الجريمة الكيميائية أو ظاهرة غش الأدوية لم تعد تتوقف علي الدول النامية بل امتدت لتشتمل علي دول أوروبا وأمريكا ولكنها لم تتجاوز نسبة 10% في الوقت الذي ارتفعت فيه هذه النسبة لتصل إلي 30% علي مستوي دول العالم الثالث بالشكل الذي يؤثر بالسلب علي النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية خاصة مع امتدادها إلي تصنيع المخدرات وخلال الفترة الماضية نجحت حملات التفتيش الصيدلي والجهات المعنية في ضبط كميات من الأدوية منتهية الصلاحية وبعض مصانع الأدوية غير المرخصة وكذا مخازن الأدوية غير المرخصة علي مستوي الدقهلية وفي نفس الوقت الذي يوجد به حوالي 300 مخزن لبيع الأدوية منها 100 مخزن داخل مدينة المنصورة فقط والاشتراطات التي سبق وحددها وزير الصحة الأسبق لتطوير وتحديث هذه المخازن الا ان عمليات الرقابة علي الدواء منذ خروجه من الشركات إلي المخازن مرورا بالصيدليات وصولا إلي المريض مازالت تفتقر إلي الانضباط والرقابة الصارمة لمواجهة الغش والتلاعب الذي يؤثر بالسلب علي المريض بشكل خاص والمجتمع بشكل عام. ** الدكتور سعيد شمعة نقيب الصيادلة بالدقهلية يشير إلي أن مسألة غش الدواء ظاهرة عالمية ونسبها متفاوتة فكلما اختفت أزمات نقص الأدوية انخفضت نسبة الغش بشكل ملحوظ نتيجة لتشبع السوق بمختلف الأنواع. وبشكل عام نجد أن نسبة غش الأدوية في أمريكا وأوروبا تتراوح ما بين 8 10% وتتمثل في تغيير العبوات أو تصنيع بعض الأنواع بطريقة غير مطابقة للمواصفات والقياسات المتعارف عليها ونظرا لأن عمليات الشراء تتم هناك من خلال مواقع الانترنت فان مسألة الرقابة تكون غير مجدية. أما في دول العالم الثالث فان نسبة غش الأدوية تصل إلي حوالي 30% وذلك نتيجة تعطش السوق لبعض الأنواع التي يستغلها معدومو الضمير في تحقيق أرباح غير مشروعة.. واذا ما نظرنا الي المسألة في مصر بشكل عام نجد انه علي الرغم من أن مخازن الأودية مرخصة رسميا ولكنهاتفتقد الي الرقابة اللازمة منذ خروج الدواء من مكان تصنيعه الي المخازن مرورا بالصيدليات حتي المريض ومن هنا تكون مسألة الغش واردة فاذا ما كانت المخازن دون رقابة كافية فإن العيادات والمستشفيات الخاصة ومراكز التخسيس والتجميل لها هي الأخري دورا مهما في ترويج الأدوية المغشوشة وخاصة أدوية المنشطات الجنسية والمضادات الحيوية والفيتامينات وأضاف الدكتور سعيد شمعة بأن تأثير الدواء المغشوش يختلف من نوع إلي آخر فقد يفقد الدواء فاعليته دون ان يسبب أية أضرار رغم انعدام فاعليتها وهناك أدوية مغشوشة قد تؤدي إلي الوفاة وهذا الأمر يتوقف علي طبيعة الغش بصفة عامة. ومما لا شك فيه ان مسألة غش الأدوية لها آثار اجتماعية واقتصادية خطيرة علي الفرد والمجتمع وفيما يتعلق بالثغرات القانونية تجاه عمل مخازن الأدوية أشار نقيب صيادلة الدقهلية بأنه خلال فترة تولي الدكتور حاتم الجبلي المسئولية كوزيرا للصحة لفت انتباهه عشوائية هذه المخازن فأصدر قرارا بوضع الضوابط اللازمة لانشاء هذه المخازن فاشترط ضرورة ان لاتقل مساحة المخزن عن خمسمائة متر وتجهز بالثلاجات والسيارات اللازمة بحيث تتحول الي شركات مساهمة وتأخذ الشكل الرسمي لشركات التوزيع وعلي الرغم من ذلك فان مسألة التلاعب تحدث لدي المخازن الحاصلة علي تراخيص قديمة ولم يتم تطويرها وفي نفس الوقت فان القانون لم يشترط حتي الآن أن يكون مالك المخزن صيدليا فاذا ما نظرنا الي الدقهلية فقط نجد أنها