وجدت نفسي مضطراً للعودة إلي جمعة "موقعة السفارة".. عندما اقتحم البعض سفارة إسرائيل بالقاهرة وقذفوا بمستنداتها من الشبابيك واضرموا في جزء منها النيران. وبعض آخر حاول اقتحام مديرية أمن الجيزة لكنه فشل.. ونفس هذا البعض تعدي علي السفارة السعودية من الخارج واضرم النيران في عدد من السيارات الدبلوماسية والخاصة ولواري الشرطة. وبعض ثالث كان قد سبق الجميع وحاول اقتحام مقر وزارة الداخلية بلاظوغلي وعندما فشل قام افراده بنزع الشعار الخاص بالشرطة!! ومن المؤكد ان هذا البعض "الثلاثي" بينه ارتباط وثيق تخطيطاً وتمويلاً وأهدافاً. اقول وجدت نفسي مضطراً للعودة إلي جمعة هذه الموقعة لأنها السبب الرئيسي فيما نحن فيه الآن من تطبيق قانون الطوارئ كاجراء استثنائي نرفضه وكنا نتمني الا يكون. انني هنا أحاول ان ألملم شتات فكري حول المؤامرة التي تحاك ضد مصر وتستهدف اسقاط الدولة نفسها. الأيام اثبتت صدق كل ماقلناه من بداية الثورة حتي اليوم: * قلنا ان هناك مؤامرة.. وبالفعل هناك مؤامرة داخلية وخارجية قفز اطرافها فوق اكتاف الثورة واستغلوا أهدافها النبيلة لتحقيق مآربهم. * قلنا ان قناة الجزيرة القطرية تلعب دوراً حقيراً اثبتنا بعضه في حينه والبعض الآخر قد تكشف مؤخرا قبيل استقالة أو إقالة وضاح خنفر مديرها العام من علاقات مريبة مع المخابرات الأمريكية.. العامة والعسكرية.. تلك العلاقات التي كشفتها وثائق ويكيليكس ونشرناها ايضا في حينها. * قلنا ان قطر كدويلة ونظام حكم ارتضي ان تكون بلاده قاعدة عسكرية أمريكية تلعب دوراً مماثلاً.. واليوم اصبحت المؤامرة القطرية قاب قوسين أو أدني من الافتضاح الموثق امام العالم كله وتتمثل في تمويل جمعيات وافراد لاثارة الفتن والبلبلة. * قلنا ان إسرائيل ليست ببعيدة عن أحداث الفتنة الطائفية في البلاد باعتراف كبار مسئوليها.. وظلت تمارس نفس الدور حتي جمعة موقعة السفارة. * قلنا ان أمريكا تدس أنفها في الشارع كي يظل يغلي وها هي السفيرة الأمريكية آن باترسون تعترف بوقاحة بأن بلادها مولت منظمات مجتمع مدني تحت شعار خلق مجتمعات ديمقراطية.. ثم اتضح ان هذا التمويل تم لجمعيات غير رسمية ومن خلف ظهر الدولة ودربت أفراد هذه المنظمات بمساعدة قطر علي الانقلابات واثارة القلاقل.. يعني بالبلدي مولت جواسيس ضد مصر. * قلنا ان لدينا تيارات وجماعات معينة ومحددة بالاسم لديها استعداد لحرق الأخضر واليابس في سبيل إحكام قبضتها علي الدولة والوصول إلي الحكم.. وأنها أبعد ماتكون عن شباب الثورة الشرفاء.. وهاهي تلك التيارات والجماعات تخلع القناع الثوري الزائف وتكشف عن وجهها الحقيقي المناهض للاستقرار وأمن الشارع وأمان الدولة.. تؤجج المطالب الفئوية التعجيزية وغير المبررة. وتطالب بإنهاء دور القوات المسلحة. وتهاجم الشرطة إذا واجهت البلطجة وانتهاكات الشارع. ولاتعجبها كل الحكومة. وتنتقد أي قرار ولو كان صائبا. وترفض كل انسان ليس من معسكرها بحجة انه من الفلول!! إلي آخر هذه المنظومة التدميرية. بكل ماسبق. ولكل ماسبق.. تسارعت الأحداث يوم الجمعة 19 سبتمبر.. وكان من الطبيعي ان تتسارع. الوضع علي الأرض في ميدان التحرير بدأ وانتهي عادياً وكأجمل مايكون.. لم يعكر صفوه شئ.. ولكن خارج الميدان كان شيئاً آخر ويتحمل مسئوليته من نظموا المليونية ودعوا اليها. انفلات وصل إلي حد الجريمة في لاظوغلي وميدان نهضة مصر المقابل لكوبري الجامعة وشارع مراد دفعت البلاد ثمنه من سمعتها ووصمت بأنها دولة تنتهك اتفاقية فيينا ولاتستطيع حماية السفارات كمقار وافراد ومستندات وسيارات. ودفعنا نحن ثمنه ايضا من الأملاك العامة والخاصة التي حرقت ومن حريتنا بإعادة تطبيق قانون الطوارئ للحفاظ علي أمن وهيبة الدولة. لقد اعلنت 21 حركة وتياراً سياسياً مسئوليتها عن اقتحام السفارة واصدرت بياناً تلي أمام نقابة الصحفيين.. ثم تراجعت 5 حركات وتيارات وتبرأت من البيان.. ولابد من محاسبة ال16 حركة وتياراً. البيان يتضمن بنوداً جيدة وبنوداً اخري مرفوضة. الجيد وأؤيده تماماً.. ان ثورة 25 يناير قامت من أجل استرداد كرامة المواطن المصري والحفاظ علي هيبة الدولة. والنضال حتي استرداد كامل الحقوق بما فيها حق شهداء 20 اغسطس. ورفض الاعتداء علي المتظاهرين وضربهم بالرصاص الحي. والمطالبة بالتحقيق مع المتظاهرين أمام القضاء العادي وليس العسكري. والوقف الفوري لتصدير الغاز لإسرائيل. ومحاكمة المتورطين في قتل شهداء الحدود. والغاء اتفاقية "الكويز". وقطع العلاقات الاقتصادية.. وازيد عليها كافة اشكال التطبيع الشعبي. والمرفوض منها تحديداً الافتخار باقتحام السفارة وان هذا الاقتحام هو استرداد لجزء من هيبة الدولة بطرد السفير والبعثة الدبلوماسية. والمطالبة باسقاط والغاء كامب ديفيد. وعدم عودة السفير. الاقتحام لا هو افتخار ولا يحزنون.. انه جهل بالقانون الدولي وعدم المسئولية وليس استرداداً لهيبة الدولة بل اضراراً بها. طرد السفير والبعثة له أصوله واسبابه التي لابد ان تكون منطقية. اسقاط والغاء كامب ديفيد.. لايوجد شيء اسمه كامب ديفيد.. هناك اتفاقية سلام وإذا كانت هي المقصودة فإنه يكون الجنون بعينه لأن معني ذلك حالة حرب غير معلنة علي أقل تقدير بين مصر وإسرائيل.. فهل هذا هو المراد والمقصود والمستهدف؟!! مقتحمو السفارة ومن حاولوا اقتحام مقر وزارة الداخلية ومبني مديرية الأمن اشخاص معينون لاينتمون للثورة وكانوا يتسلمون قنابل المولوتوف والأموال علناً وامام الناس. للمرة المليون.. أناشد الحكومة الكشف عن كل خيوط المؤامرة من قبل 25 يناير وبعده حتي الآن.. وبالاسماء.. كفاية كده.. استمرار السكوت ضار جداً.. بل ومدمر.