فازت مصر بعضوية غير دائمة في مجلس الأمن الدولي للمرة السادسة خلال العامين 2016-2017 الامر الذي فرض علي الدبلوماسية المصرية بذل العديد من الجهود والتحركات الدءوبة للوفاء بمتطلبات تولي مصر لمهام مسئوليتها كعضو غير دائم في المجلس خلال فترة العامين المذكورين. حيث تعهدت مصر بعد انتخابها في هذا المنصب بالاضطلاع بمسئولياتها التاريخية في الدفاع عن القضايا العربية والأفريقية. وقضايا السلم والامن الدوليين فضلاً عن دعم الثوابت التي يقوم عليها ميثاق الأممالمتحدة بالنظر إلي كونها دولة مؤسسة للمنظمة ومساهماً رئيسياً بالقوات في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ورصد تقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات تاريخ عضوية مصر في مجلس الامن الدولي في ست دورات بإجمالي 12 عاما. مع استعراض مفصل لأداء الدبلوماسية المصرية خلال العامين 2016-2017 في خدمة قضايا الاستقرار والسلام والتنمية في المنطقة العربية وأفريقيا والعالم. فانتخاب مصر كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي للمرة السادسة في تاريخها. لم يأت من فراغ. وإنما جاء نتيجة امتلاكها للمقومات والعناصر التي تؤهلها للحصول علي هذه المكانة رفيعة المستوي في المجلس. فمصر كانت ضمن الدول ال 51 المؤسسة للأمم المتحدة وبدأت عضويتها فيها مع انطلاق المنظمة الدولية في 24 أكتوبر عام 1945 كما أن مصر لها تاريخ طويل في دعم حركات التحرر والاستقلال في العالم النامي. وهي أيضاً دولة إقليمية رئيسية لها انتماءاتها الإسلامية والعربية والأفريقية والمتوسطية. ويضاف إلي ما سبق. امتلاكها أحد أكبر الاقتصادات تنوعاً في القارة السمراء وكونها ثاني أكبر دول القارة من حيث عدد السكان. وهي تمتلك أكبر جهاز دبلوماسي في القارة الأفريقية من ناحية عدد البعثات الدبلوماسية والامتداد والقدرة علي الوصول إلي المجتمع الدولي. فضلاً عن امتدادهاپ الآسيوي. وحرصها الدائم علي المشاركة بفاعلية في كافة أنشطة الأممالمتحدة في المجالات السياسية وقضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية وضبط التسلح علي المستويين الإقليمي والدولي. وهي من الدول ذات التمثيل الكبير في المجالس التنفيذية والهيئات والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة. كما تتمتع مصر بثقل سياسي متزايد في الشئون الدولية انطلاقاً من دورها العربي والإقليمي والقاري. أداء مشرف يشير تقرير هيئة الاستعلامات إلي أن مصر سبق أن شغلت المقعد غير الدائم في مجلس الأمن خمس مراتپمنذ إنشاء المجلس عام 1946. قدمت خلالها العديد من المقترحات. ففيپالعام الأول من إنشاء المجلس قدمت مصر مقترحاً لإقناع المجلس بإصدار قرار يلزم القوات البريطانية والفرنسية بالانسحاب من الأراضي السورية واللبنانية. وهو الطلب الذي رفضه المجلس. وفي ثاني دورة لها في عامي 1949-1950. كانت مصر جزءاً من المجلس الذي أصدر القرار رقم 83. والذي نص علي مساعدة كوريا الجنوبية عسكرياً ضد هجوم كوريا الشمالية. والذي اتضح فيما بعد أنه مجرد مناورة من الولاياتالمتحدة لإعطاء الشرعية لشن هجوم علي الشمال. ووقتها لم تشارك مصر في التصويت علي القرار. أما في عامي 1961-1962 فكانت الجمهورية العربية المتحدة "مصر وسوريا" عضوة في مجلس الأمن وأيدت قرارات المجلس للحد من الحروب الأهلية ودعم استقلال دول أفريقيا آنذاك. وفي المقابل تنحت الجمهورية العربية المتحدة عن التصويت في كل ما يخص انتهاكات الدولة الإسرائيلية لفلسطين