تضم ثلاثمائة مخزن منها مائة مخزن بداخل مدينة المنصورة فقط.. وأوضح بأن تلاعب المخازن يتم عن طريق شراء الأدوية من الشركة بدون فواتير كي يحصل علي نسبة خصم تتجاوز النسبة في النظام المعمول به نظرا لأنه يشتري بالأجل ثم يقوم بالبيع للصيدليات بدون فواتير أيضا وقد تكون بنسبة خصم أعلي بالدفع الفوري ولك هذه الرحلة الخاصة بالدواء لا تخضع للتفتيش الأمر الذي يسمح بوجود أدوية مشغشوشة خلال هذه الرحلة غير المنظمة ومن هنا لابد من معالجة كل هذه الثغرات من خلال المطالبة بأن يكون صاحب المخزن صيدليا وتحويل المخازن القديمة إلي شركات مساهمة علي الأقل في حالة بيعها ونقل الملكية لآخرين بالاشتراطات الحديثة مع ضرورة احكام الرقابة وضبط الأدوية المتداولة دون فواتير ونظرا لأن لكل دواء حوالي 13 نوعا بديلا من خلال قياسات تؤكد نفس الكفاءة فيجب علي الأطباء عدم التمسك بنوع معين حتي نتلاشي الأزمات ومنع الأطباء من بيع ا لأدوية داخل عياداتهم أو مراكز التجميل والتخسيس وبخاصة أطباء النساء الذين يتعاملون مع الشركات لبيع حقن التبويض وما شابه وكذا الخيوط الجراحية ولوازم العمليات لدي أطباء الجراحة بالاتفاق مع المندوبين والمرضي. ** الدكتور لمعي موسي أ مين عام نقابة صيادلة الدقهلية يري ان بيزنس بعض الأطباء وخاصة في مجال أدوية الغسيل الكلوي الذين يقومون بارشاد المريض للتعامل مع المندوبين وتحديد أماكن لقائهم كي يحصلوا علي الأدوية وأردف قائلا إنه وبكل أسف بأن أخطر مشكلة تواجه صناعة الأدوية المصرية بأن من يديرها "وزارة الصحة" لا علاقة لها بالدواء من قريب أو بعيد حيث توجد هناك ما يسمي بالهيئة العليا لشئون الدواء علي مستوي العالم كله هي المسئولة عن ادارة الدواء بشكل عام خاصة اذا ما علمنا بأن حجم مبيعات الأدوية السنوي تبلغ 40 مليار جنيه وهذا رقما ليس هينا بالمرة. أشار الأمين العام للنقابة بأن من أهم التحديات التي تواجه الصيادلة وتؤدي إلي غش الأدوية رفض الشركات قبول المرتجعات المنتهية الصلاحية التي تعتبرها خسارة بالنسبة لها علي الرغم من أنه خلال فترة الثمانينيات وأوائل التسعينيات كانت الشركات تقبل المرتجعات دون قيد أو شرط ففي الوقت الذي لا يوجد بأمريكا سوي 4 آلاف ضيف دوائي تجد بأن هناك "14" ألف نوع بمصر لا تصرف جميعها فتأتي الشركات مع كبر حجمها لتتعنت في قبول الأدوية منتهية الصلاحية ونحن نحاول استصدار قرار في وزير الصحة لتنظيم هذه المسألة الحيوية نظرا لأن هذه الأدوية حينما تتراكم لدي الصيدلي يأتي تاجر الشنطة لشرائها بنصف ثمنها ثم يقوم بتفريغها من عبواتها واعادة تعبئتها واعادة تدويرها وبيعها من جديد للمخازن أو الصيدليات. كما ان هناك أزمة كبري تواجه الصيادلة حاليا وهي وجود تسعيرتين للدواء الواحد قبل وبعد ارتفاع الأسعار والصيدلي ملزم بتطبيق ذلك وفي نفس الوقت فان الشركات تبيع أصناف الأسعار القديمة بالأسعار الجديدة مما يحقق خسارة عالية للصيدليات وهذا الأمر يحتاج إلي الحسم من قبل وزارة الصحة. ** الدكتور عبدالعزيز غانم أستاذ ورئيس قسم الطب الشرعي والسموم السابق بطب المنصورة يشير إلي أن مسألة تحسن الأدوية ظاهرة تمثل خطرا شديدا من معدوي الضمير الذين يرتكبون هذا الفعل اللانساني وأنا هنا أريد ان اركز علي الترامادول الذي يحطم الشباب والمضادات الحيوية والألبومين واذا ما بدأنا بالترامادول فتتم عملية غشه عن طريق اضافة مواد أخري مثل البراستيامول