ليس هناك من مصري واحد يعيش علي أرض المحروسة ليس لثورة يوليو المجيدة يد بيضاء عليه وعلي أسرته ذلك أن ثورة يوليو بقيادة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر لها تأثير جذري في كافة مناحي الحياة علي أرض مصر المحروسة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً. ولن نشغل بالنا بمن يتخذ من الهجوم علي عبدالناصر وثورة يوليو وسيلة لإفهامنا أنه من البر الآخر الذي عبرته الثورة بقيادة الزعيم جمال لتقضي عليه وتكبح جماحه وأعني به الإقطاع المستقل ورأس المال الظالم.. فلا الذين يهاجمون الثورة وعبدالناصر من أسر إقطاعية ولا هم من سلالة عبود باشا وللأسف فإن معظم من يهاجمون الثورة وعبدالناصر هم الذين استفادوا وأسرهم من قرارات الثورة العادلة التي حررتهم من نير الإقطاع واستغلال رأس المال ولنتذكر جميعاً أن المشروع القومي للمصريين قبل ثورة يوليو هو "مكافحة الحفاء" أي توفير نعل "حذاء" لكل مصري بدلاً من السير حفاه علي شواطئ الترع وفي شوارع المدينة. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن ما ورد في مقال الزميل الأستاذ أنور عبداللطيف في الزميلة الأهرام هذا الأسبوع يستحق أن نستعيده حول محادثة جرت بينه وبين د. جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق.. والمثقف المرموق. يقول د. جابر في اعتراف صريح لا يقدر عليه أحد - من إياهم - أنه من أسرة فقيرة من المحلة وأن والده فلاح من الغلابة جداً.. وأنه حصل علي الابتدائية بالعافية وعندما هم والده بإخراجه من التعليم بسبب 600 جنيه كانت مطلوبة إذا بثورة يوليو تصدر مجانية التعليم للمرحلتين الإعدادية والثانوية.. وتكررت عملية إخراجه من التعليم وهو علي أبواب الجامعة فإذا بعبدالناصر يمرر المجانية إلي الجامعة فاجتهد الرجل واعداً أباه بأن يكون من الأوائل وقد كان.. إلا أنه لم يكتب له أن يكون معيداً بالجامعة. وذهب للعمل مدرساً بالفيوم وأثناء جلوسه لتصحيح كراسات التلاميذ ومستمعاً لخطاب مباشر للزعيم عبدالناصر يعلن فيه أنه لن ييئس من تطبيق العدالة. فقطع ورقة من كراسة تحضير الدروس وكتب خطاباً إلي عبدالناصر يشكو فيه الظلم والواسطة ويطلب الاحتكام لعدالته وما هي إلا أيام حتي جاءه خطاب من د. سمير القلماوي بضرورة الحضور فوراً إلي كلية الآداب جامعة القاهرة ومعه أوراقه حيث ذهبت به إلي مكتب رئيس الجامعة ليجد خطابه وعليه تأشيرة الرئيس عبدالناصر ونصها: "يعين المذكور ويحقق في الأمر وأفاد". والكاتب الزميل الأستاذ أنور عبداللطيف يعكس الموضوع أيضا علي حاله وفي الحقيقة ليس حاله فقط بل حال الملايين من تلاميذ مصر وكنت أحدهم فيقول: إن والده استفاد من الخمس أفدنة التي وزعتها الثورة علي الفلاحين. وقد همس أحد الجيران في أذن والده: إن لم تلحق أولادك بالتعليم فإن الدولة ستسحب منك الأرض فحمله والده وشقيقه علي الحمار لتوصيله إلي المدرسة التي تبعد عن قريتهم بمسافة 5 كيلو مترات فكنت - وكنا - من الذين انتشلتهم الثورة من الفقر والضياع. إنه الجهل وفقر العقل الذي يجعل بعضاً ممن استفادوا من ثورة يوليو اعداء لها.. ويا ثورة يوليو ويا جمال عبدالناصر كم نحن مدينون لك ولزملائك الأحرار.