ثورة 25 يناير ألقت بظلالها علي سوق شركات التأمين وأحدثت متغيرات هامة في ثقافة التأمين لدي المصريين ودفعت الشركات لاقتحام مجالات غير مسبوقة .. فقد اقترتب قيمة التعويضات التي دفعتها الشركات العامة والخاصة لحرائق وشركات منذ الثورة من المليار جنيه معظمها تعويضات عن حرق مولات تجارية وماكينات الصرف الآلي للبنوك. في نفس الوقت زادت نسبة طالبي التأمين الجدد ما بين 30 و40% نتيجة الاحساس بالخوف وعدم الأمان الذي انتاب الكثيرين وزادت معها أسعار التأمين. بعض الشركات لا تصرف تعويضات عن خسائر أعمال شغب أو مظاهرات لممتلكات مؤمن عليها ما لم تكن الوثيقة الأصلية ملحقا بها وثيقة اضافية للشعب والاضطرابات.. شركات اخري اصدرت وثيقة تأمين منفردة للشعب وبأسعار مرتفعة. هناك أيضا شركات تؤمن ضد مخاطر العنف السياسي وأخري ترفض التأمين علي الممتلكات في الأماكن الساخنة مثل ميدان التحرير وماسبيرو وشارع محمد محمود. التأمين علي السيارات أصبح سوقا خاسرة والتأمين علي نقل البضائع أصبح شروط قاسية مثل استخدام جهاز يحدد مكان السيارة بالقمر الصناعي وفرد أمن مسلح والسير نهارا فقط!! أحمد أبوالعينين رئيس قطاع السيارات بشركة مصر للتأمين ورئيس لجنة السيارات بالاتحاد المصري للتأمين يري أن ثقافة التأمين عند المصريين ضعيفة جدا ولم تتغير كثيرا بعد الثورة وللعامل المادي دور كبير في عدم لجوء الكثير من المواطنين للحصول وثائق تأمينية. يضيف أن قطاع التأمين علي السيارات هذه الفترة يعتبر سوقا خاسرة نتيجة لأحداث الشغب والانفلات الأمني فأصبح تأمين السيارات عبء علي الشركة أكثر منه ميزة والبعض يؤمن علي سيارة والبعض الآخر لا يؤمن وهناك بعض السيارات قد تتعرض لخسائر في الأحداث الأخيرة فيتم صرف التعويض للسيارة التي تتعرض للتدمير في حاله أن يكون العميل يمتلك ملحق الشغب والاضطرابات الي جانب وثيقة التأمين العادية أي عميل لديه هذا الملحق سيكون من حقه الحصول علي التعويض المناسب من شركات التأمين فالشركة غير ملتزمة بسداد التعويضات لمن لا يملكون ملحق الشغب والاضرابات. وعن التأمين الإجباري الذي يتم تحصيل قيمته عند ترخيص السيارة أو تجديد الترخيص ويعتبره البعض نوعا من الإتاوة يقول أبوالعينين هذا التأمين لا علاقة له باصلاح تلفيات السيارة لكن يتم بموجبه صرف 40 ألف جنيه في حالة تعرض السيارة لحادث ووفاة صاحبها .. او اصابته بعجز كلي لا قدر الله. وفي حالة العجز الجزئي يتم صرف تعويض وفقا لجدول محدد لهذا بنص القانون 72 لسنة 2007 "احداث متلاحقة" وائل بدران مدير تطوير الأعمال التأمينية بشركة رويال للتأمين يشير الي أن إحساس الخوف لدي المواطنين جعلهم يلجأون للتأمين بسبب الخسائر التي لحقت بممتلكاتهم مثل السيارات التي تقف في الأماكن الساخنة بالأحداث مثل التحرير وماسبيرو وغيرها والاحداث المتلاحقة والانفلات الأمني. يضيف : شركات التأمين في الوقت الحالي تتعرض لخسائر كبيرة لأنها تقوم بتغطية تعويضات نتيجة لمخاطر نسبة حدوثها يومية . فمثلا تغطية تأمين السيارات الآن أصبح مكلفا جدا.. لأن سقف التعويضات ارتفع جدا واحتمال الخطر أصبح مؤكدا .. وهناك حلول تتجه اليها الشركات منها رفع سعر التأمين وتحميل العميل جزء من الخسارة فمثلا اذا كانت السيارة التي يملكها قيمتها 100 ألف جنيه فعند التعويض يتسلم من الشركة 75 الف جنيه وهذا افضل بكثير من عدم حصوله علي أي مبلغ من قيمة السيارة. يشير الي أن شركات التأمين سواء العامة أو الخاصة دفعت تعويضات قيمتها تقارب المليار جنيه بعد أحداث الثورة ودفعت التعويضات للشركات التي كانت تعلم جيدا أهمية التأمين فمثلا المولات التجارية الكبيرة وسرقتها وصرمتها وماكينات الصرف الآلي كل هذه الشركات صرفت التعويضات نتيجة لما تعرضت له. يؤكد علي أهمية دور شركات التأمين والإعلام في المرحلة القادمة في توعية المواطنين بأهمية التأمين علي ممتلكاتهم كجزء من الاستثمار لديهم .. والدولة أيضا في المرحلة القادمة بعد الاستقرار تحتاج لاعادة النظر في ثقافة التأمين لديها.. فمن الجيد قيامها بالتأمين علي القضاه في العملية الانتخابية بما يقارب المليون جنيه لكل منهم لكنها في نفس الوقت لم تؤمن