عاش القضاء المصري الشامخ علي مدي الأيام الماضية أشد محنة ألمت به في تاريخه القديم والحديث والتي بلغت ذروتها بإغلاق دور العدالة عنوة ومنع القضاة وأعضاء النيابة العامة من أداء رسالتهم المقدسة بالقوة والتهديد. فضلاً عن الاعتداء عليهم بالسب والقذف ونعتهم بأحط الألفاظ في مشهد يندي له الجبين دون أن يحرك ذلك الأمر ساكناً لدي السلطات المختصة في الدولة والتي تركت تلك الفئة الباغية تعبث في الأرض فساداً وتعبث بأمن ومقدرات الوطن. ولقد تحلي قضاة مصر الشوامخ خلال تلك الأحداث رغم ضراوتها بأقصي درجات ضبط النفس مفوضين أمرهم إلي الله ملتزمين بالاحتكام إلي الشرعية والقانون. رهانهم الأول والأخير علي شعب مصر العظيم الذي كان وسيظل السند والظهير لنصرة قضاته والذود عنهم كلما نزلت بهم نازلة أو ألم بهم أمر جلل. ومجابهة لتلك الأحداث دعا نادي القضاة الجمعية العمومية غير العادية لاجتماع طارئ انعقد الجمعة الموافق 28/10/2011 اتخذت التوصيات الآتية. أولاً: يستنكر قضاة مصر بأقصي درجات الشدة ذلك العدوان الهمجي الذي وقع عليهم ومنعهم بالقوة من أداء رسالتهم المقدسة في إرساء دعائم العدل والحفاظ علي هيبة الدولة وسيادة القانون. كما يستنكر بدرجة أشد تقاعس السلطات المختصة في الدولة وقعودها عن آداء الدور المنوط بها في حماية السلطة القضائية ودور العدالة والاكتفاء بدور المتفرج وهوما كان محلاً لاستنكار الشعب المصري بأسره. ثانياً: التأكيد علي استمرار تعليق العمل بالمحاكم حتي يتم تأمينها تأميناً فعالاً ومستداماً يقدر القضاة أنفسهم من خلال جمعياتهم العمومية مدي كفايته لتحقيق أمنهم وأمانهم. ثالثاًَ: علي الجهات المختصة بالدولة الإسراع بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الأزمة وأسبابها وحجمها والخسائر المادية والمعنوية التي نجمت عنها ومعرفة المتسبب في ذلك والمحرض عليه وتقديم من تري اللجنة إدانته إلي النيابة العامة لمحاسبته. رابعاً: يؤكد قضاة مصر التمسك بمشروع تعديل قانون السلطة القضائية الذي فوضوا مجلسهم الأعلي في إعداده وموالاة بذل الجهد حتي يتم استصداره من السلطات التشريعية المختصة تدعيماً لاستقلال القضاء وسيادة القانون. خامساً: "أ" تهيب الجمعية العمومية لقضاة مصر بمعالي المستشار الدكتور النائب العام التوجيه بسرعة انجاز التحقيق في البلاغات المقدمة من السادة الزملاء الذين طالهم العدوان وسرعة تقديم المعتدين للمحاكمة وإجراء المعاينات المعادية اللازمة للمحاكم التي تم الاعتداء عليها قبل أن تتماحي تلك الأدلة. "ب" كما تهيب أيضاً بسيادته التوجيه بسرعة التصرف فيما قدم من بلاغات إبان أحداث طنطا في العام الماضي والتصرف فيها حيث إن عدم التصرف في تلك البلاغات كان سبباً مباشراً فيما حدث ويحدث الآن. سادساً: توصي الجمعية بمقاطعة انتخابات نقابة المحامين وعدم الإشراف عليها وتهيب الجمعية باللجنة القضائية المشرفة علي النقابة التنحي عن مهمتها بعد ما وجه إليها من إهانات واتهامات باطلة طالت الذمة والشرف والاعتبار من بعض المرشحين علي منصب النقيب. وأخيراً: يثق قضاة مصر ثقة مطلقة في مجلسهم الأعلي ويقفون معه مؤيدين وداعمين تملؤهم الثقة في أنه لن يتواني عن تحقيق مصالح القضاء والقضاة والذود عن كرامتهم وهيبتهم. وبذات القدر يقف قضاة مصر الأجلاء مع معالي المستشار الدكتور النائب العام داعمين ومؤيدين لسيادته مستنكرين بشدة ما تعرض له سيادته من حملات مدبرة ومشبوهة وظالمة. كما يقدر قضاة مصر الأجلاء بكل العرفان والتقدير كل من بذل جهداً صادقاً لرفعة شأن القضاء والقضاة. وفي هذا المقام لا يجوز بأي حال من الأحوال أن نغفل الجهد الرائع والصادق الذي بذله ويبذله مجلس إدارة نادي القضاة ومجالس إدارة أندية قضاة الاقاليم في ملحمة رائعة أقضت مضاجع كل حاقد علي قضاء مصر وقضاتها. اعتبار نادي القضاة وأندية قضاة الأقاليم في حالة انعقاد مستمر لمتابعة تنفيذ تلك التوصيات. عاشت مصر الأبية. وعاش شعبها العظيم. وعاش قضاؤها علماً خفاقاً يرفرف بالعدل في سمائها.