قبل ساعات من اللقاء الذى عقده المستشار حسام الغريانى، رئيس محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى، مساء أمس الأول، بنخبة من كبار المحامين فى جميع أرجاء الجمهورية، للاستماع إلى رأيهم فى الأحداث الجارية، وتدارس الموقف حيال المادة 18 من مشروع قانون السلطة القضائية، أصدر نادى القضاة، بيان ثان، حيال الأزمة، كرر فيه استنكاره لاعتداءات المحامين على المحاكم. وقال البيان: «تابع نادى القضاة وأندية قضاة الأقاليم بقلق بالغ، تلك الحملة الشرسة التى تستهدف قضاة مصر الشرفاء على مدى الأيام الماضية، التى بلغت ذروتها بإغلاق المحاكم عنوة ومنع القضاة من أداء أعمالهم بالقوة والإكراه، فضلا عن الاعتداء عليهم بالسب والقذف ونعتهم بأحط الألفاظ وأحقرها فى مشهد يندى له الجبين، دون أن يحرك ذلك الأمر ساكنا لدى السلطات المختصة فى الدولة التى تركت لتلك الفئة الباغية الحبل على الغارب، تعيث فى الأرض فسادا، وتعيث بأمن ومقدرات الوطن المثخن بالجراح وتعرض السلم العام للخطر».
وأضاف البيان: «مجابهة لتلك الأحداث عقد نادى القضاة وأندية قضاة الأقاليم اجتماعا طارئا للنظر فيما يمكن اتخاذه من الإجراءات التى تحفظ للقضاء قدسيته وللقضاة هيبتهم وكرامتهم والحرص على أمنهم وسلامتهم، وأسفر الاجتماع عن عدة قرارات، هى:
أولا: يستنكر قضاة مصر بأقصى درجات الشدة ذلك العدوان الهمجى الذى يقع عليهم ويعرض أمنهم وسلامتهم للخطر ويمنعهم بالقوة والتهديد عن أداء رسالتهم المقدسة فى تحدٍ سافر لهيبة الدولة وسيادة القانون، كما يستنكر بدرجة أشد تقاعس السلطات المختصة فى الدولة وقعودها عن أداء دورها فى حماية أعضاء السلطة القضائية ودور العدالة، والاكتفاء بدور المتفرج وهو ما كان محلا لاستنكار الشعب المصرى بأسره، ولذلك فإن قضاة مصر يهيبون بتلك السلطات أن تكون عند حسن الظن بها، وأن تمارس دورها فى حمايتهم باعتباره واجبا مقدسا يفرضه الدستور والقانون، ولتعلم تلك السلطات أن ترك الأمور على هذا النحو يشجع المعتدى أن يعيث فى الأرض فسادا وأن هذا الأمر جد خطير، ما لم يعالج بالشدة اللازمة سيؤدى إلى وقوع البلاد فى فتنة لا يعلم مداها إلا الله، ورهاننا الأكيد على الشعب المصرى العظيم بكل فئاته وطوائفه الذى لن يترك قضاته فريسة للبغى والعدوان.
ثانيا: التضامن مع السادة الزملاء قضاة مصر الذين طالهم العدوان الآثم وقرروا فى جمعياتهم العامة تعليق العمل بالمحاكم لأجل غير مسمى، ويدعو باقى الزملاء إلى تعليق العمل بباقى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها حفاظا على أمنهم وسلامتهم، وتلك خطة أولى سوف تتبعها خطوات أخرى إذا بقى الحال على ما هو عليه.
ثالثا: يهيب قضاة مصر بوسائل الإعلام المختلفة بأن تقوم بواجبها الوطنى والمهنى.. وألا تفتح الباب على مصراعيه أمام رءوس الفتنة والمحرضين عليها.
رابعا: يحذر قضاة مصر من غضبتهم إذا نفذت البقية الباقية من صبرهم وليعلم من لا يعلم ويفقه من لا يفقه أن القضاة يقفون صفا واحدا عصى على الاختراق، وأنهم سيظلون قائمين على رسالتهم لا ترهبهم قوة، فهم بالله سبحانه وتعالى وبالحق والعدل وبنصرة هذا الشعب العظيم هم الأقوى.
خامسا: يؤكد قضاة مصر أنهم لن يهدأ لهم بال، ولن يغمض لهم جفن إلا إذا تم القبض على الجناة والمحرضين وتقديمهم إلى ساحة العدالة لينالوا عقابهم الرادع وليعلموا أن أمن الأوطان ليس لعبة يتلهون بها.
سادسا: تفويض المستشار رئيس نادى القضاة وعدد من الزملاء ورؤساء أندية قضاة الأقاليم فى الدعوة لعقد الجمعية العامة غير العادية لقضاة مصر متى توافرت الضرورة الموجبة لذلك.
سابعا: اعتبار الاجتماع فى حالة انعقاد مستمر لمتابعة الأحداث عن كسب واتخاذ الإجراءات الكفيلة لمواجهتها على سبيل السرعة.. كما يؤكد قضاة مصر أنه إذا لم يتم وقف هذا العدوان فورا فإن كل الخيارات أمامهم مفتوحة مهما كلفهم ذلك حفاظا على كرامتهم التى هى من المقدسات والمساس بها أمر تهون دونه الحياة.
ثامنا: يناشد القضاة شعب مصر العظيم أن يتفهم الظروف التى دعتهم لذلك وأن حجب العدل عن مستحقيه يدمى قلوبهم ويؤذى مشاعرهم وأن يعلم شعب مصر أنه رغم ما مسهم من عدوان ظلوا خلال الفترة الماضية وكلهم إصرار على مواصلة أعمالهم وإنجاز مصالح المتقاضين ومعرضين أمنهم وسلامتهم للخطر إلى أن استحال عليهم مواصلة عملهم فى ظل هذا المناخ بعد أن قام المعتدون بإغلاق المحاكم وإخراجهم منها بالقوة والإكراه فإن كل مصرى ومصرية يحلم بالعدل والإنصاف منتظرا من قاضيه سماع الحكم لينال النصفة والعدل.