حالة من الإحباط وخيبة الأمل أصابت فئات الشعب بسبب أداء البرلمان الهزيل بعد مرور 70 يوما علي انعقاد أولي جلساته في 23 يناير الماضي. أعرب خبراء القانون والسياسة والائتلافات الثورية عن عدم رضاهم عن المجلس مؤكدين أن البرلمان ترك القضايا الحياتية والتشريعية الملحة للمواطن وانشغل بالمصالح الشخصية والصراع علي رئاسة اللجان وسحب الثقة من الحكومة والاستحواذ علي تأسيسية الدستور حتي يتمكن من السيطرة علي كافة السلطات ووصفوه بأنه برلمان ضعيف وليس له قدرة علي اتخاذ القرار. وكان الأجدي به مناقشة قانون مكافحة الفساد والحد الأدني والأقصي للأجور وإيجاد آلية لتطبيقه واتخاذ إجراءات فورية وسريعة تحقق مطالب الثورة. علي الجانب الآخر دافع البعض عن البرلمان واتهم الحكومة بأنها لا تنفذ قرارات السلطة التشريعية مؤكدا أن البرلمان مقيد وصلاحياته لا تتعدي الجدران وأن المسئولية تقع علي عاتق الحكومة والمجلس العسكري. في البداية أوضح الدكتور جمال جبريل رئيس قسم القانون العام بجامعة حلوان أن البرلمان لم يفعل شيئا حتي الآن ذا مضمون مثل مناقشة أي قانون أو تعديل تشريعي وحتي تهديده المستمر بإقالة الحكومة مجرد كلام وإثارة للمشاكل والبلبلة فقط. وصف البرلمان بأنه الأضعف في تاريخ مصر ولا يختلف عن برلمانات الحزب الوطني.. ويتسم بالكلام الكثير دون فعل بل كل خطواته تسعي لمصالح خاصة لجماعة معينة وظهر ذلك جليا في اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور والاستيلاء علي معظم مقاعدها. يري الدكتور عاطف النجمي رئيس المنظمة الدولية للدفاع العربي وخبير القانون أن البرلمان لاتزال تحكمه نفس القوانين والنظم السياسية التي سادت في الماضي فاللائحة لم تتغير. أضاف أن البرلمان حتي الآن منغمس في قضايا شكلية لا تمت للواقع بصلة والدليل أنه تم إرسال مقترح بتعديل قانون الشرطة ليتمتع بصلاحيات كاملة تحميه من السلطة التنفيذية ولم يستجب أو يضعه في خطة جدول الأعمال. أشار د.عاطف إلي أنه كان ينبغي أن تتم مناقشة قانون تعديل السلطة القضائية والنيابة الإدارية ليتمكنا من محاربة الفساد ومواجهة السلطة السياسية بالإضافة إلي مناقشة تعديل المحليات لمنحها سلطات حقيقية والحد من المركزية. يري أن المشكلة في طبيعة التكوين الحزبي داخل البرلمان وعدم السماح بمناقشة القوانين بعد موافقة الأغلبية والتي يحكمها مبدأ الطاعة وليس التفكير. أما د.علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق فأعرب عن حزنه لعدم تحقيق أي إنجازات من قبل البرلمان في هذه الفترة منذ انعقاده وحتي الآن إلا قرارا واحدا وهو رفع تعويض أسر الشهداء من 30 ألف جنيه إلي 100 ألف والشعب ينتظر عشرات القوانين الملحة المؤجلة وما يحدث كلام. أضاف ان الدستور ينص علي حق البرلمان في استجواب الحكومة ولكن بأسلوب لائق بعيداً عن الإهانة فهناك أصول وأعراف برلمانية يتم علي أساسها محاسبة الحكومة ولكن الأسلوب الذي تم أسلوب فاشل ولا أحد يقبله وأصابوا الناس بالإحباط وخيبة الأمل. اتفق معه حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان مطالبا بمناقشة التشريعات التي ينتظرها الشارع