تعاطي حكومة الإنقاذ الوطني مع أزمة البنزين ومن قبلها البوتاجاز تثبت أن بعض وزراء حكومات ما بعد الثورة مازالوا يتعاملون بنفس عقلية وآليات حكومات العهد البائد. فعلي الرغم من مظاهر أزمة السولار والبنزين بكل أنواعه الواضحة لكل ذي عينين. وفي الوقت الذي تتكدس فيه محطات البنزين بطوابير طويلة من السيارات التي تكاد تسد الشوارع أمام المرور نجد وزير البترول في حكومة الإنقاذ الوطني يؤكد أن الأزمة مفتعلة وأن كميات الوقود التي يتم ضخها في المحطات كما هي بل أزيد من المعتاد بنسبة 7%.. ونجد وزيري التموين والتنمية المحلية يحيل الموضوع برمته إلي وزارة البترول التي لم تجد من تحمله المسئولية بدورها سوي البلطجية والمهربين!! وهو نفس ما حدث مع مشكلة أسطوانات الغاز التي هدأت لأسابيع قليلة ثم عادت لتنفجر مرة أخري ما بين الاختفاء التام وما بين الزيادة الكبيرة في أسعارها. بالتأكيد لا يصدق أحد أن هذه الأزمة المحتدمة سببها فقط التهريب أو تلاعب محطات البنزين. قد يكون ذلك وارداً وموجوداً بالفعل ولكنه ليس السبب الرئيسي فالواضح بل الذي يؤكده البعض من داخل الشركات الكبري العاملة في مجال توزيع الوقود أن هناك نقصاً في المتاح من الوقود بل إن إحدي هذه الشركات والتي تحمل اسماً أجنبياً لم تحصل سوي علي ثلث ما كانت تحصل عليه وهو ما انعكس علي محطات الوقود التي تمتلكها في مختلف أنحاء البلاد.. فبعض المحطات أغلق أبوابه وبعضها قرر أن يلبي ربع ما يطلبه المواطن ناهيك عن المشاجرات التي تحدث طوال الوقت بين أصحاب السيارات وبين العاملين في المحطات. من الوارد في ظل الظروف التي نعيشها أن تكون هناك مشكلة في الوقود لكن يجب أن يكون التعامل معها ومعالجتها في إطار من الشفافية الكاملة.. فإذا كان هناك نقص بالفعل في البنزين سيتم تداركه بعد أيام أو أسابيع فيجب إعلان ذلك ومصارحة الناس به وأتصور أن رد الفعل سيكون مراعياً لهذه الظروف فالبعض سيقبل بالحصول علي بعض احتياجاته وليس كلها وقد يترك البعض سيارته ويستبدلها بالمترو مما يتيح الفرصة لوسائل نقل المواطنين في تأمين احتياجاتها.. أما إذا كانت الحكومة متمسكة بموضوع التهريب والبلطجية فعليها أن تثبت ذلك من خلال مواجهة المهربين والبلطجية فهذا دور الحكومة وليست مهمة المواطن.