والدول المجاورة وذلك لرفضها الاعتراف بدولة إسرائيل بشكل عام آنذاك. ثم انضمت مصر لمجلس الأمن مرة أخري عامي 1984-1985 ودعمت وقتها جهود المجلس لإنهاء العدوان الإسرائيلي علي لبنان وانسحاب القوات الإسرائيلية مرة أخري من خلال تصويتها علي تمديد عمل قوات حفظ السلام بالمنطقة. وفي عامي 1996-1997 دعمت مصر جهود الأممالمتحدة في نشر السلام في يوغوسلافيا السابقة. وإنهاء احتلال العراق لدولة الكويت. بينما أيدت جهود المجلس للضغط علي المغرب لإعطاء سكان الصحراء الغربية حق تقرير المصير وإنهاء النزاع حول المنطقة. مصر تترأس مجلس الأمن الدولي مرتين خلال فترة عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي 2016-2017 تولت مصر رئاسة المجلس مرتين. الأولي كانت في شهر مايو عام 2016. والثانية كانت في شهر أغسطس عام 2017.پإضافة إلي قيامها بطرح العديد من المبادرات أمام المجلس. والتي تصب في هدف خدمة مصالح وقضايا السلم والأمن الدوليين. بجانب قضايا الدول العربية والإسلامية والأفريقية والنامية.پوهو ما جاء بالتزامن مع رئاسة مصر للجنة مكافحة الإرهاب بالمجلس. فخلال ترؤسها للمجلس في مايو 2016. ركزت مصر علي العديد من التحديات التي تواجه منظومة السلم والأمن الدوليين.پوترأس وزير الخارجية سامح شكري خلال الفترة من 9 إلي 11 من الشهر ذاته جلسة وزارية مفتوحة لجميع أعضاء الأممالمتحدة في مجلس الأمن حول مكافحة الفكر المتطرف كأساس لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب.پوناقش المجلس العديد من الأزمات التي تهم مصر وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمتان الليبية والسورية والوضع في اليمن والنزاعات في عدد من الدول الأفريقية.پوطرحت مصر مبادرة لعقد اجتماع مشترك بين مجلس الأمن والجامعة العربية وهو ما تم بالفعل بعقد اللقاء الأول بالقاهرة في مايو .2016 وخلال ترؤسها للمجلس في شهر أغسطس 2017. وبهدف تضييق الخناق علي الإرهابيين من خلال منع وصول الأسلحة. طرحت مصر مبادرة ومشروع قرار حول منع حصول الإرهابيين علي الأسلحة. وهي المرة الأولي التي يتعامل فيها المجلس مع هذه القضية. وعكست هذه المبادرة من جانب مصر توجيهپرسالة للمجتمع الدولي بضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن وخاصة القرار رقم 2253 الصادر عام 2015 والذي يتناول جهود منع الإرهابيين من الحصول علي السلاح. كما عقد المجلس جلسة حول تقييم نظام العقوبات. لاسيما في ظل وجود عدة لجان للعقوبات الخاصة. تم خلالها الاستماع إلي تجارب الدول المعنية باللجان. بجانب عقد الاجتماع التنسيقي الثاني لأعضاء مجلس الأمن والمندوبين الدائمين للجامعة العربية في 28 أغسطس 2017 بنيويورك. علاوة علي مناقشة الموضوعات المدرجة علي جدول أعمال المجلس ومن بينها جلسة الإحاطة الدورية حول الوضع في الشرق الأوسط. مكافحة الإرهاب تواكب مع انتخاب مصر عضوا غير دائم في مجلس الامن. انتخابها - بعد جهود دبلوماسية مكثفة من أعضاء وفد مصر الدائم لدي الأممالمتحدة في نيويورك - وبإجماع آراء الدول الأعضاء. لرئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن. وذلك اعتبارا من بدء عضوية مصر في المجلس في شهر يناير .2016 يذكر تقرير هيئة الاستعلامات أن هذه اللجنة - والتي تم إنشاؤها عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 - تعد أهم لجنة في الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب..