41 عاماً مضت علي ملحمة أكتوبر المجيد عام ..1973 وكأنها في الذاكرة حدثت اليوم.. هناك أجيال كثيرة لم تعش هذه الأيام.. وما أحوجها إلي أعمال فنية عن الحدث العظيم وإلي كتب تؤرخ للبطولات التي فاقت الوصف والخيال. عبرنا يوم 6 أكتوبر من النكسة إلي النصر وحطمنا خط بارليف الذي قيل أنه يحتاج إلي قنبلة ذرية لتحطيمه.. وتسلق الجندي المصري الساتر الترابي الذي وصل لارتفاع عمارة أكثر من عشرة طوابق بسلالم الحبال وهو يحمل فوق ظهره الذخيرة والسلاح والمؤن التي تكفيه أكثر من 24 ساعة وتصل أكثر من 50 كيلو جراماً حتي يتم إقامة المعابر. تم تحطيم خط بارليف والساتر الترابي بمدافع الماء وهي ابتكار مصري مائة في المائة أذهل العالم. لم يتوقف الأمر عند ذلك.. بل قامت الضفادع البشرية بإغلاق فوهات مواسير النابالم التي وضعها العدو أسفل القناة ليحيل الماء إلي لهب يشوي من يفكر في العبور.. وتم الأمر بخلطة مبتكرة من الأسمنت وقبل العبور بساعات.. كما تم حساب المد والجزر بكل دقة لضمان وصول موجات قوارب جنود الاقتحام في أقل وقت وتحت غطاء المدفعية الثقيلة وضربات الطيران في العمق الاستراتيجي. وتزامن مع ذلك بطولات قوات الصاعقة الخارقة خلف خطوط العدو لقطع الامدادات.. وتسهيل عمل قوات الاقتحام.. بل وقيام الجنود ببطولات تفوق الوصف منها فتح الالغام بأجسامهم حتي يعبر عليها الزملاء لاقتحام النقاط الحصينة في خط بارليف والاستيلاء عليها.. وأيضا احتضان المدافع "الدوارة" حماية لزملائهم حتي لا تحصدهم النيران خلال مهامهم القتالية. بطولات كثيرة ونظريات عسكرية جديدة ماز الت تدرس في المعاهد الاستراتيجية حتي اليوم.. كل ذلك وغيره الكثير تذكرته وأنا أسمع حكاية أحد أفراد الصاعقة الذي كان مكلفاً مع مجموعة من زملائه بمهمة داخل عمق العدو وهو تفجير مخزن ذخيرة رئيسي علي بعد 35 كيلو من شط القناة.. قطعها الرجال سيراً علي الاقدام.. وأثناء عودتهم بعد تنفيذ المهمة طاردته طائرة ميراج.. فأخذ يتعامل معها بسلاحه الرشاس حتي يشغلها عن باقي الزملاء ولم ينبطح أرضا للاختفاء والتمويه.. معلناً أنه قرر الاستشهاد واقفاً.. وتم اطلاق صاروخ عليه بتر قدميه وإحدي ساقيه.. لكنه بإرداة وتصميم تمكن من تدمير مدرعة للعدو تحمل 12 جندياً وهو علي هذه الحالة. كانت هذه هي الروح في جبهة القتال عمل وفداء من أجل الوطن وفي الداخل مؤازرة من كل مواطن فلم تحدث اختناقات في السلع وتراجعت الجريمة وأقبل الكل علي العمل والانتاج.. فما احوجنا هذه الأيام إلي هذه الروح لتحقيق عبور جديد لمصر المستقبل.. وما أحوجنا إلي أعمال فنية وأدبية تؤرخ لأجيال المستقبل ما حدث.. وأعتقد أن هناك الكثير والكثير من البطولات والتضحيات والأعمال العظيمة لرجال القوات المسلحة التي لم يكشف عنها حتي الآن.. فهل نفعل؟! أتمني.