روح العزيمة والاصرار لاسترداد الكرامة وتحرير الأرض كانت مفتاح النصر في حرب أكتوبر المجيدة. ورغم مرور 44 سنة علي هذا الانتصار المجيد فمازالت دروس الحرب تدرس في معاهد الاستراتيجية العسكرية العالمية.. لماذا؟! لأن المقاتل المصري في ذلك الحين فكر خارج الصندوق للتغلب علي كل الصعاب وتطويعها لخدمة هدفه وقلب الموازين العسكرية تماما. حطم الساتر الترابي واقتحم خط بارليف المنيع الذي قالوا ان تحطيمه يحتاج إلي قنبلة نووية بمدفع الماء وأقام معابر العبور في أقل من 6 ساعات.. وبسلالم الحبال تسلق الجندي المصري الساتر الترابي بارتفاع 17 مترا وهو يحمل سلاحه وذخيرته ومؤنا تكفيه 48 ساعة تحسبا للظروف وحتي يتم عبور قوات الدعم علي المعابر ووصول المعدات الثقيلة إلي الضفة الشرقية. وتولت الضفادع البشرية اغلاق فوهات مواسير النابالم التي أقاموها علي مياه القناة لتحويلها إلي كتلة لهب تشوي كل من يفكر في العبور.. تم الاغلاق بخلطة سحرية من الأسمنت من رجال الضفادع البشرية وقبل ان ينزل جنودنا بقواربهم المطاطية في وقت وساعة ويوم وشهر تم حسابها بالدقيقة والثانية لمراعاة المد والجزر وبطريقة تضمن انسياب القوارب إلي الضفة الأخري في أقصر وقت بجانب خطة خداع محكمة لمفاجأة العدو. وفي العمق كانت القوات الخاصة التي تم انزالها قبل موعد العبور خلف خطوط العدو الأمامية للاشتباك مع قوات الدعم التي تفكر في الانطلاق للمساندة وبالتالي قطع خطوط الامداد للجنود الاسرائيليين المتواجدين في نقط خط بارليف الحصين.. وبالتالي تسهيل المهام علي رجال الاقتحام. كما قام الطيران بضربة جوية موجعة وطلعات متكررة لدك مراكز السيطرة ومنع طيران العدو من الانطلاق.. وتولت المدافع بكل أنواعها التغطية بشبكة كثيفة من النيران المرعبة التي أجبرت جنود العدو علي الاختباء داخل خنادقهم ومواقعهم ليجدوا جنودنا فوق رءوسهم ويحيطون بهم من كل جانب لتحقيق أكبر كم من المكاسب علي الأرض وتحرير التراب الوطني. ملحمة تم دراسة تفاصيلها بكل دقة لتوفير المناخ المناسب لتحقيق اعجاز بكل المقاييس شهد له العدو قبل الصديق. هذا بخلاف البطولات الخارقة للأفراد كل في موقعه والمهمة المكلف بها.. ويكفي ان الصاروخ المحمول علي الكتف أجبر سلاح الطيران الاسرائيلي علي نزع مظلة القفز من طائراته لأن الطيارين كانوا يستسهلون القفز بالبراشوت هربا من الجندي حامل الصاروخ ويلقون بحمولتهم في أي مكان طلبا للنجاة.. وكانت الدبابات تهرب من صائدي الدبابات بالأربيجيه. بطولات كثيرة وحكايات مازالت في طي الكتمان ولم يحن الوقت لاذاعتها عن هذه المعجزة المجيدة التي كانت حدثا فارقا بعد نكسة 67 التي تصوروا بعدها ان مصر جثة هامدة لأكثر من 50 سنة.. وانه لا قبل لها بالحرب مجددا أو مواجهة جيش اسرائيل الذي وصفوه بأنه لا يقهر.. واذا بجولدمائير بعد بدء القتال بأيام تصرخ لأمريكا طالبة النجدة قائلة: "ان اسرائيل تنهار". وجاء الرد سريعا من الجانب الأمريكي باقامة جسر جوي من المعدات والأسلحة الحديثة.. لدرجة أن الدبابات كانت تنزل في مطار العريش وتدخل في معركة الدبابات الكبري التي شهدتها أرض سيناء. بصراحة.. ما أحوجنا إلي استعادة هذه الروح أقصد العزيمة والاصرار في هذه المرحلة التي نعاني فيها ونحتاج إلي الخروج من مشاكلنا الاقتصادية وتحقيق التنمية الشاملة علي كل الأصعدة.. ومواجهة المتربصين بالدولة في الداخل والخارج بأفكار من خارج الصندوق علي طريقة روح أكتوبر لتصبح مصر أم الدنيا كما نريد.. وتتحقق الرفاهية لأبناء الشعب ونودع الفقر والبطالة ونواجه الفساد والروتين والبيروقراطية.. فهل نتكاتف جميعا للانطلاق في هذا الاتجاه وهذا الحلم مسئولين وأفراد؟! بصراحة .. أتمني