رئيس وحدة الأبنية بمجلس الدولة: التحول الرقمي يساعد في تقريب العدالة الإدارية    «القصير»: تطوير قانون التعاونيات أولوية لوزارة الزراعة خلال المرحلة القادمة    جيش الاحتلال يزعم: قواتنا اغتالت أكثر من 100 مخرب في رفح    التشكيل - مانشستر سيتي بالقوة الضاربة وسون يقود توتنام في مواجهة تحديد اتجاه الدوري    الداخلية تكشف كواليس فيديو "زفة" مطروح    يسرا وريا أبي راشد تخطفان الأنظار في مهرجان كان السينمائي الدولي    قصواء الخلالى: مصر داعية للسلام وإسرائيل جار سوء و"ماكينة كدب بتطلع قماش"    فيديو.. عالم أزهري: الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان.. والتراث ليس معصوما من الخطأ    اعرف قبل الحج.. هل الطواف حول الكعبة من الدور الثاني أو الثالث ينقص الثواب؟    81 مليار جنيه لمشروعات الوادي الجديد، نائب المحافظ تكشف التفاصيل خلال حفل المعهد الصحي    تحكم في وزنك من خلال تعديلات بسيطة على وجباتك    الشيبي: بيراميدز يستحق التتويج بالدوري.. ولا أحب خسارة أي تحدِ    وزير الدفاع البريطاني: سنزود فرقاطاتنا بالبحر الأحمر بقدرات هجوم بري    جامعة الأقصر تفتتح مركزًا للطلاب ذوي الإعاقة    إنفوجراف| 5 معلومات عن السيارات الكهربائية في مصر    تعرف على القطع الأثرية المميزة لشهر مايو بالمتاحف.. صور    «السرب» يتصدر قائمة الإيرادات و«على الماشى» يتذيل الترتيب    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    غدًا.. الحكم على المتهم بدهس «طبيبة التجمع»    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    أسهل طريقة لعمل الكرواسون بالجبنة في المنزل.. وجبة خفيفة للفطار والعشاء    قبل البيرة ولا بعدها؟..تعليق علاء مبارك على انسحاب يوسف زيدان من تكوين    أحمد موسى يفجر مفاج0ة عن ميناء السخنة    الأربعاء.. انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمعرض زايد لكتب الأطفال    بعد تصدرها التريند.. ما هي آخر أعمال نسرين طافش؟    مفاجأة كبرى.. ديبالا في مدريد هذا الصيف    الإحباط والغضب يسيطران على العسكريين الإسرائيليين بسبب حرب غزة    تنظيم 10 ندوات لمناقشة المشكلات المجتمعية المرتبطة بالقضية السكانية في شمال سيناء    الاتحاد الأوروبي يوسع عقوباته على إيران بسبب روسيا    بعد تصدرها التريند.. تعرف على آخر أعمال فريدة سيف النصر    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    القاهرة الإخبارية: فصائل المقاومة نصبت أكمنة لمحاور التوغل الإسرائيلي برفح    المدير الفني ل «نيوكاسل يونايتد»: نعلم مدى صعوبة مباراة مانشستر يونايتد غدًا    يخدم 50 ألف نسمة.. كوبري قرية الحمام بأسيوط يتجاوز 60% من مراحل التنفيذ    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    برلماني: مصر قادرة على الوصول ل50 مليون سائح سنويا بتوجيهات الرئيس    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    «على قد الإيد».. أبرز الفسح والخروجات لقضاء «إجازة الويك اند»    الغندور يثير غضب جماهير الأهلي بسبب دوري أبطال أفريقيا    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته بكفر الشيخ لجلسة الخميس المقبل    أبو الغيط أمام الاجتماع التحضيري لقمة البحرين: التدخل الظولي