في كل مجتمع.. وفي كل فئة.. يوجد الإنسان السوي.. ويوجد الإنسان السييء.. فالخير والشر موجودان في كل زمان ومكان.. هذه حكمة الله في خلقه.. قال تعالي متحدثاً عن الإنسان: "ألم نجعل له عينين.. ولساناً وشفتين.. وهديناه النجدين". و"النجدين" هنا هما: طريق الشر وطريق الخير.. وعلي الإنسان أن يسلك أي طريق يختار.. "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره". أمامنا مثلان لضابطي شرطة.. أحدهما عرف ربه وعرف واجبه.. وعرف رسالته التي أوكلت له وهي حماية المجتمع من الشرور والآثام. وتأمين حياة الناس.. أدي الرسالة علي أكمل وجه رغم حداثة سنه فكان جزاؤه الاستشهاد. ولقي ربه ليكون مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. إنه الضابط الشاب النقيب شرطة حازم محمود عزب أحد الضباط المكلفين بتأمين الطرق والمنافذ.. كان يؤمن مع مجموعة أفراد من الشرطة طريق القاهرةالإسماعيلية عندما أشتبه في سيارة علي الطريق الدائري فأوقفها وطلب من قائدها تفتيش السيارة فرفض.. أصرَّ الضابط علي القيام بواجبه.. لكن قائد السيارة كان له رأي آخر لأنه إنسان غير سوي حيث كان يحمل في السيارة بندقية آلية بتليسكوب غير مرخصة وأسلحة أخري وذخائر بكميات كبيرة!! ولأنه كان يعلم أن مصيره السجن بالتأكيد أراد أن يهرب.. لكنه ارتكب جريمة أعتي حيث أطلق علي الضابط الشاب وابلاً من الرصاص فأرداه قتيلاً في الحال.. وأصاب فرداً آخر من الشرطة.. ثم أطلق عيارات تهديد للمارة وهرب بالسيارة. لكن رجال البحث الجنائي توصلوا لمعرفة الجاني من خلال رقم السيارة الذي التقطه بعض المارة وتم القبض عليه قبل مرور 24 ساعة علي ارتكاب جريمته. أما المثل الثاني فهو لضابط شرطة أيضاً.. ولكن علي النقيض من الأول.. الصحف لم تذكر اسمه ولكنه ليس في ريعان الشباب مثل الضابط حازم عزب.. بل هو برتبة عقيد بمصلحة السجون.. ومعني ذلك أن عمره تعدي الأربعين أو في هذه الحدود. ماذا فعل سيادة الضابط العقيد؟! سيادته كان علي علاقة بعصابة لسرقة السيارات.. وكان قد تعرف علي زعيمها عندما كان يقضي عقوبة في سجن المرج وتوثقت علاقتهما.. وعندما خرج زعيم العصابة باشر نشاطه هو وأفراد عصابته في سرقة السيارات الفخمة ذات الأسعار المرتفعة وكان الضابط يشتريها منهم بثمن بخس رغم علمه بأنها مسروقة. وعلي سبيل المثال اشتري الضابط من العصابة سيارة بسعر 30 ألف جنيه رغم أن ثمنها 200 ألف جنيه.. ثم اشتري سيارة أخري فارهة لزوجته!! اعترف أحد أفراد العصابة الذي تم ضبطه بسيارة مسروقة علي الضابط فتم عمل كمين له. وتم ضبطه.. وبتفتيش سيارته تم العثور بداخلها علي 5 لوحات معدنية لسيارات كلها مسروقة. تم إحالة الضابط وأفراد العصابة إلي النيابة التي تولت التحقيق.. وقد أمر المستشار ممدوح وحيد المحامي العام الأول بحبس أفراد العصابة بينما تم الإفراج عن الضابط المتهم بضمان مالي قدره عشرة آلاف جنيه!! فلننظر.. ولنتأمل.. ونقارن.. بين ضابطين.. أحدهما دفع حياته ثمناً لأداء واجبه.. والثاني رغم رتبته العالية باع نفسه لشيطان الطمع.. وكان كما يقول المثل حاميها حراميها!! هذا سلك طريق الخير.. وذاك سلك طريق الشر.