في أحد مقاهي وسط المدينة جلست بالمصادفة إلي جانب رجل يوناني الجنسية لايتعدي ال50 من عمره.. ويتحدث العربية بطلاقة.. ولكن بلغة "الخواجة بيجو" المعروفة لنا جميعا.. وفي حوار سريع دار بيني وبينه استوقفني عندما قلت في سياق كلامي عبارة: أنا أعتز بأنني مصري. قال : لماذا؟ قلت : أنا من سلالة الحضارة الفرعونية العريقة. استوقفني الرجل مرة أخري قائلا: من قال إنك حفيد أو من سلالة الحضارة الفرعونية.. فالمصري القديم لايشترط ان يكون جدك الأكبر.. فربما كان أجدادك دخلاء علي أرض مصر عبر سنوات وحضارات عديدة.. بالتبعية ليس ضروريا أن تكون حفيداً للمصري القديم.. وعموما اترك التاريخ للتاريخ وارجع لنقطة اعتزازك بمصريتك.. وقل من أنت.. وماذا فعلت؟ قلت : أنا مصري .. وأنتمي لشعب عظيم قام بثورة 25 يناير التي احترمها العالم كله.. ألم تسمع عنها؟! قال مبتسما : هذا ما كنت انتظر أن اسمعه منك قبل أن تحكي قصة الفراعنة التي يعرفها العالم كله.. وأنا واحد من هذا العالم.. ولكن هل تعتقد أن ثورة 25 يناير جاءت في الوقت المناسب أم تأخرت.. وهل هناك توابع لهذه الثورة؟! قلت : أعتقد أنها الأولي والأخيرة من نوعها.. فهي من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. قال : وماذا عن الفليل؟ فضحكت فاهما مايقصد.. وقلت له: هل تقصد الفلول؟ تدارك قائلا : الفليلو .. ثم هز رأسه مسترجعا: الفلولو .. أقصد الفلول فضحكت قائلا: إنهم في نهاية المطاف يحتضرون.. فالثورة نجحت وستكتمل جميع فصولها. قال : متي ؟ قلت : ربما أيام .. ربما أسابيع .. لكنها لن تزيد علي بضعة شهور.. ثم نتنفس جميعا نسيم الحرية. قال : وكيف يتم ذلك بهذه السهولة؟ قلت : هل رأيت الرئيس المخلوع ونجليه داخل القفص بقاعة المحكمة.. وهل تابعت الاحكام التي صدرت علي بعض الرموز الفاسدين من النظام السابق؟ قال : نعم تابعت كل هذا. قلت : إذاً صدقني عندما أحدثك عن نجاح الثورة أو مصير الفلول المندسة.. ودائما العقوبة علي قدر الجرم لاتزيد ولاتقل قال: أنتم حقا أحفاد الفراعنة.. هم صنعوا لكم التاريخ لتتحدثوا عنه.. وأنتم تصنعون المستقبل ليتحدث عنه العالم كله. وعندما سألت رفيق الدقائق عند كينونته قال : انا من أحفاد اليونانيين القدماء أصحاب الحضارة الإغريقية. قالت : من يدري ربما كان أجدادك دخلاء علي أرض اليونان. ضحك الرجل ثم قال : واخدة بواخدة.. في النهاية تصافحنا وسار كل منا في طريقه.. وأكتفي بهذا القدر.