ديمقراطية أثينا التي يتشدق بها الغرب. أكذوبة كبري.. أما الحرية فهي صناعة إسلامية بامتياز.. هذا ما أكد عليه لقاء فكري ناجح أقيم بقصر ثقافة كفر الدوارالبحيرة ربط خلاله المتحدثون بين ما آلت إليه أحوال المسلمين في زمننا الحاضر. وما استشري بينهم من جهل وتخلف وإرهاب وتطرف وعنف. وما كانوا عليه من رقي واستنارة ووعي وتسامح وحريات مطلقة في الفكر والابداع طوال القرون الخمسة الأولي لحضارة الإسلام وهي الفترة المزدهرة في تاريخنا. والتي ينبغي ان يحتج بها المفكرون والباحثون لا بفترات التدهور والانهيار والتخلف التي صحبت غزو العثمانيين لبلادنا العربية. ونشرهم الفوضي والخنوع فيها. وسرقة علمائها وفنونها. وابداعها حتي وصلت مصر قلب العرب والمسلمين إلي احط زمن في تاريخها علي يد هؤلاء العثمانيين. الذين مازالوا يناصبونها العداء من خلال احفادهم الأتراك الحاليين. وخاصة حفيد يهود الدونما المسمي أردوغان. الرموز اللقاء الفكري الذي نظمه نادي الأدب برئاسة د.عماد مرزوق وسكرتارية سعيد عبدالخالق شارك فيه رموز الحركة الأدبية والفكرية والأكاديمية في البحيرة.. د.عيد بلبع وعبدالمنعم كامل ود. أبوالمعاطي الرمادي ود.محمود عسران وحسين زعيري ومحمد هلال ومها الغنام وسليمان الهواري "الإسكندرية" وحسن الطواب "الإسكندرية" ومحمد المعداوي.. وأشرف عليه أحمد بريك مدير قصر الثقافة واستمر ثلاث ساعات متضمناً فنوناً شتي غير الحوار الفكري بدأت بافتتاح معرض الفنون التشكيلية لمواهب مضيئة من مختلف الأعمار. منهم مني عبدالفتاح وأحمد عياد وهدير عزت وأميرة ممدوح وإيمان علي سليمان ونورهان أشرف وآية السيد وإيناس جمال وجوسيانا متري يعقوب وآلاء عبدالهادي.. وبدأ واضحاً تواصل هذه المواهب مع كل المذاهب التشكيلية من الواقعية إلي التجريدية انطلاقا من البيئة الريفية المحيطة. كشف المتحدثون في هذا اللقاء الذي أداره عبدالمنعم كامل وسعيد عبدالخالق عن زيف ديمقراطية أثينا التي يعتبرها الغرب قاعدة انطلاقهم. ودليل سبقهم في العمل السياسي. فديمقراطية أثينا هذه لم تكن تعني سوي عدد قليل من فئات المجتمع الاثيني وهم الفرسان المقاتلون السادة. أصحاب حق التصويت والترشيح في أية انتخابات بينما يستبعد من هذه العملية سائر فئات المجتمع الأخري. بصفتهم عبيداً أو غرباء أو نساء أو اجانب.. وفي مقابل هذا شهد المجتمع الإسلامي في قرونه الخمسة الأولي انطلاقاً في الحريات العامة والفكرية وحرية البحث العلمي والتنقل والتجارة والسفر وهو ما يسمونه الآن باتفاقية "الجات" ووصلوا إليه بعد عقود من المداولات والاتفاقيات الدولية. صالون السيدة سكينة في الحضارة الإسلامية هناك آلاف الشواهد علي حرية الإبداع وتقدير المبدعين والمفكرين منها صالون السيدة سكينة التي كانت تعقده في بيتها بمكة. ويشارك فيه كل شعراء ذلك الزمن. وهي تحاورهم وتنتقدهم. كان عبدالله بن عباس يستقبل عمر بن أبي ربيعة في المسجد النبوي ويستمع لشعره الغزلي. ولم يأبه لاعتراض نافع بن الأزرق الخارجي. حتي اقتنع نافع برؤية الصحابي الجليل عبدالله بن عباس وجاراه في تشجيع شعر الغزل وسماعه وترديده في المسجد النبوي. وكان أبوعبيده معمر بن المثني أعظم علماء اللغة والنحو والتاريخ في عصره يؤلف كتباً ضد المسلمين العرب وضد قريش الحكام ولم يتعرض له أحد بأذي.. وكذلك وجدت "عصبة المجان" من الشعراء أمثال بشار بن برد وأبي نواس ومسلم بن الوليد ووالبه بن الحبان مساحة واسعة لإبداع الشعر في كل مجالات الحياة. الجهل.. وأصحاب اللحي!! حالة العرب والمسلمين الآن بعيدة كل البعد عن أنماط الحريات هذه. وعن ازدهار الحضارة. ورقي المعاملات. واستنارة العقول. بل شاع بينهم المتطرفون طليقوا اللحي الجهلاء الذين لا يعرفون من تاريخ الإسلام وحضارته إلا نقاطاً سوداء في أزمة الانهيار لا الازدهار. * يقول د.