ومضادات الحساسية بهدف إحداث تأثير علي الجهاز العصبي المركزي يماثل تأثير الهيروين هذا الي جانب مواد أخري تضدف لإكمال الصورة الاكلينيكية للأسف مثل المبيدات الحشرية واللنت والميثومايل وهي مواد شديدة الخطورة علي الجسم نظرا لأنه مع استمرارية تعاطيها تؤدي إلي الاصابة بالسرطانات وخلل بالجهاز المناعي وتليف بالدورة الدموية والذي غالبا ما ينتهي بتدهور الحالة الصحية للمتعاطي والتي تنتهي بالوفاة وأشار إلي ان سبب انتشار الترامادول جاء نتيجة إلي نشر بحث ايراني يفيد قدرته علي تأخر عملية القذف لدي الرجال فتلفقه المروجون لهذا العقار وبالتالي اتسعت دائرة استخدامه وللأسف اتضح فيما بعد ان كثر استخدامه تؤدي إلي العجز الجنسي والفشل الكلوي.. كما ثبت من خلال رسالة الدكتورا التي أجرتها الدكتورة منار حلمي بطب المنصورة بأن هناك جينات وراثية في دماء المصريين ومنطقة الشرق الأوسط يتسبب في حدوث صرع لمتعاطي الترامادول بتركيز عال أو منخفض مما يعرض حياة هؤلاء للمتعاطين للخطر.. أشار د. غانم إلي طريقة أخري لغش الترمادول عن طريق احضار المادة الخام من الخارج وخلطها ببودرة التلك بنسب منخفضة أو عالية فينتج عنها زيادة رغبة المريض أو نوبات صرعية تحطم العضلات وينتج عنها انتشار مادة المايوجلوبين التي تقوم باغلاق المرشحات الكلوية يعقبها حدوث فشل كلوي والأخطر من ذلك و دخول المواد المخدرة إلي مركز الرغبات بالمخ الذي يدفع المتعاطي إلي الرغبة في التعاطي حتي بعد الشفاء والعلاج من الادمان لأن العلاج النفسي والدوائي عوامل مساعدة ولست هي المودية- إلي الشفاء الكامل. من ناحية أخري فانه خلال موجة الادمان التي أصابت بعض الشباب والرجال توصل بعض المفسدين إلي خلطة صناعية لانتاج الحشيش الصناعي الذي يغزو مدينة المنصورة حاليا بكل أسف شديد. * أما بالنسبة للألبومين الذي يستخدم في علاج مرضي الكبد فيتم غشه عن طريق استخدام البلازما منتهية الصلاحية التي يتم غليانها حتي لا تحدث حساسية ولكنه قد ثبت ان غليان هذه المواد حتي درجة الغليان يؤدي إلي تحويل المواد البروتينية الموجودة بها إلي مواد أكثر سمية التي تحدث نوعا من الرعشة بالجسم مجرد تعاطي المريض 5سم الأولي من العبوة ويكون لها وردي ويوجد بها رواسب وهذه المسألة تؤدي في النهاية الي التسبب في وفاة المريض. * أما المضادات ا لحيوية فان عملية غشها تتم عن طريق استخدام مواد رخيصة الثمن في عملية التصنيع الخاصة بالمضادات الحيوية مرتفعة الثمن وللأسف فان هذه المواد الرخيصة تأتي من دول جنوب شرق آسيا ولاتتمتع بالبقاء الكالم وكل ذلك من أجل تحقيق الشركات لأرباح عالية علي حساب المريض وهذه الأدوية تطرح في السوق كبديل للأدوية ذات العلامة التجارية العلاجية المعروفة ولكنها لا تحقق النتائج بصورة كاملة مثل الدواء الأصلي وبالتالي يوصي الدكتور غانم بضرورة أن يكون هناك نوع من الدواء الواحد الذي يتم اقراره بعد اجراء التحاليل اللازمة لذلك للتأكد من درجة نقاء الدواء ولا يسمح بوجود أي بديل آخر حفاظا علي صحة المرضي. ** الدكتورة سلوي مقلد مدير التفتيش بالصيدلي بالدقهلية تشير إلي أن هناك حملات مستمرة من مفتشي الادارة بشكل دوري أو حسب ورود بلاغات وشكاوي ويتم تحويل عمليات الضبط إلي النيابة ثم المحكمة التي تقوم بدورها بعمليات الفصل والحكم حسب ما يترأ لها وبالتالي فان دور التفتيش ينتهي بتحرير محاضر الضبط والعرض علي النيابة.