في سنة 1691 ظهرت أزمة اقتصادية عنيفة عاني منها المصريون كعادتهم .. فقد حل الفساد في كل مكان وزادت الرشوة .. وعمت الاختلاسات بين العمال والموظفين الموكل إليهم حراسة المال .. ولم يعد أحد من المصريين يمكنه قضاء مصالحه دون أن يدفع الرشلوي لمن بيدهم الأمر. ويروي أنه في هذه السنة حدثت اختلاسات كبري في ديوان "الروزنامة" بمصر وهو يماثل مصلحة الضرائب وجباية الأموال وكان بطل هذا الاختلاس رئيس الديوان نفسه وكاتب الديوان وهو يهودي الديانة .. وفي التحقيقات تبين أن الرئيس اختلس 80 كيساً والثاني اختلس 40 كيساً "وهي عملة ذلك الزمان" وبعد التحقيقات تقرر احالتهما إلي المحاكمة التي قضت بإعدامهما .. فقد كانت القوانين السارية في ذلك الزمان هي اعدام المختلس والمرتشي. ومن الروايات الأخري .. حكاية عبدالله الروزنامجي الذي ظهر عليه ثراء فاحش وتبين أنه استولي علي الأموال السلطانية والأموال العينية والنقدية التي تقدم للحكام وافراد بيوتهم .. وعندما انكشف أمره هرب وقام العسكر بالتحفظ علي جميع أمواله وأملاكه وخيوله وتم بيعها سدادا لاستحقاقات الخزانة ولم يكن اختلاس الأموال هو المظهر الوحيد للفساد فقد كان هناك اختلاس آخر للحبوب من الشون الحكومية حيث اختلس أمين الشونة والكتبة 19 أردب فول .. وعندما جاء التجار ليحصلوا علي حصصهم من البقول تبين أن الشون خالية فقد تم اختلاس وسرقة كل المخزون ولم تكن الاختلاسات وحدها هي مظهر الفساد فقد كانت الرشاوي مظهراً آخر فقد كان الوصول إلي بعض الوظائف مرهوناً بقدرة المتقدم للوظيفة علي دفع رشوة مالية أو عينية للحصول عليها .. وعلي سبيل المثال كان المحتسب لا يحصل علي منصبه إلا بعد دفع الرشوة للمسئول عن تعيينه. كان ذلك في القرن 16 وفي القرن 17 .. أي أن مصر مبلية بأنواع مختلفة من الديون والفساد وفي القرن العشرين والواحد والعشرون تكرر نفس السيناريو ولو قرأنا هذه الوقائع بدون ذكر التاريخ .. ألا تنطبق علي الواقع الذي عشناه طوال الثلاثين سنة الماضية ولكن الاختلاسات والرشاوي لا يرتكبها صغار الموظفين والعاملين ولكن للأسف كان أبطالها بعض كبار كبار المسئولين!!