ومن بين مهام هذه اللجنة وضع سياسات مكافحة الإرهاب علي المستوي الدولي والإشراف علي تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وقد أنشئت لجنة مكافحة الإرهاب بموجب قرار مجلس الأمن 1373 "2001" الذي اتخذ بالإجماع في 28 سبتمبر 2001 عقب هجمات 11 سبتمبر في الولاياتالمتحدة. وتضم في عضويتها كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن البالغ عددها 15 دولة. أولت مصر خلال عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي اهتماماً فائقاً بقضية مكافحة الإرهاب علي المستوي الدولي. لاسيما وأنها من الدول التي عانت -ولا تزال- من هذه الظاهرة الخطيرة. وتعددت مبادراتها ومواقفها بهذا الشأن. فبهدف إعطاء فاعلية وقوة تنفيذية لمكافحة الإرهاب. بدلاً من عقد مؤتمرات واجتماعات تدين الإرهاب. دون أي رد فعل قوي يخيف الدول التي تدعم الجماعات المتطرفة. وفي إطار الأنشطة المصرية ذات الصلة بنظم العقوبات في الأممالمتحدة - تقدمت مصر في أغسطس 2017 بمبادرة غير مسبوقة إلي مجلس الأمن. دعت فيها المجلس إلي تحمل مسئولياته الجماعية لتحويل المواقف المعلنة من قبل أعضائه. إلي أفعال "تثبت صدق وجدية النوايا" في تحسين فاعلية نظام العقوبات الدولية. وهي المبادرة الأولي من نوعها. حيث عقد مجلس الأمن جلسة إحاطة عن تحسين فاعلية نظام العقوبات الدولية. وفي الإطار ذاته. أكدت وزارة الخارجية في بيان لها "أهمية استمرار العمل من أجل تطوير وزيادة فاعلية نظم العقوبات مع تخفيف تداعياتها السلبية غير المقصودة. وعلي مسئولية مجلس الأمن في دراسة سبل إحداث تطوير نوعي وموضوعي لتلك الأداة المهمة عبر إيجاد آليات حوار مناسبة. ورصد وتقويم الدروس المستفادة من تجارب نظم العقوبات المختلفة. والتعرف الي رؤي الأطراف المعنية. إذ إن ضمان عدالة نظم العقوبات سيجعلها أكثر فاعلية. في حين أن إساءة استخدامها سيضر بصدقية المجتمع الدولي. وقد تترتب عليه تداعيات سلبية تفاقم من بعض الأزمات بدلاً من المساهمة في تسويتها". وفي 21 يوليو 2017. وخلال جلسة اعتماد قرار للولايات المتحدة بتجديد منظومة لجنة عقوبات "داعش" و"القاعدة". اتهمت علي لسان مندوبها الدائم لدي الأممالمتحدةقطر بانتهاج سياسة "داعمة للإرهاب" تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي فيما يخص مكافحة الإرهاب. ووصفت استمرار "عدم محاسبة مجلس الأمن الدولي لقطر" ب "الوضع المشين". وأكدت في كلمتها أن "النظام الحاكم في قطر يتبني سياسة دعم الإرهاب بتمويله وإمداده بالسلاح وتوفير الملاذ الآمن وبالتحريض. وسواء كان ذلك في ليبيا أو سوريا أو العراق أو في دول أخري". وفي 8 يونيو 2017. أكدت وزارة الخارجية في البيان المصري إلي الأممالمتحدة بخصوص تنظيمپداعشپالإرهابي. قيام دولةپقطرپبسداد حوالي مليار دولار لتنظيم إرهابي يعمل فيپالعراقپللإفراج عن عدد من أفراد الأسرة الأميرية المختطفين والمحتجزين لدي هذا التنظيم الإرهابي عندما كانوا في رحلة صيد. وأشارت مصر إلي مخالفةپقطرپقراراتپمجلس الأمنپالتي تلزم جميع الدول الأعضاء بمنع الإرهابيين من الاستفادة بشكل مباشر أو غير مباشر من الأموال التي يتحصلون عليها من جراء الفدية. أو من أية تنازلات سياسية. وأشارت إلي أن هذا الانتهاك لقرارات مجلس الأمن - إن ثبتت صحته - له انعكاساته علي جهود مكافحة الإرهاب. حيث يعتبر دعماً مباشراً للإرهاب. وفي ذات السياق. نظمت البعثة المصرية في نيويورك في يوليو 2017 اجتماع غير رسمي لمجلس الأمن للاستماع إلي تجارب ثلاث دول أفريقية عن دور العقوبات في تسوية