطار المؤسسي والإطار القانوني وادوات التحقيق والادوات العقابية. أكدت ان القوانين والتشريعات بمفردها لا تكفي لكن المهم هو وجود اجراءات تنظيمية ورقابية قوية مع المتابعة والمحاسبة والشفافية والعقوبات الرادعة. د. وجيه الدكروري الخبير الاقتصادي- الامين العام لاتحاد غرف مجموعة ال..15 يشير إلي انه قد آن الاوان لان ينشأ في مصر تشريع جديد لضبط آلية تولي المناصب القيادية العليا وخاصة المنصب الاول وهو رئيس الدولة ثم منصب رئيس الوزراء والوزراء والمناصب المماثلة التي يتولي فيها الفرد العمل العام ومما لاشك فيه اننا عانينا طويلا من غياب تشريع حاكم يضبط حركة العمل العام وعدم تعارضه مع المصالح الخاصة والتي ظهرت بوضوح في الحقبة الماضية من تولي العديد من رجال الاعمال واصحاب رءوس الاموال للوظائف العامة مما أدي كما نري اليوم إلي الخلط بين المنفعة العامة والخاصة والتزاوج بين كل من السلطة والثروة سعياً إلي امتلاك القوة الحقيقية التي يسعي إليها الفرد باعتباره بشراً في النهاية اضاف ان تجربة رجال الاعمال في الحقبة الاخيرة مثل وزير الصناعة والوزراء الذين تتم مساءلتهم الآن خير دليل علي ذلك وأوضح ان معظم دول العالم لديها تشريعات قوية تحد وتنظم من حركة امتزاج السلطة بالثروة فعلي سبيل المثال نجد أن التشريع في الولاياتالمتحدةالامريكية يحظر علي رجال الاعمال أو اصحاب الثروات تولي المناصب العامة إلا اذا تم تسليم الثروة وإدارتها بواسطة مجموعة غير معروفة له ولأسرته لتدير امواله طوال فترة توليه العمل العام حتي تغل يده بشكل كامل عن الثروة. عبدالستار عشرة- المستشار الاقتصادي لاتحاد الغرف التجارية يري ضرورة مراجعة التشريعات بصفة دورية لمواكبة المستجدات والمتغيرات خاصة في مرحلة مهمة تعقب وقوع ثورة وتقتضي توجهات اقتصادية وآليات للتغيير. اضاف ان القاعدة القانونية انه لابد من وجود اجراءات وقائية قبل تطبيق القانون لأن هذه الاجراءات هي التي تحد فعلياً من ممارسات الفساد فالمشكلة في مصر أننا نسن التشريعات بعد انتشار الخلل الذي يهدد كيان المجتمع وهذا تحديداً في المجال الاقتصادي مضر جداً حيث يعطي انطباعاً سيئاً امام العالم عن عدم استقرار الاوضاع السياسية والاقتصادية فينعكس هذا في صورة علاقات اقتصادية ضعيفة ومتوترة وهذا له مردود سيئ علينا. د. وليد الدسوقي- خبير مكافحة الفساد يطالب البرلمان قبل وضع تشريع تعارض المصالح أن يسترشد بالاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد وتحديداً المادة العاشرة التي تحمي الشهود والمبلغين حتي لايتعرضوا للانتقام الشديد وايضاً مطلوب قراءته في كافة التشريعات الدولية للاستعانة بالتجارب الناجحة منها لأن تزواج المال بالسلطة يدخل ضمن جرائم الفساد التقليدية مثل الرشوة والاستغلال والنفوذ والاختلاس وغير التقليدية مثل غسل الاموال والكسب غير المشروع. أوضح ان الاشكالية الحقيقية التي تواجهها مصر أننا نمتلك 17جهة مختصة باعمال مكافحة الفساد والرقابة بدون وجود هيئة عليا للتنسيق من أجل احكام الرقابة والمتابعة ومطلوب من النظام الجديد ان يمتلك الارادة السياسية الحقيقية التي تتبني نشر ثقافة عدم استغلال الوظيفة أو المنصب. محمد الدماطي- وكيل نقابة المحامين- لابد من العودة لدستور 71 المعطل لأن المادة 81 منه التي تتعلق بعمل رئيس الجمهورية والمادة 95 المتعلقة بممارسات اعضاء مجلس الشعب والمادة 158 الخاصة بالوزراء حيث ان الثلاث تتعلق بشكل اساسي بمنع تعارض المصالح. أضاف أن مشكلتنا الاساسية اننا لا نترجم الدستور في الواقع العملي فكنا نهتم فقط بالصياغة الجيدة دون تفعيل النصوص وبالتالي فأي مبادرة أو مشروع قانون لابد ان يعود للدستور المعطل. محمد المرشدي- رئيس غرفة الصناعات النسجية يرفض تماماً دخول رجال الاعمال معترك السياسة لأنه من الصعب علي المسئول حتي في حالة وجود قوانين ان يفصل بين منصبه والمجاملة لأقاربه واصدقائه ومشروعاته وشركاته حتي في حالة تركه إدارة أمور شركاته لآخرين فالقرارات التي يصدرها غالباً ما تكون في صالح من يديرها. اضاف اننا نستطيع ان نقضي علي هذا العيب بشرط وجود جهاز رقابي وقضائي يتسلم الممتلكات الخاصة بأي شخص يتولي منصبت عاما منعا لاستغلال النفوذ أو منصبه حتي نحد من الفساد الذي عانينا منه طويلا واساء إلي سمعة مصر الاقتصادية بين كل دول العالم. أوجه الخلل محمد شكري- رئيس غرفة الصناعات الغذائية: قال علي مدار سنوات استعانت مصر باساتذة الجامعات أو رجال الاعمال في تولي المناصب السياسية ومع الشريحتين حدث الفساد والترببح وهذا ما يؤكد وجود خلل في صياغة وتطبيق التشريعات الموجودة والاخطر انعدام الشفافية والمحاسبة وبالتالي مطلوب فلسفة تحديد الإطار التشريعي يعالج كافة أوجه الخلل حتي نحمي حقوق الشعب. أيضاً يجب ان تكون هناك مساءلة لأي مسئول قيادي أثناء توليه المنصب في حالة ارتكابه لأي خطأ. قال ان الاستفادة بقطاع رجال الاعمال بما يمتلكونه من خبرة في مجال الاتفاقيات الدولية وتنمية التجارة داخليا وخارجياً وخلق استثمارات مشتركة ليس مقصوراً علي الاستعانة بهم كوزراء أو مسئولين ومن ثم فتح باب للفساد ولكن يمكن الاستفادة منهم بأي شكل آخر. لا.. للتهميش المهندس شريف المتيني- رئيس المجلس التصديري للصناعات الجلدية يرفض تهميش أي قطاع من قطاعات المجتمع وحظر العمل العام سواء كانوا رجال اعمال أو غيرهم بحجة ارتكابهم للفساد أو المعاناة من تصرفات بعض الوزراء رجال الاعمال فهذا يمكن ان يحدث من غيرهم ولذلك يجب ان يحصل الجميع علي فرصته في العمل العام ولكن بشرط اذا كان يمثلك ثروة ان يكون هناك مجلس أمناء يدير ثروته دون تدخل من قريب أو بعيد من هذا المسئول.