في 4 ساعات فقط.. سقطت الشهور الثمانية الماضية.. وعدنا من حيث بدأنا. المشهد المتناقض الذي رأيناه يوم الجمعة الماضية يدعو في بعضه للفخر والابتهاج. وفي بعضه الآخر للخزي والعار والحزن العميق. مواطنون شرفاء كثيرون استخدموا حقهم الدستوري والقانوني واحتشدوا بميدان التحرير في جمعة "تصحيح المسار" فيما يشبه يوم 25 يناير وما تلاها.. لهم مطالب مهمة ومشروعة يجب دراستها والاستجابة لما يجب تنفيذه والإعلان بصراحة وشفافية ومنطق عما لا يجوز تحقيقه الآن وأسباب الرفض. هؤلاء المواطنون الشرفاء فعلاً ومعهم قلوب الملايين الذين لم يشاركوا حددوا تظاهرهم كبداية وكغاية وأهداف ونفذوا ما التزموا به.. بدأوا التظاهر في الساعات الأولي من الجمعة وأنهوه في السادسة مساء نفس اليوم بعد أن أعلنوا مطالبهم وأصروا عليها. جزء منهم اتجه إلي حيث تقبع السفارة الإسرائيلية وحطموا بالشواكيش السور الفضيحة الذي أقامته المحافظة لحماية العمارة التي بها السفارة.. وقد حدث فعلاً. إلي هنا والأمور عادية جداً.. بل ومبهجة ومريحة للنفس والعين. لكن.. وكما حدث بعد 25 يناير اندس غوغائيون وبلطجية مأجورين وخونة ممولون من الخارج وضربوا الكرسي في كلوب الفرح.. فسرق اللصوص الفرح من أهله في 4 ساعات لاغير. بعضهم تسلق العمارة واسقط العلم الإسرائيلي ثانية تعبيراً عن الغضب مما ارتكبته القوات الإسرائيلية ضد أولادنا علي الحدود ومن تقاعس الحكومة عن الرد الحاسم. ورغم أنه إجراء غير قانوني.. إلا أنه يمكن التجاوز عنه ملتمسين العذر لهم ولنا جميعاً. لكن لأن السكوت علي الخطأ يأتي بكوارث.. فقد تسارع الانفلات والتجاوز المرفوض شعبياً ورسمياً ودولياً حيث اقتحم البعض مقر السفارة والقي بالمستندات الموجودة من الشبابيك علي المتظاهرين وإن كانت مستندات قديمة مما وضع مصر في موقف صعب أمام العالم لمخالفتها بنود اتفاقية فيينا التي تحمي البعثات الدبلوماسية كمقرات وأفراد وسيارات ومستندات.. وبالطبع استغلت إسرائيل الحدث اسوأ استغلال. .. وبعضهم الآخر حاول اقتحام مبني مديرية أمن الجيزة وحرق لوريات الشرطة وحطم السيارات الخاصة المتواجدة بالمنطقة.. بل وحاول ايضا اقتحام السفارة السعودية لتدور معارك حقيقية بين الشرطة والجيش من ناحية وبين من اسموا أنفسهم "الالتراس"!! .. وبعض ثالث كان قد اتجه إلي مقر وزارة الداخلية وحاول اقتحامها وعندما فشل تسلق عدد من هؤلاء الغوغاء ونزعوا الشعار في جريمة أخري! ماذا نسمي كل ذلك.. ولمصلحة من.. ومن يحرك هؤلاء الغوغائيين والبلطجية والخونة الذين لم يرتدعوا وعادوا في اليوم الثاني يريدون تكرار الكارثة؟ ثم نفاجأ بالبعض يتهم شباب الثورة ظلماً وعدواناً والبعض الآخر يدافع باستماتة عن اقتحام السفارة - رغم أن بين هذا البعض رجال قانون - وكأنه يقول طظ في مصر وسمعتها وما يمكن أن تتعرض له من لوم واتهام!! كلنا نرفض إسرائيل اسماً ودولة ووجوداً ولا أحد يزايد علي أحد في هذه المسألة.. لكن كل شيء له أصول وقواعد وطرق قانونية. دم أولادنا لا يمكن أن يضيع وهناك أساليب كثيرة للرد غير اقتحام السفارة.. من فعل ذلك بلطجي ولا يجوز أبداً تكريمه أو الإشادة به وكأنه بطل قومي أو سبارتاكوس المصري. النظام سقط وكان لابد أن يسقط.. لكن لا يمكن إسقاط الدولة. لابد من التواجد الأمني والتعامل بقوة القانون مع البلطجية والخارجين علي القانون.. وإذا لم يحدث ذلك اليوم قبل الغد فانتظروا كارثة لن تبقي ولن تذر.