عندما تستمع إلي الدكتور محمد البلتاجي عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة أو تشاهده أو تقرأ له لا تملك إلا أن تحترمه وتعجب بشجاعته وعقلانيته وانفتاحه.. فقد أثبت في مواقف عديدة أنه رجل التوافق وامتصاص الصدمات. ومنذ أن ظهر علي الساحة السياسية مع ثورة 25 يناير وأنا أتابع حواراته ومساجلاته.. وقد شدتني قدراته علي التواصل مع المنافسين والخصوم السياسيين.. وقدراته علي نقد الذات والاعتراف بالخطأ.. وشجاعته في مواجهة أخطاء الحزب والجماعة التي ينتمي إليها جماعة الإخوان المسلمين قبل شجاعته وقوة حجته في مواجهة الخصوم. وأشهد بأنه يستخدم لغة سياسية راقية وعفيفة حتي في أصعب الأوقات والمواقف.. وعندما تتابع حديثه تشعر بالراحة والصفاء الذهني.. ويشدك إلي مناطق التوافق والتلاقي وليس إلي مناطق الصدام. لذلك أقول إن جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة في حاجة ماسة إلي هذا الوجه وإلي هذا اللسان وإلي هذا العقل.. خصوصاً في مرحلة الارتباك والالتباس والمواجهة الحالية.. وهي مرحلة صعبة تحتاج رجلاً في صراحته وحكمته وانفتاحه. وإذا طبقنا الحكمة العتيدة التي تقول "صديقك من صدقك لا من صدقك" فإن الدكتور البلتاجي رغم صراحته ووضوحه يعد بالنسبة لنا نحن المراقبين والمحللين واحداً من أصدق وأخلص القيادات في حزبه وجماعته. وفي الأزمة الحالية التي تواجهها الجماعة يكتب الدكتور البلتاجي علي صفحته الشخصية بموقع "فيس بوك" إن الإخوان وقعوا في الفخ بترشيحهم المهندس خيرت الشاطر.. وقد قلت لإخواني في اجتماع الهيئة العليا للحزب قبل أن أصوت برفض القرار إنه من الظلم للوطن وللإخوان أن يتحملوا وحدهم مسئولية الوطن كاملة في تلك الظروف الحرجة.. من مجلسي الشعب والشوري إلي الجمعية التأسيسية للدستور وحتي الحكومة والرئاسة. واعتقد شخصيا أن هذه أول مرة تقرأ فيها نقداً شجاعاً بهذا الشكل للإخوان من داخلهم.. ليس من الخصوم وليس من المنشقين الخارجين علي الجماعة.. وإنما من أحد البارزين في المستويات القيادية.. وقد اعترف صراحة أمام الجميع بأنه صوت يرفض ترشيح الشاطر. ويضيف إلي ذلك: إنني في غاية القلق علي مستقبل الوطن ومستقبل التيار الإسلامي الذي أري أن أطرافا تسعي لتوريطه وإفشال تجربته للتخلص منه سريعاً.. وكل ما أملكه الآن أن أحذر إخواني من هذا التوريط.. وأنصحهم بأن يتحسسوا مواضع أقدامهم.. وألزم نفسي بذلك حتي ينقشع الغبار قريباً وتنجلي المصلحة الوطنية فأنحاز لها أينما كانت. وبعد ذلك ينقلنا د. البلتاجي إلي منطقة أخري حين يؤكد أنه سيظل علي دعوته ويقوم بواجباته ومسئولياته السياسية والبرلمانية لصالح أمته ووطنه حتي يقدر الله أمراً من عنده. وأفهم من هذه العبارة الأخيرة أن الرجل ربما يفكر في الاستقالة.. وربما يستشعر الخطر من شيء يراه ولا يريد أن يصرح به.. وهذا الخطر بالمناسبة يستشعره كثيرون وأنا منهم.. ويحذر منه كثيرون وأنا معهم.. حتي لا تأخذنا الأزمة الحالية إلي فتنة وطنية تهدد الجميع.. أدعو الله أن يقبضنا إليه قبل أن نراها أو نسقط فيها. وأدعو الله جل شأنه أن يتنبه الإخوان قبل أن يستقيل الدكتور البلتاجي.. ويفقدوا هذا الوجه الذي منحه الله القوة والقبول. هل يمكن أن يتنبه الإخوان؟!.. وهل يمكن أن يتراجعوا عن قرار ترشيح الشاطر؟!.. وهل يمكن أن يقدموا علي خطوة شجاعة وجادة لحل أزمة الجمعية الدستورية ويجمعوا شتات الوطن الذي تفكك؟! إن التراجع عن الخطأ أفضل ألف مرة من التمادي فيه.. والسياسة قابلة للتغيير والتبديل طبقاً للمعطيات والمتغيرات.. والأهم من ذلك كله أن القاعدة الشرعية تقول: "دفع الضرر مقدم علي جلب المنفعة". ادخروا أنفسكم للوقت الذي تدعون فيه ويرحب بكم الجميع.. وادخروا المهندس خيرت الشاطر إلي الموقع الذي يزينه حينما يدعي إليه في موعده.