الأمانة هي معادلة التكليف الكبري. التي قامت من أجلها السماوات والأرض والجبال. وهي من أخلاق الإسلام العظمي. التي حث عليها ودعا إليها خالق الأكوان سبحانه في كتابه العزيز. وفي سنة نبيه الأكرم صلوات الله عليه وسلامه. وقد ورد الحث علي الأمانة في كتاب الله. وفي سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم كثيرا. فمن الآيات التي ورد فيها الحث علي الأمانة قوله سبحانه في اللوم علي بني آدم في عدم مراعاة الأمانة: "إنا عرضنا الأمانة علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا" "الأحزاب: 72". وقال سبحانه في الأمر الصريح بأداء الأمانات إلي أهلها: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها" "النساء: 58". وفي النهي عن الخيانة وذم الخائنين قال جل وعز: "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" "الأنفال: 27" وقال سبحانه وتعالي: "وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم علي سواء إن الله لا يحب الخائنين" "الأنفال: 58". وقال عز من قائل: "ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خواناً أثيما" "النساء 107". وقال تعالي: "وأن الله لا يهدي كيد الخائنين" "يوسف: 52". بل إن الله أمر نبيه صلي الله عليه وسلم بالابتعاد عن الخائنين أنفسهم فقال سبحانه: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً" "النساء: 105". أما في سيرته العطرة صلي الله عليه وسلم وسنته المشرفة فقد كانت الأمانة من أهم صفات سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم. بل كان يشهد بها أعداؤه فقد سموه الصادق الأمين. وقد طمأنته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها عندما نزل عليه صلي الله عليه وسلم الوحي عندما قال لها النبي صلي الله عليه وسلم: "إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء وقد والله خشيت أن يكون هذا أمراً". قالت: معاذ الله. ما كان الله ليفعل بك. فوالله إنك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث: "رواه البيهقي في الدلائل". بل قد ورد أن النبي صلي الله عليه وسلم نهي عن المعاملة بالمثل في عدم الأمانة خاصة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "أد الأمانة إلي من ائتمنك. ولا تخن من خانك". "رواه أبو داود والترمذي والحاكم". كما اعتبر النبي مجرد الحديث. وعدم الإيصاء بكتمانه أمانة يجب حفظها وعدم كشفها لأحد. فقال صلي الله عليه وسلم: "إذا حدث الرجل الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة" "المصنف لابن أبي شيبة". وأخبر الرسول الأكرم صلوات الله عليه وسلامه أن ضياع الأمانة من علامات فساد الزمان فعن حذيفة قال: "حدثنا رسول الله صلي الله عليه وسلم حديثين. قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر حدثنا: أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال. ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة. ثم حدثنا عن رفع الأمانة قال: ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت. ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه. فيظل أثرها مثل المحل كجمر دحرجته علي رجلك فنفط فتراه منتبرا. وليس فيه شيء. ثم أخذ حصي فدحرجه علي رجله. فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة. حتي يقال إن في بني فلان رجلاً أمينا. حتي يقال للرجل ما أجلده ما أظرفه ما أعقله وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان" "رواه مسلم". وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة التي تدل علي أن الأمانة عظيمة القدر في الدين. ومن عظيم قدرها أنها تقف علي جنبتي الصراط ولا يُمَكن من الجواز إلا من حفظها. كما رواه مسلم في صحيحه. فليس هناك أدل علي عظم قدر الأمانة من كونها تكون بجوارك علي الصراط يوم القيامة. إن الأمانة هي الالتزام بكل ما شرع من الدين. والالتزام بكل ما اتفق عليه بين الناس من العقود والأعمال. فكلمة الحق أمانة. وإتقان العمل وأداؤه بالشكل المتفق عليه أمانة» لذا فمن ترك عمله فهو خائن للأمانة. ومن قصر فيما طلب منه فهو خائن للأمانة. وفي المقابل إذا طبق المسلمون خلق الأمانة فسوف يتغير الحال إلي خير حال. فسنجد كل إنسان يتقن عمله. ويحافظ علي كلامه. ويخدم مجتمعه ووطنه. وسوف يظهر هذا في قوة المجتمع وتقدمه وإزدهاره علي نحو يفخر به كل من انتسب إلي هذا الدين. نسأل الله أن يرزقنا الأمانة. وأن يجملنا بأحسن الأخلاق في الدنيا والآخرة. إنه ولي ذلك والقادر عليه.