من أهم المعاني التي اهتم بها الإسلام التوكل علي الله لأنه عبارة عن تحقيق الإيمان بالله واستقراره في القلوب واليقين بأنه علي قلة حيلة وضعف اسبابك أن الله قادر "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل علي الله فهو حسبه" "الطلاق: 2 . 3". وقال تعالي "إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلي الله فليتوكل المؤمنون" "آل عمران: 159" ونحن نتعلم التوكل علي الله في رمضان من خلال أداء العبادات المتعلقة برمضان مفوضين أمرنا إلي الله. ولأن التوكل علي الله مرتبط بالقلب فهو من متممات الإيمان ولذا وصف ربنا عز وجل المتوكلين بالإيمان قال تعالي: "وعلي الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين" "المائدة: 22" فهو حال المؤمن في جميع الأحوال والأحيان. وقرنه ربنا بالعبادة ليعلم الجميع أن التوكل علي الله عبادة من أجل وأعظم العبادات "فاعبده وتوكل عليه" "هود: 123". وحقيقة التوكل علي الله هي الأخذ بالأسباب مع تفويض الأمر لله سبحانه وتعالي وليس ترك الأسباب والاكتفاء بالدعاء فهذا ليس توكلا ولكنه تواكل. ولذلك قالوا "السعي في الأسباب بالجوارح طاعة لله والتوكل بالقلب علي الله إيمان بالله". وقد ضرب لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم نموذجا للتوكل في أوضح وأبهي وأرقي معانيه حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لو توكلتم علي الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتعود بطانا". وضرب رسول الله المثل بالطير شئ غريب لأن الطير مخلوق ضعيف. والصورة التي صورها لنا النبي في وصف حال الطير أنها خرجت من اعشاشها جائعة في أصعب درجات الجوع حيث التصقت حواصلها من شدة الجوع لكنها بمجرد أن خرجت وسعت عادت في أعلي درجات الشبع فرسول الله صلي الله عليه وسلم أراد أن يرشدنا إلي أن الطير علي ضعفها فعلت ما عليها. وهي أنها خرجت من العش. علينا جميعا ان نخرج من العش "أعني الأخذ بالأسباب". وقد وردت أحاديث عدة في فضل التوكل علي الله منها: لما قال رجل لرسول الله صلي الله عليه وسلم: أعقلها وأتوكل أم أطلقها وأتوكل قال: "بل اعقلها وتوكل". وفي صحيح مسلم قال عليه الصلاة والسلام: "يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل الطير". وفي حقيقة التوكل علي الله تجد كل معاني السند. قال الله تبارك وتعالي عن المتوكلين "ومن يتوكل علي الله فهو حسبه" أي أن الله يتولي أمرهم ويضمن لهم النتائج بقدر اتخاذهم للأسباب. إسلام النواوي من علماء الأزهر الشريف