هذا وقت العقل والعودة إلي الحق.. وتغليب المصلحة العليا للوطن فوق أي حسابات أو مكاسب حزبية وأيديولوجية ضيقة.. هذا وقت المراجعة وإعادة النظر ومد اليد إلي الآخرين بدلاً من الاندفاع وراء الخيار شمشون. وتدمير المعبد علي ما فيه. ومَن فيه. يجب أن تتذكر كل الأطياف السياسية أن لا أحد يمتلك الصواب الكامل علي طول الخط.. وأن اللحظة التاريخية تفرض عليهم إعادة تقييم المواقف بصدق وإخلاص.. والتخلي عن العناد والمكابرة.. وتقديم تنازلات حقيقية من أجل استعادة روح التوافق والعمل الجماعي. وإذا كان الجميع مطالباً بأن يراجع ويتراجع. فإن أكثر المطالبين بذلك هو حزب الأغلبية.. حزب الحرية والعدالة. وجماعة الإخوان المسلمين.. الإخوان عليهم أن يضربوا المثل ويقدموا النموذج.. ويقولوا للآخرين بكل صراحة ووضوح: نحن نتراجع ونتنازل. ونصحح أخطاءنا من أجل التوافق ولم الشمل. وهناك عناصر انفتاحية في الإخوان وفي حزب الحرية والعدالة تعرف الخطأ وتطلب التصحيح. وتتحدث عن تقديم التنازلات.. وهذه العناصر الانفتاحية يجب أن ترفع صوتها لكي يسمع ويستجاب لها لنزع فتيل الأزمة التي يمكن أن يدفع الجميع ثمنها غالياً. وقد سمعت الدكتور محمد البلتاجي عضو الكتلة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة يقول بملء صوته: إنه لا يؤيد أن يدفع الإخوان بمرشح لمعركة الرئاسة. حتي لا يتحملوا وحدهم مسئولية البرلمان والحكومة والرئاسة معاً.. وأنه يؤمن بأن علي الإسلاميين أن يقدموا المزيد من التنازلات من أجل التوافق. وأرجو أن تكون جهوده قد كللت بالنجاح.. فقد ذكر أنه يجري التفاوض مع المنسحبين من الجمعية التأسيسية للدستور لإقناعهم بالعودة حتي لا يكون هناك أي خلل بالتوازن المطلوب. وحينما يقدم حزب الحرية والعدالة تنازلات حقيقية ويفتح الباب لمزيد من الحوار والتوافق والتصالح. فلن يتهمه أحد بالضعف والتخاذل. وإنما سيقال إنه استجاب لمطالب جاءت من داخله. ومن خارجه لكي يتواءم مع نبض الشارع المصري.. وإنه لشرف لو تعلمون عظيم. أن يفعل حزب الأغلبية ذلك. وهناك في حزب الحرية والعدالة وفي حزب النور من يستطيع القيام بهذا الدور التوافقي في هذه المرحلة.. وأخص بالذكر هنا الدكتور البلتاجي والأخ نادر بكار الشاب النابه الناضج الذي يمتلك قدرة علي الحوار ولديه قبول كبير لدي من يستمع إليه. ويستطيع الدكتور البلتاجي والأخ بكار أن يتداركا حالة التعصب والاستقطاب القائمة حالياً بالدعوة إلي حوار جاد مع قيادات الأحزاب الممثلة في البرلمان علي أرضية المبادرة التي طرحها الأخ المهندس أبوالعلا ماضي والتي تقضي بمراجعة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور وإدخال تعديل دستوري علي المادة 28 من الإعلان الدستوري والمسارعة في إجراء مصالحة بين البرلمان وحكومة الدكتور الجنزوري. إن التوافق علي هذه العناصر الثلاثة سوف ينزع فتيل الأزمة.. ويرد دعاة الخيار شمشون علي أعقابهم.. أولئك الذين يروجون للصراع والصدام.. وينتظرون اللحظة الحاسمة للانقضاض علي السلطة دون سند شرعي. وقد يكون من حسن الطالع في هذا الاتجاه إعلان عمر سليمان عن عدم الترشح في الانتخابات الرئاسية.. ونصيحة د.يوسف القرضاوي للإخوان بالتراجع عن تقديم مرشح منهم للانتخابات الرئاسية.. ولا شك أن الإعلان عن ترشيح عمر سليمان وأحد قيادات الإخوان للرئاسة كان من أهم عناصر التوتر والتشكيك في نوايا الإخوان والمجلس العسكري. وسوف يكون أمراً جيداً لإزالة الاحتقان الحالي أن يتراجع الإخوان صراحة عن التعبئة المليونية لمظاهرة الجمعة القادمة في مواجهة المجلس العسكري.. وأن يقوم حزب النور السلفي بجهود للمصالحة بين الجنزوري وأعضاء البرلمان الذين يطالبون بإسقاط حكومته. إن لدي كل طرف أسباباً قوية للتشبث بموقفه.. ولكن القوي هو الذي يعرف أين تكون المصلحة العليا للوطن ويتحول إليها حتي لو كلفه ذلك فوق ما يحتمل.. فمصر تستحق والمستقبل يستحق.