انتهينا من انتخابات الشعب والشوري ودخلنا في الجد.. أقصد انتخابات الرئاسة التي أعلن عن فتح باب الترشيح لها يوم 10 مارس المقبل.. والتي يفترض ان تكون أول انتخابات رئاسية حقيقية يختار فيها المصريون رئيسهم لأول مرة في تاريخهم القديم والحديث!! المرشحون المحتملون وهم كثر مستاءون من فكرة المرشح التوافقي أو الرئيس التوافقي - وعندهم كل الحق في ذلك - ليس اعتراضا علي شخصية الدكتور نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية فهو رجل ينال احترام الجميع.. وإنما اعتراضاً علي فكرة الرئيس التوافقي في حد ذاتها لأنها ضد مباديء الديمقراطية بل واعتبرها البعض نوعاً من "فرض الوصاية علي الشعب"!! عموماً المرشح التوافقي الذي كان الدكتور نبيل العربي نفي نيته الترشح لانتخابات الرئاسة.. ولكن ماذالو نظرنا الي فكرة "التوافقي" بشكل آخر؟! بمعني ان مصر تمر بمرحلة انتقالية صعبة تحتاج الي رئيس قادر علي اجتياز تلك المرحلة بسلام.. رئيس لديه القدرة والخبرة والكفاءة والمصداقية والشفافية من أجل القيام بتلك المهمة علي أكمل وجه!! أكاد أجزم ان كل مرشح محتمل سيقول انه يملك كل هذه المواصفات والصفات وأكثر وأكثر.. بل وإنه مستعد للتنازل عن راتبه مثلما فعل الرئيس اليوناني كارلوس بابوليوس تضامناً مع الشعب اليوناني لمواجهة الأزمة المالية التي تواجه بلاده.. وعن نفسي أنا لا أشك في وطنية كل المرشحين المتواجدين علي الساحة الآن.. ولكن "الوطنية" وحدها لا تكفي في تلك المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد!! ماذا لو جلس المرشحون المحتملون البارزون فيما بينهم وهم لا يزيدون حتي الآن علي 5 أو 6 مرشحين للاتفاق علي مرشح توافقي من بينهم علي ان يكون الباقي منهم ضمن الفريق الرئاسي كنواب للرئيس أو مستشارين.. فالمهمة صعبة للغاية وتحتاج الي فريق عمل مستعد للتضحية من أجل مصر.. فنحن أحوج ما نكون الي التضامن وليس الي التلاسن مثلما حدث من بعض المرشحين!! إن مصلحة مصر في هذا الوقت تتطلب من الجميع تغليب المصلحة العامة وعدم التفكير في المصلحة الشخصية مطلقاً.. فالرئيس القادم سيواجه اصعب اختبار شهده حاكم مصري من قبل.. لأنه لأول مرة سيكون منصب الرئيس مسئولية وليس رفاهية.. فما بالنا والرئيس القادم سيقود بلداً يعاني العديد من المشاكل والأزمات.. ويرأس شعباً عرف الطريق الي الميدان!! أتمني من المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة ان يفكروا جيداً في اقتراح المرشح التوافقي لاختيار واحد فيما بينهم.. يقفون معه.. ويعضدونه.. ويشاركونه المسئولية بدلاً من تفتيت الأصوات فيما بينهم.. لنفاجأ في النهاية بمرشح غير محتمل بالمرة يفوز برئاسة مصر!!