تعيش الفتوي في الزمن الحاضر في أزمة صنعها أدعياء لا فقه لهم. مع أمية دينية. لا تتوافر لديهم أهلية فرز صحيحها من سقيمها. والقدرة علي اصدارها. بحيث تكون أبعد عن أن تنتظم بها أحوال الناس. ويستقيم بها العمران بما تقدمه من حلول للمشكلات الطارئة والحوادث النازلة.. وقد أدي الجهل والأمية وعوامل أخري إلي استغلال حكم الشرع لترويج مذهبيات باطلة. وبلوغ أغراض فاسدة واستخدام فقه مغلوط. عم جنبات الحياة. وهم يعلمون حديث الرسول صلي الله عليه وسلم:" ما أنت بمحدث قوماً بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة" واسفر عن مساويء ومضار عديدة. اصابت بالهدم كل مظاهر العمران وجلبت علي المجتمع أحزاناً يعجز عنها الوصف. وعن فساد وإفساد. يصدق علي الساعين إليها بأنهم محاربون لله ورسوله. نتيجة عدوانهم بالفتوي علي الأفراد والأوطان وتهديد الاستقرار. والعجب. أن شيوخ جماعات الضلال والإضلال بالفتوي يظهرون بمظهر الصالحين الأخيار الأبرار. وهم يصدرون فتاوي تقوض بنيان المجتمع وتهد اركانه.. وتغلغلهم في أوساط الناس. وتقديم أنفسهم علي أنهم الهداة المصلحون. والمهمومون بمشكلات الناس. السالكين لطريق انقاذهم مما هم عليه. بنصوص يحرفونها عن غير موضعها. وأساليب خادعة. وكلمات معسولة. فتح لهم طرقاً ومسالك جندوا بها فئات من الناس. ويمكن رصد بعض العوامل التي خلقت هذا الوضع المأزوم منها تصدي الجهال للفتوي. المفتقدين للحد الأدني من العلم الفقهي وكان أجدر بهم أن يتعلموا أصول العلم الفقهي. وقواعد الاستنباط. وأن يتعرفوا مراد آيات الاحكام ومقصود أحاديث الاحكام. ومقاصد الشرع وقواعد الفقه. وكذلك تحكيم الأهواء والجري وراء الاطماع والنزوات فهذا دأب من تجرءوا علي الفتوي. واعتبروها سلعة يروجون بها لأهوائهم وأغراضهم الخادمة لمصالحهم الشخصية. وسياسات جماعاتهم. وطموحاتهم الذاتية. البعيدة عن الإخلاص للدين. والعمل لنشر العلم الصحيح.. بالاضافة إلي ضيق الأفق والقصور عن الاحاطة بفقه الواقع. وإدراك متطلبات التطور. ومتغيرات العصر. وأحوال الناس.. إلي جانب طفرة التكنولوجيا فيما حدث في الاعلام الحديث. ووسائل التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية. وأثرها الطاغي في نفوق ورواج سوق الفتاوي الشاذة ذات الأثر السيئ علي تفاقهم الإرهاب الدولي وبلغ فقه العنف مداه بترويج فتاوي الجهاد ضد المسلمين بالقتل والتحريق والتشريد وقد شجع ذلك علي عولمة الفتاوي والتمادي في الإكثار منها. دون ضبطها بقواطع النصوص في القرآن والسنة الثابتة. وما أجمعت عليه الأمة. والقياس المستجمع للأركان والشروط. ومقاصد الشريعة والمصالح العامة للناس. وأطر القواعد الفقهية وبهذه الفتاوي الكارثية علي الدين والأنفس وحق المواطنة. قدموا دين السلام والرحمة عبر الانترنت والاعلام ديناً عنصرياً متعصباً متعطشاً للدماء في أقسي صورة. د.محمد الشحات الجندي استاذ الشريعة الاسلامية بكلية الحقوق جامعة حلوان وعضو مجمع البحوث الإسلامية