جاء في كتاب الخطط والآثار للمقريزي ما نصه:- لما خلق الله آدم مثل له الدنيا شرقها وغربها، وسهلها وجبالها، وأنهارها وبحارها، وبنائها وخرابها، ومن يسكنها من الأمم، ومن يملكها من الملوك، فلما رأى مصر أرضا سهلة، ذات نهر جار مادته من الجنة، تنحدر فيه البركة، ورأى جبلا من جبالها مكسوا نورا لا يخلو من نظر الرب إليه بالرحمة في سفحه أشجار مثمرة وفروعها في الجنة تسقى بماء الرحمة فدعا آدم في النيل بالبركة ودعا في أرض مصر بالرحمة والبر والتقوى، وبارك في نيلها وجبلها سبع مرات، وقال يا أيها الجبل المرحوم سفحك جنة وتربتك مسكه يدفن فيها غراس الجنة أرض حافظة مطيعة رحيمة، لا خلتك يا مصر بركة، ولا زال بك حفظ ولازال منك ملك وعز يا أرض مصر فيك الخبايا والكنوز ولك البر والثروة وسال نهرك عسلا كثر الله زرعك ودر ضرعك وزكى نباتك وعظمت بركتك وخصبت ولازال فيك خير... يا الله.. حتى أبو البشر وأبو الأنبياء آدم عليه السلام امتدحك يا مصر.. وما من نبي إلا وذكرك بكل خير يا (أم البلاد) كما سماكي نوح عليه السلام (فادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) قالها يوسف عليه السلام الذي وهبه الله حكم مصر بعد أن طلبها من الله (اجعلني على خزائن الأرض). (وأهلها في رباط إلى يوم القيامة) هكذا حدثنا عنها النبي المعصوم من الخطأ خاتم النبيين والمرسلين. وصدق الحجاج بن يوسف الثقفي حين قال عن المصريين أنهم (قتلة الظلمة وهادمي الأمم، وما أتي عليهم قادم بخير إلا إلتقموه كما تلتقم الأمر رضيعها.. وما أتي عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب... ).. هكذا كانت رسائل السماء والنبيين لمصر، وهكذا لم تنقطع أبدا رسائل أهل الأرض من أمم ودول لها ولأهلها فتجدها أحيانا محملة بدفء المشاعر والمواقف المعبرة عن الحب والاعتراف بالفضل والمكانة وتارة أخرى تجدها محملة بحقد دفين وغضب عظيم ورغبة أكيدة في النيل منها ومن أهلها.. وكما كانت رسائل الأمم والدول كانت أيضا هناك رسائل من أفراد يرون في مصر الهدف وغاية الأمل إما رغبة في صلاح أحوالها وأملا في بلوغها المكانة التي تليق بها أو وهما زائفا في سقوطها والوقيعة بين أهلها لأغراض دنيئة أنانية. وقد طالعنا إمام الفتة يوسف القرضاوي. الذي يتربع على قائمة أكثر سفاحي العالم سفكا للدماء المصرية خاصة والعربية عامة - من وجهة نظري - ليس بما اقترفت يداه وإنما بما يخرجه لنا من فكره الشائك الحاقد في شكل رسائل أو فتاوي، برسالة جديدة إلى الشعب المصري آلا وهي (حرمة الخروج في الانتخابات الرئاسية)، فيحرم الرجل ما يريد ويحلل ما يريد.. ولنسأل الشيخ سؤالا: أين الحجة الشرعية في التحريم ! فالحرام بين والحلال بين، فنجد الإجابة: آلا هي أهواء السياسة وأوامر أرباب نعمته الذين يدفعون له، فسقط قناع التدين عن الرجل ووقعت ورقة التوت التي تستر سوءته وانفضح أمره للمصريين فأكتسب عداوتهم وبغضهم.. وعلى النقيض، ترى نوعا آخر من الرسائل الموجهة لمصر وأهلها، رسالة كلها حب وفرحة، بعيدة عن روح التنازع والتناحر، وهي رسالة الفنان الإماراتي حسين الجسمي. للمصريين في أغنية (بشرة خير)، انطلق فيها الرجل متغنيا بحب مصر في خفة تشبه خفة الفراشة الجميلة، لحث المصريين على المشاركة في الانتخابات الرئاسية وكان أروع ما جاء بها هو العتاب الرقيق لمن ينتوي عدم المشاركة في الانتخابات واصفا هذا المصري بالبخيل على وطنه مصر، كما أن بها من الكلمات الجميلة لحث هذا المصري على المشاركة لأن مصر تناديه، فانهالت عبارات المدح والثناء على الجسمي والتقمته قلوب المصريين كما تلتقم الأم رضيعها إن التاريخ يشهد بعبقرية الشعب المصري.. بكل تأكيد قادر على قراءة المشهد، واحسب أن سنوات الحماسة الزائفة قد ولت وأن الاختيارات قد نضجت وأصبحت أوقع من ذي قبل، وكلي إيمان أن المصريين على أعتاب نهضة حقيقية. هيا بنا إلى الصناديق بالملايين، لنبهر العالم مجددا..