بكل صوره أصبح ضرورة للعودة لمسار حل الدولتين    «أبوالغيط»: مشاعر الانتقام الأسود تمكنت من قادة الاحتلال    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    خسائر طائلة، عقوبة عدم الالتزام بدفع شروط التصالح في مخالفات البناء    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    المندوه يتحدث عن التحكيم قبل نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    مجدي عبدالغني يثير الجدل بسؤال صادم عن مصطفى شوبير؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم الدنيا
من المحرر
نشر في المساء يوم 17 - 03 - 2018

قسمت البركة عشرة أجزاء: تسعة في مصر. وجزءاً في الأمصار كلها. ولايزال في مصر بركة أضعاف ما في الأرضين كلها الرسول صلي الله عليه وسلم ومصر بلد العلم والحكمة من قديم الدهر. ومنها خرج العلماء الذين عمروا الدنيا بكلامهم وتدبيرهم وحكمتهم.. وليس يري في الدنيا بلد أهله مثل رتبة أهل مصر في ابنيتها ونهرها وإتقان أمرها ابن ظهيرة. لما خلق الله تعالي آدم عليه السلام. مثل له الدنيا شرقيها وغربيها. وسهلها وجبلها. وأنهارها وبحارها. وبناءها وخرابها. ومن يسكنها من الأمم. ومن يملكها من الملوك. فلما رأي مصر رآها أرضاً سهلة. ذات نهر جار. مادته من الجنة. تنحدر فيه البركة. وتمزجه الرحمة. ورأي جبلاً من جبالها مكسواً نوراً. لا يخلو من نظر الحق إليه بالرحمة. في سفحه أشجار مثمرة. فروعها في الجنة. تسقي بماء الرحمة. فدعا آدم عليه السلام في النيل بالبركة. ودعا في أرض مصر بالرحمة والبر والتقوي. وبارك علي سهلها وجبلها سبع مرات. وقال: أيها الجبل المرحوم. سفحك جنة. وتربتك مسكة. يدفن فيها أغراس الجنة. لا خلتك يا مصر بركة. ولا أزال بك حفظ. ومازال فيك ملك وعز. يا أرض مصر. فيك الخبايا والكنوز. ولك البر والثروة. وسال نهرك عسلاً. كثر الله زرعك. وأدر ضرعك. وزكي نباتك. وعظم بركتك عبدالله بن عمر.
دعا نوح عليه السلام لولده وولد ولده: مصر بن بيصر بن حام بن نوح. وبه سميت مصر. فقال: اللهم إنه قد أجاب دعوتي. فبارك فيه وفي ذريته. وأسكنه الأرض الطيبة المباركة التي هي أم البلاد عبدالله بن عباس.
الزراعة حياة مصر والري روح الزراعة. والمواصلات من البلاد كالشرايين من الجسد من كلمات الكهنة المصريين. إنها هبة من هبات النيل. فهي في مساحتها العامة واسعة الأرجاء. لا تضارعها في اتساع رقعتها سوي البلاد الكبيرة في أوروبا. فطولها من الشمال إلي الجنوب 1070 كيلو متراً. ومن الشرق إلي الغرب 1230 كيلو متراً. أي أنها تبلغ نحو مليون وربع من الكيلو مترات المربعة. أي أكثر من ثلاثمائة مليون فدان. ولكن البلاد المصرية تظلم نفسها. وتظلم الحقيقة هيرودوت. إن عظمة مصر تتجلي في تاريخ حضارتها ومدنيتها التي استمرت خمسة آلاف سنة. عاشتها أمة عظيمة موحدة. ثابتة. منظمة. كانت دائماً تخطو نحو الارتقاء والتقدم إمري. الإنسان المصري لم يعرف العقم في حياته. عرف العطاء منذ أن رفع شعلة الحضارة. فالمصري صنع الحضارة لا في مصر وحدها. بل في العالم أجمع. إن أي حضارة فتحت نافذتها علي وادي النيل لم يفد منها بقدر ما أضاف إليها. كان المصري أول من صنع الحضارة. ومن يصنع الحضارة لا يكف عن العطاء سونيرون. ماضي المصريين هو أطول الفترات التي يسجلها تاريخ البشرية المؤرخ الفرنسي موريه. ليست مصر طريقاً ولا معبراً. ولا هي ورقة كوتشينة في الألاعيب المعقدة بين الدول. ولا يمكن أن تكون مصر مستعمرة للاستغلال. أو لاستيطان الغرباء إدوار دريو. لم يشيد المصري الأهرام لشعوره بالفناء. بل لإيمانه بالبقاء. هذه المدافن لا تمثل ختام حياة يوم أو بعض يوم. إنما هي معالم الطريق إلي حياة لا تعرف النهاية. إنها أبواب الخلود. أقيمت علي حدود الأزل شاتوبريان. مصر. ظل الإله علي الأرض. وهي قدس أقداس العالم. وحاضرة الأديان من مؤلف مكتوب في عهد الامبراطور ثيودوسيوس. أي جنة هذه؟ الإسكندر عند وصوله إلي الدلتا. اسم مصر في الكتب السالفة: أم البلاد سعيد بن أبي هلال. مصر خزائن الأرض كلها. وسلطان مصر سلطان الأرض كلها. ألا تري إلي قول يوسف عليه السلام لملك مصر: اجعلني علي خزائن الأرض. ففعل أبوبصرة الغفاري. ومصر من أقدم البلدان. فإنها أسست قبل الطوفان. واختارها نوح لولده. ودعا لهم ابن زولاق. من أرادها بسوء. قصمه الله كعب الأحبار. مصر أم العالم ابن خلدون. مصر هي البلد الوحيد في الامبراطورية الإسلامية الذي تقام فيه شعائر الدين المسيحي بحرية أكثر من أي بلد آخر. ولهذا السبب فإن عدداً كبيراً من نصاري البلاد الأخري يلجأون إليها الأب برنا اليسوعي "1711" إن مصر أهم بلد في العالم نابليون. إننا لم نفعل شيئاً حتي الآن أكثر من خدش أحدثناه في ذلك التاريخ ماسبيرو في حديثه عن اكتشافات الآثار المصرية القديمة. للمصريين شخصيتهم من أقدم الأزمنة. هم لا يحتاجون أن يفنوا في غيرهم. لكن من الجائز أن يفني غيرهم فيهم. إن شخصية المصريين أزلية. انتصرت علي الزمان. فهي أقوي من أن يفني في شخصية أخري كونريل. إن النيل هو مصر. ومصر هي النيل روزبري. مصر أم الحضارات. ولم تسبقها في ميدان المدنية ولا في حرفة تقنين القوانين وتشريع الأحكام. ولم تجحد نعمة اقتباس علومها أمة عاقلة. ولا أنكرت الاستفادة بنور نبراسها مملكة عقيمة ولا دولة رفاعة الطهطاوي. عندي كلمة واحدة لا أملك سواها للدفاع عن نفسي.. إنني مصري علي فهمي أحد أبطال الثورة العرابية. إن العدل يقضي بأن يكون العالم معترفاً لمصر بجميلها وفضلها علي المدنية أناتول فرانس.
إن كل مصري. يستحق أن يسمي مصرياً. وطني النزعة في قلبه من تقرير اللورد ملنر. مصر مفتاح الشرق الأوسط. ومن يملك مصر يملك الشرق الأوسط فيلد مارشال سليم. لقد التقيت في مصر بتلك الأفكار التي ظلت طيلة أعوام تنتظم تفكيري عن الفن. والفكرة الأولي ولدت من أبي الهول أندريه مالرو. استمدت مصر شخصيتها الحقة من شخصية أرضها ونيلها أحمد فخري. تلك الخبرة الضخمة والحكمة العميقة التي يجب أن نتعلم منها نهرو. شخصية مصر شخصية أبدية أزلية. انتصرت علي الزمان.. فهي أقوي من أن تفني في أي شخصية أخري طه حسين. استمدت مصر شخصيتها الحقة من شخصية أرضها ونيلها. وزالت الدول. وزال الغزاة. وبقيت مصر. وبقي الشعب المخلص لتقاليده منذ آلاف السنين. وستظل للمصريين تقاليدهم المجيدة طالما بقي النيل جارياً بين شاطئيه. يفيض بالخير والبركات. وهو باق بإذن الله إلي أبد الآبدين أحمد فخري. مصر محكوم عليها بالعروبة. فمصر هي واسطة كتاب الجغرافيا. تحولت إلي فاتحة كتاب التاريخ جمال حمدان. الذوق ماخرجش من مصر مثل شعبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.