النزاعات وإعادة الاستقرار. كما استضافت القاهرة في الشهر ذاته. بالتعاون بين وزارة الخارجية ومركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام. مائدة مستديرة عن نظم العقوبات. بمشاركة ممثلين عن الأمين العام للأمم المتحدة وحضور أعضاء اللجنة الوطنية المصرية التنسيقية المعنية بتنفيذ العقوبات الأممية. وفي هذا الإطار. ثمن مسئول الإنتربول في الأممالمتحدة في أغسطس 2017 المبادرة المصرية لمنع وصول الأسلحة للإرهابيين. بقوله إن "المبادرة المصرية. يجب أن يتم أخذها بعين الاعتبار لأهميتها القصوي". كذلك اعتمد مجلس الأمن خطاب الرئيس السيسي أمام "القمة العربية - الإسلامية الأمريكية بالرياض في مايو 2017 كوثيقة رسمية من وثائق المجلس. وهوپ الخطاب الذي تضمن الرؤية المصرية لصياغة استراتيجية شاملة لمواجهة خطر الإرهاب.پوالهدف من تلك الخطوة من جانب المجلس تتمثل في توثيق الخطاب بالأممالمتحدة ومجلس الأمن. وإطلاع كافة الدول وأجهزة الأممالمتحدة عليه. خاصة مع ما يتضمنه من عناصر هامة وأساسية تتعلق بشكل مباشر بجهود مكافحة الإرهاب. وهو الأمر الذي يأتي علي رأس أولويات الأممالمتحدة ومجلس الأمن تحديداً. مبادرات عديدة يضيف تقرير الهيئة العامة للاستعلامات أن مصر منذ انتخابها كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي قد طرحت العديد من المبادرات التي تصب في خدمة القضايا العربية والإسلامية والدولية. بما يصب في تحقيق الهدف الرئيسي وراء هذه العضوية وهو العمل علي منع مسببات تهديد السلم والأمن الدوليين. ففيما يخص القضايا العربية. ولاسيما الأزمة الليبية. وفي ضوء رئاستها للجنة مكافحة الإرهاب بالمجلس. ترأست مصر في 28 يونيو 2017 اجتماعاً بمجلس الأمن حول "تحديات مكافحة الإرهاب في ليبيا". شارك فيه جميع الدول أعضاء الأممالمتحدة بمقر المنظمة الدولية في نيويورك. وهو الاجتماع الذي عُقد بمبادرة مصرية. وطالبت مصر خلاله بضرورة تطبيق عدد من التدابير بشأن الوضع في ليبيا. كان من بينها ضرورة التوصل إلي مصالحة سياسية في ليبيا. وضرورة تكثيف بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبياپUNSMILپلجهودها لمراقبة وتنفيذ الاتفاق السياسي. علاوة علي ضرورة قيام مجلس الأمن ولجانه ذات الصلة بتوثيق الانتهاكات المتكررة. من جانب بعض الدول وبصفة خاصة قطر. للعقوبات المفروضة علي ليبيا وبشكل أخص عن طريق تسليح وتمويل تلك الدول للجماعات والتنظيمات الإرهابية في ليبيا. والتصرف إزاء تلك الانتهاكات من جانب هذه الدول. أما بخصوص الأزمة السورية. فقد أكدت مصر خلال جلسة مجلس الأمن لمناقشة المشروع الأمريكي حول الهجوم الكيماوي في سوريا التي عقدت في 12 أبريل 2017. سعيها داخل المجلس وخارجه لحل الأزمة السورية. ودعت أمريكا وروسيا إلي التفاهم حول الأزمة.پخاصة وأن الحرب في سوريا ساهمت فيپخلق ملاذ آمن لعشرات الآلاف من المرتزقة والإرهابيين في سوريا والذين يهدد وجودهم المنطقة والعالم بأسره. وبالنسبة لقضية العرب الأولي. وهي القضية الفلسطينية. طالبت مصر في 27 يناير 2016 مجلس الأمن بتحمل مسئوليته تجاه حماية الشعب الفلسطيني وتصحيح الأوضاع في الأراضي الفلسطينية. وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. ورأت أنه من غير المقبول أن تظل القضية الفلسطينية هي البند الوحيد الذي استمر علي جدول أعمال المجلس نحو 70 عاماً منذ انعقاده الأول عام 1946. دون إيجاد حل عادل للقضية وإنهاء الاحتلال ووضع حد لمُعاناة الشعب الفلسطيني.