المصري وتحتاج إلي جدية وعمق في القرار مثل تحديد الحد الأدني والأقصي للأجور والتطبيق الفوري وهو من أهم مطالب الثورة وذلك يمكن إنجازه ببساطة عن طريق خفض الحد الأقصي وتوفير ميزانية الأدني حتي يتم علاج الخلل في هيكل الأجور. يحلل محمد سيف الدولة الخبير السياسي ما يحدث في البرلمان بأنه عملية جس النبض من جانب البرلمان للحكومة والمجلس العسكري في إطار صراع معلن علي السلطات فيما يمكن وصفه ب"لعبة العض علي الأصابع". وفي نفس الوقت يري أنها مرحلة طبيعية جدا حيث إننا لم نعتد علي وجود سلطات مستقلة بل كان هناك رئيس جمهورية مسيطر علي السلطتين التشريعية والقضائية. أشار سيف الدولة إلي أنه عندما أراد البرلمان أن يمارس صلاحياته تصدت له السلطة التنفيذية متمثلة في الحكومة وتعللت بأن هناك تجاوزات وبدأ الجميع في محاولة ممارسة سلطته علي الآخر مما جعل الصراع مستمرا ولهذا ينتشر غبار هذه المعارك علي الساحة. * ممدوح البدراوي الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية بالقاهرة: إن أعمال المجلس يغلب عليها المصالح الخاصة وإيجاد وسائل تضمن له البقاء في السلطة وليست المصالح العامة والدليل انشغاله في جلسات طويلة بتشكيل اللجان ورئاستها ثم تشكيل اللجنة التأسيسية وضمان وجود الأغلبية والسيطرة رغم أن قانون مجلس الشعب ليس له علاقة بتأسيس لجنة الدستور. * طارق الخولي المتحدث الرسمي باسم حركة 6 أبريل البرلمان لم يستطع أن يواكب الأحداث أو يخرج بتشريعات يمكن وصفها بأنها سريعة وفورية للقضاء علي الفساد وترسيخ مباديء الديمقراطية وتحسين الحالة المعيشية للمواطن. أشار إلي أن البرلمان في البداية كان يعول ضعفه علي التظاهرات المستمرة خاصة في الميدان والآن يلقي بتبعية عدم قدرته علي صنع شيء علي الحكومة الحالية. * اتفق معه ياسر عبدالعزيز خبير إعلامي ومن ائتلاف شباب الثورة وأضاف أن أداء المجلس في فترة ما بعد الانعقاد وحتي الان غير جيد وأن المواطن أصبح يشعر بخيبة الأمل بعد نقل البث التليفزيوني لما يحدث بالجلسات من مشاجرات علي رئاسة اللجان والبعض أدخل عبارات علي القسم الرسمي المحدد والبعض أقام الآذان وسط الجلسة. وضعنا كل هذه الاتهامات أمام طارق الزمر المتحدث الرسمي باسم الجماعة الإسلامية وأكد رفضه لهذه الاتهامات مؤكدا أن المجلس فوجيء بأنه مقيد الصلاحيات ولا يؤخذ بتوصياته أو قراراته ولا تتجاوز هذه الصلاحيات جدران المجلس ولهذا حاول سحب الثقة من الحكومة حتي يبرئ ذمته أمام المجتمع ويثبت أنه غير راض عن أدائها وعما تمر به البلاد من أزمات يعاني منها. أضاف أن البرلمان حقق الكثير حيث اتخذ قرارا بنقل الرئيس السابق إلي سجن طره وأيضا ضرورة كشف المتورطين في أحداث بورسعيد بالإضافة إلي هيكلة وزارة الداخلية واستبعاد الضباط الفاسدين وطالب البرلمان بضم الصناديق الخاصة إلي ميزانية الدولة والتي وصلت إلي 60 مليار جنيه واختفت بمجرد هذه التوصية وكل هذه القرارات لم تلق أي تجاوب من جانب الحكومة.. هذا إلي جانب تقديم 3 آلاف طلب إحاطة علي مدار الشهرين ولم يجد البرلمان إجابة واضحة من الحكومة التي تتعمد تجاهل هذه الطلبات بعدم الحضور.