عيد بلبع رئيس لجنة ترقية الأساتذة المساعدين في اللغة العربية بالجامعات المصرية: ان الرؤية الإسلامية القائمة علي القرآن الكريم والحديث الصحيح والممارسة العامة من خلال الخلفاء والحكام ليست هي الرؤية التي تقدمها التنظيمات والفرق والجماعات والمذاهب المختلفة التي استشرت في المجتمع الإسلامي وزادت وطأتها في زمننا الحالي. وقد غلبت هذه التنظيمات والجماعات رؤيتها الخاصة علي الإسلام نفسه مما أدي إلي تفتيت مجتمعاتنا العربية والإسلامية وغرقت فيماتراه من تطرف ودماء.. ولا تكتفي هذه التنظيمات بتبني رؤية منحرفة. بل هي تريد فرضها بالقوة كذلك علي المجتمع. * وأشار عبدالخالق علي حسن إلي أن الحرية التي يريد الغرب فرضها علينا هي محاولة لحماية الفساد والفاسدين المدافع عن مصالحه لا عن مصالح أوطانهم.. وعلي الرغم من أن الحرية صناعة إسلامية فقد تم اختطافها منا.. ويذكر سعيد عبدالخالق ان تاريخنا العربي والإسلامي في حماية الابداع والمبدعين وإطلاق خيالهم فم تشفع لنا في هذا الزمن لنقلد أجدادنا بل نعاني من تردي عام في هذا المجال. * ويري سليمان الهواري أن من يسمون أنفسهم جماعات إسلامية أفسدوا الدين وشوهوه أمام الناس.. وينشغلون بالنظر إلي المرأة بصفتها عورة لا أكثر.. علي الرغم من قول الرسول صلي الله عليه وسلم عن السيدة عائشة: خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء".. ويؤكد محمد هلال ومحمد عبدالكريم علي أهمية قراءة تاريخنا وحضارتنا بشكل عقلاني والتوقف أمام نقاطه المضيئة وعدم التعميم في حالات التردي النادرة.. * يتطرق د.محمود عسران بين حرية التعبير والرأي وبين الوجه الآخر للتطرف وهو الانحلال وخاصة الابتذال في بعض كتابات من يحسبون أنفسهم علي المبدعين.. شارك في اللقاء كذلك بالرأي وإلقاء الشعر والغناء عدد كبير من المبدعين منهم: سمية نور الدين وناصر الطاهر ومحمود زيتون ومغاوري سالم ورضا الشاذلي وسامي عقل وعبدالخالق علي ومحمد العربي ومحمد نظمي وهاجر خليف وريتاج عبدالله ووسيم عبدالله ورقية المعداوي ومها الغنام وعبير عبدالرازق وأسماء خليل. أزمة القصر قصر ثقافة كفر الدوار الذي يحتضن مثل هذه الأعمال التنويرية ويقوم بهذا الدور لنشر الوعي ودحض التطرف. يعاني مشكلة كبري تهدد بإغلاقه بحجة احتياجه لترميمات كاملة أو ما يسمونه "الصيانة الجسيمة" ووردت إليه لجنة من اقليم غرب الدلتا الثقافي لتقيم حالته واحتياجاته وتخاطب محمد تمراز عضو مجلس النواب عن الدائرة مع حلمي النمنم وزير الثقافة لفتح القصر لسائر الأنشطة مع الاكتفاء كما يقول أحمد بريك بترميم المسرح فالأنشطة الأخري ندوات الأدب والفكر والمعارض التشكيلية والعروض الموسيقية لا ضرر من اقامتها بالقصر حتي تنتهي عمليات الصيانة التي لم تبدأ بعد ولم ترصد لها أية مبالغ من الوزارة أو هيئة قصور الثقافة.. حتي نشجع هذه المنافذ علي أداء دورها في حرب ضروس يخوضها الوطن ضد الظلام ودعاته وأنصاره!!!