أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن أي تغيير لوضعية القدس. هو مكافأة للاحتلال وإزهاق لحق تاريخي وقانوني للشعب الفلسطيني يجعل من كل حديث عن السلام. أو عن نظام دولي يلتزم بالكرامة وحقوق الإنسان. لا طائل من ورائه. جاء ذلك خلال كلمة الرئيس أمام القمة الاسلامية الطارئة حول القدس التي عقدت في مدينة اسطنبول التركية. وألقاها نيابة عنه سامح شكري وزير الخارجية. وقال الرئيس في بداية كلمته إن الدول الاسلامية لم تجتمع في القمة فقط لنصرة القدس. أولي القبلتين وثالث الحرمين ومسري الرسول الكريم. عليه الصلاة والسلام. وإنما إنصافاً للحق التاريخي غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني. الذي يتعرض لمأساة مستمرة منذ سبعة عقود. وأوضح أن مدينة القدس. بمكانتها الضاربة في عمق التاريخ الإنساني. وخصوصيتها القومية والدينية. ومأساة الاحتلال التي تعيشها من عام 1967. لا تمثل فقط هماً فلسطينياً وعربياً وإسلامياً. ولكنها. وبدون أي مبالغة. تجسد الأزمة المصيرية التي يواجهها المجتمع الدولي والشرعية الدولية. وأضاف: "السؤال المطروح اليوم هو: هل نهدر القانون الدولي والمبادئ الحاكمة للنظام الدولي. ونقر اغتصاب الحقوق القانونية والأخلاقية والإنسانية بالقوة؟". وشدد الرئيس علي أن قضية القدس. هي قضية الحق والعدل في مواجهة سياسات القوة وإقرار الأمر الواقع ومكافأة المحتل. لذلك تحديداً. كان الاصطفاف العربي والإسلامي والدولي غير المسبوق. رفضاً لأي محاولة للمساس بوضعية هذه المدينة العزيزة علينا جميعاً. أو بحق الشعب الفلسطيني الأصيل. وغير القابل للتصرف. في أن يقرر مصيره ويحقق الاستقلال في دولته وعاصمتها القدسالشرقية. وأكد ان واجبنا اليوم. هو أن نقف وقفةً حازمةً وواضحةً. نعلن فيها أننا نرفض أن يتحول العالم إلي غابة ينتصر فيها المحتل علي الشعب الأعزل الذي لا يملك سوي الحق والقانون والعدل. وجدد الرئيس في كلمته استنكار مصر القرار الأمريكي الأحادي المخالف للشرعية الدولية. ولا تعتبره منشئأً لأية آثار قانونية أو سياسية. مضيفا :"ولنكن واضحين. القدس أرض تحت الاحتلال. وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 هذه حقيقة تاريخية وقانونية. تدعمها قرارات صادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. ولا يمكن أن تتغير هذه الحقيقة إلا بإنهاء واقع الاحتلال. وليس من حق أي طرف. مهما كان. أن يتصور أن بإمكانه القفز علي القانون الدولي والحقوق التاريخية. ليضفي الشرعية علي اغتصاب الأرض والحق". وذكر الرئيس في كلمته ان سبعة عقود تمر علي الشعب الفلسطيني. وهو يرزح تحت وطأة احتلال ينتهك كل مقدس. ويستخف بكل قانون. وكأنه كتب علي الشعب الفلسطيني أن يكون استثناءً من نظام دولي يتشدق بالقانون وحقوق الإنسان في كل مكان إلا عندما يتعلق الأمر بالحقوق الفلسطينية. وبرغم ذلك. فقد قبل الفلسطينيون التسوية التاريخية للصراع. علي أساس قرارات مجلس الأمن ومقررات الشرعية الدولية. وأعلن العرب كلهم. وبدون استثناء. تبني السلام خياراً استراتيجياً علي أساس حل الدولتين. ومن البديهي أن جوهر حل الدولتين هو الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته علي الأراضي المحتلة عام 1967. وعاصمتها القدسالشرقية. وبالتالي. فإن كل مساس بوضعية القدس يعني تهديداً صريحاً لحل الدولتين. ويفتح الباب علي مصراعيه أمام احتمالات وخيمة. وأكدت كلمة الرئيس علي أن استقرار المنطقة والعالم لا يحتمل أي تحرك غير محسوب العواقب تجاه القدس. ولا يمكن أن يتحقق في ظل عدم المبالاة بمشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين والمسيحيين في جميع أنحاء العالم. كما أن السلام لا يمكن أن يتأسس علي استمرار الظلم التاريخي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. إن مصر لا تقبل أن يكون التعامل مع القدس خارج نطاق الشرعية الدولية. ولن يتسامح الشعب المصري مع أي تفريط في حقوق الشعب الفلسطيني. وأي إجراءات تزعزع استقرار المنطقة وتوفر الذرائع للمتطرفين والإرهابيين وأعداء السلام والاستقرار. وقال شكري في كلمة الرئيس السيسي: "أي مصداقية يمكن أن تكون لعملية السلام وحل الدولتين إن لم ينتفض المجتمع الدولي لرفض أي محاولة للاستيلاء علي القدس. وتثبيت واقع احتلالها؟ وكيف يمكن تنفيذ الرؤية التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي لإقامة السلام الشامل والعادل وإنهاء 7 عقود ضائعة من عمر المنطقة والعالم. بينما المحتل يمضي في ترسيخ أمر واقع. يحسب واهماً. أن شعوب المنطقة والعالم يمكن أن تتسامح معه وتقبل به". واوضح أنه لا يمكن أن تتحقق أي تسوية شاملة وعادلة ونهائية للصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي إلا علي أساس حل الدولتين. علي أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية القدسالشرقية. ولا يمكن أن تتم هذه التسوية إلا بمفاوضات سياسية. يرعاها المجتمع الدولي بنزاهة وأمانة. بكل ما يعنيه ذلك من ضرورة الالتزام الصارم بمقررات الشرعية الدولية. والرفض القاطع لأي محاولة للالتفاف عليها وإقرار الأمر الواقع بالقوة. وشدد علي أن مصر. التي التزمت منذ عام 1948. بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. وبذلت في سبيل ذلك كل غال ونفيس. ستستمر في الدفاع عن هذه الحقوق بكل صلابة وقوة. وستكون في طليعة كل تحرك عربي أو إقليمي أو دولي لدعم وتثبيت هذه الحقوق. وإبطال أي محاولة للالتفاف عليها. أضاف ان رفض وإبطال أي محاولة لإضفاء الشرعية علي واقع احتلال القدس. ليس فقط استعادة لحقوق تاريخية وقانونية ثابتة للشعب الفلسطيني. وإنما هو انتصار للحق في مواجهة القوة. وإنقاذ لمصداقية المجتمع الدولي وتمسك بإبقاء باب الأمل مفتوحاً أمام أجيال جديدة من أبناء الشعب الفلسطيني والمنطقة.. والخيار هو بين العدل الذي لا يستقر نظام دولي بدونه. وبين مكافأة الاحتلال وإذكاء نيران الدم والفوضي في المنطقة. وعلينا جميعاً تحمل هذه المسئولية التاريخية والأخلاقية. واتخاذ الموقف الذي يرضي ضمائرنا ويرتقي لتطلعات شعوبنا.