علي المباني الحكومية التي تعرضت لخسائر وحريق!! وهناك حلول من الممكن ان نقوم بها لتوعية المواطنين فمثلا معارض السيارات يمكن ان تقدم التوعية المناسبة بالعملية التأمينية اثناء وجود العميل لشراء السيارة وصاحب العقار عند وجود مشتر لوحدة سكنية او أماكن استخراج رخص المصانع والشركات حتي يتغير المفهوم التأميني في مصر. سطو مسلح أحمد سعد عبد العزيز رئيس قسم التأمين علي النقل بشركة التأمين المصري السعودي الحاصل علي الماجيستير في التأمين من المعهد البريطاني بلندن يشير الي أن العملية التأمينية في مصر لدي شركات التأمين بالفعل تغيرت بعد ثورة يناير واصدرت الشركة علي سبيل المثال وثيقة تأمينية جديدة وهي وثيقة تأمين مخاطر العنف السياسي تغطي الخسارة سواء الكلية أو الجزئية للأعمال الارهابية والتخريب والعصيان والثورة والعصيان المسلح والتمرد. يضيف أن نسبه الحوادث زادت بالفعل بعد ثورة يناير ووقعت حوالي 614 حادثة سطو علي سيارات النقل المحملة بالبضائع سواء كانت سكر أو زيت أو مساحيق غسيل أو كرتون لعبوات الزبادي فلم يتركوا شيئا إلا سرقوه وبالفعل اتجهت الشركات للتأمين خوفا علي البضائع وهناك شروط وضعتها الشركة علي اصحاب سيارات البضائع منها ضرورة استخدام جهاز "GPS" الذي يحدد مكان السيارة بالقمر الصناعي ويفضل نقل البضائع في الصباح ووجود فرد أمن مسلح بصحبة كل بضاعة يتم نقلها وقد استجاب الكثيرون لهذه الشروط. أشار الي أن نسبة المشاركة التأمينية زادت بنسبة تتراوح من 30 و40% منذ الثورة .. وان الأحداث خلقت مجالات تأمينية جديدة.. من بينها تقديم نسبة 25% من المخاطر التي يتعرض لها العملاء في الدول العربية التي تشهد احداثا ساخنة وتختلق النسبه المقدمة حسب الحالة الأمنية في البلد ويتحملها الصندوق العربي لتأمين اخطار الحروب. يشير إلي أن هناك طبقة وشريحة معينة تتفهم المقصود من العملية التأمينية والاستفادة التي تعود اليها من التأمين .. كما ان هناك شركات ادركت اهمية التأمين علي بضائعها ولكنها فضلت عدم الاشتراك حتي تستقر الأوضاع. " وعي" ويري نزهي غليوم عبد المسيح الخبير التأميني والعضو المنتدب بشركة اسكان للتأمين أن النظرة للعملية التأمينية تغيرت بالفعل في مصر بعد الأحداث التي تمر بها البلاد وذلك لحاجة المواطن حاليا الي التأمين علي ممتلكاته .. فالاحداث الكبري تزيد من رغبة المواطن في التأمين .. ففي عام 1992 وبعد الزلزال الشهير تزايدت عمليات التأمين .. ونفس الحال بالنسبة للسيول والشغب المصاحب للتظاهرات التي تحدث بشكل متكرر في البلد مما زاد من ثقافة التأمين لدي المواطن لتعويض التلفيات والخسائر الناجمة عن التظاهرات. يضيف أن زيادة المخاطر الأمنية وكثرة الحوادث والحرائق للعديد من الممتلكات ستزيد الإقبال علي وثائق التأمين المختلفة نتيجة لارتفاع الوعي التأميني بعد الخسائر التي تحملها العديد من الأفراد غير المؤمن عليهم. يؤكد أن ارتفاع اسعار وثائق التأمين في مختلف القطاعات امر طبيعي نتيجة حالة عدم الاستقرار الأمني .. فشركات التأمين تحملت أعباء مالية ضخمة خلال الشهور الماضية لقيامها بدفع تعويضات لعملائها المتضررين من الحوادث والحرائق التي لحقت بممتلكاتهم .. وفي مقدمتها سرقة السيارات وتفجيرات خطوط الغاز والسطو علي الشاحنات . ويشير محمد مدبولي مدير إدارة الحريق بشركة الدلتا للتأمين .. الي أن الوثيقة التأمينية الخاصة بالشركة يتم اصدارها وكان يضاف إليها هدية عبارة عن وثيقة أعمال شغب لكن بعد الأحداث التي تشهدها البلاد حاليا أصبحت هناك وثيقة منفردة بذاتها تسمي "وثيقة شغب" وتتراوح قيمتها من 10 الي 25 و50% حسب احتياجات العميل. يضيف أن العملاء المتعاقدين مع الشركة قبل أحداث الثورة طلبوا اضافة وثيقة "أعمال شغب" وقد ارتفع عددهم بنسبة 60 الي 70% وبالرغم من هذا الارتفاع ترفض الشركة التأمين في الأماكن الساخنة بالأحداث وفي مقدمتها ميدان التحرير وماسبيرو وشارع محمد محمود. ويؤكد أننا في حاجة الي زيادة الوعي بالعملية التأمينية من خلال الدعاية والمؤتمرات والندوات لمعرفة التأمين وهناك دور كبير للاتحاد المصري للتأمين لعمل حملة لتوعية المواطنين بقيمة التأمين.