كل جريمة لابد أن يكون لها دافع وفائدة تعود علي المخطط لها وممولها ومنفذها. وإذا طبقنا هذه القاعدة علي مجزرة ستاد بورسعيد فسوف نبريء شعب المدينة الحرة منها.. لماذا؟ بداية.. يجب ألا نغفل حقيقتين: * الأولي.. ان أبناء محافظات القناة الثلاث "بورسعيد والاسماعيلية والسويس" لا يعشقون كرة القدم فحسب.. بل انها الهواء والماء والطعام.. أعمدة الحياة بالنسبة لهم. * الثانية.. يجب أن نفرق تماما بين الأبناء العاديين لهذه المحافظات وألتراس أنديتها.. نعم الأبناء متعصبون لأنديتهم.. لكن الألتراس مهووسون بها. السؤال: وهل يصل التعصب والهوس إلي حد القتل العمدي؟ الإجابة: بالطبع لا. طول عمرنا وحتي مباراة العام الماضي بين الأهلي والمصري بالمدينة الحرة ونحن نتابع المباريات التي تقام في بورسعيد.. وهي تنتهي بالطبع بإحدي النتائج الثلاث.. فوز المصري أو خسارته أو الخروج متعادلا. ودائما تحدث احتكاكات بين الجماهير بل وتجاوزات مرفوضة من جماهير المصري تجاه جماهير ولاعبي الفريق الضيف خاصة الأهلي.. لكنها لا تتعدي بأي حال من الأحوال السباب وقذف الطوب وزجاجات المياه قبل وخلال المباراة أو بعدها علي أتوبيسات اللاعبين والجماهير. ومن المؤكد.. انه لم يخطر علي بال بورسعيدي واحد من الجماهير العادية مع تعصبها ولا حتي الالتراس الأخضر المهووسين بالمصري أن يدبر جريمة قذرة كهذه.. ولماذا وفريقهم فائز بالثلاثة ولعب مباراة العمر؟ بالتالي.. فإنني وعن قناعة ابريء جماهير المصري بنوعيها من تلك الجريمة.. رغم ان هذا الرأي قد يغضب البعض لكنها الحقيقة والمنطق السليم لا الفاسد.. إذ ما الدافع وما الفائدة التي ستعود عليهم؟ إذن.. من ارتكبها وادمي قلوبنا علي 74 شابا حرمت اسرهم منهم للأبد وحرمت مصر من جهودهم ونبوغهم وفكرهم إلي قيام الساعة خاصة ان الكثيرين منهم في أرقي وأعلي مستويات التعليم الثانوي والجامعي. من المؤكد ان هناك من خطط للجريمة. وهناك من قام بتمويلها.. وهؤلاء وهؤلاء لن يتم الكشف عنهم إلا من خلال تحقيق قضائي مستقل لا يرهب سطوة أحد. ومن المؤكد أيضا ان هناك بلطجية ومسجلين خطر استؤجروا للتنفيذ واندسوا بين جماهير الالتراس الأهلاوي والمصري.. استغلوا التعصب والهوس البورسعيدي ودفعوا الجماهير العادية للشغب.. أكرر الشغب فقط والذي اعتدنا عليه سنوات طويلة ثم حول البلطجية الشغب إلي مجزرة بشرية تنفيذا للمخطط الموضوع. لا تقولوا لي ان بورسعيديا حقيقيا هو الذي صعد مدرجات الالتراس الأهلاوي وألقي ببعضهم من ارتفاع عشرة أمتار وأكثر أو هو الذي خنق شابا من الالتراس الأهلاوي أو هو الذي شاهدناه يفتح سيارة الاسعاف للإجهاز علي المصابين.. طيب ليه والمصري اكتسح المباراة لعبا ونتيجة. البورسعيدية الحقيقيون هم الذين رأيناهم علي الهواء يحجزون علي مقتحمي الملعب حتي لا يصلوا إلي لاعبي الأهلي أثناء محاولتهم الهروب جريا للاحتماء في غرفة خلع الملابس. وهم الذين وقفوا طوابير للتبرع بدمائهم للمصابين. وهم الذين توجهوا إلي كافتيريا "أبوقمر" وحطموها بعد ورود اسمه من بين المحرضين والممولين وهم الذين بكوا بحرقة علي الشهداء وعلي مدينتهم التي أصيبت في سمعتها وعلي أنفسهم لأنهم فشلوا في حماية زوارهم. نريد تحقيقا قضايا مستقلا يكشف أسباب نقل اللواء الروبي مدير الأمن الأسبق قبل المباراة بعشرة أيام بلا ذنب اقترفه وفي غير أوقات حركة تنقلات الشرطة.. وأيضا أسباب عدم الغاء المباراة قبل بدايتها في ظل الأجواء التي كانت تنذر بكارثة. نريد هذا التحقيق ليكشف لنا وبمنتهي الشفافية من هم المحرضون والممولون بالتحديد.. ومن عبأ البلطجية والشبيحة في لوريات من أمام "الكارتة" إلي الاستاد.. ومن سمح لهم بالدخول وهم يحملون الأسلحة دون تفتيش.. ومن أغلق علي التراس الأهلي المدرجات وفتح بابا صغيرا يدخل منه القتلة.. ومن سمح للمشاغبين وبينهم بلطجية باقتحام أرض الملعب في حراسة الأمن المركزي. نريد أن يكون هذا التحقيق فوريا وبأسرع ما يمكن لوقف توابع المذبحة والتي لن تكون في صالح أحد.. نريد القصاص لشهدائنا.. وبسرعة. ونريد من شعب بورسعيد الحقيقي أن يدل قضاة التحقيق علي البلطجية.. فهذا كفيل بتبييض صفحته وصفحة المدينة الباسلة. ولله الأمر من قبل ومن بعد.