تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد عثمان‏:‏ سعاد حسني حاولت الانتحار من فوق مجمع التحرير

أحمد عثمان كاتب وباحث في علم المصريات‏,‏ مثير للجدل‏,‏ وضع الكثير من النظريات قوبل معظمها بالرفض من قبل علماء المصريات‏...‏ هذا ما هو معروف عنه‏,
‏ أما ما لا يعرفه الكثيرون من القراء المصريين والعرب‏,‏ فهو موضوع هذا الحوار الذي أجريناه معه علي جلستين‏,‏ واستغرق نحو عشر ساعات منفصلة‏,‏ تخللها عدد من المكالمات الهاتفية القصيرة‏.‏
قابلت أحمد عثمان مصادفة‏,‏ نازلا من الدور التاسع بالمبني الجديد لمؤسسة الأهرام‏,‏ حيث كان في لقاء مع الصحفي جمال نكروما ابن الزعيم الإفريقي الراحل نكروما‏,‏ ولما أخبرته برغبتي في اجراء حوار معه يتناول الأجزاء غير المعروفة أو المجهولة‏,‏
من سيرته الذاتية ومشواره في عالم الصحافة والفن‏,‏ وعلاقته بالراحلة العظيمة سعاد حسني‏,‏ فضلا عن دراساته المثيرة للجدل في التاريخ الفرعوني والتي أثارت حوله زوبعة لم تهدأ رياحها حتي اليوم‏..‏ فقال وهل لذلك أهمية‏,‏ قلت نعم‏..‏ وكان معه هذا الحوار‏:‏
طفل انطوائي
‏*‏ بداية قلت له‏:‏ أود لو أعطيتنا نبذة عن النشأة والتكوين والبدايات والملامح الأساسية التي شكلت وجدانك وشخصيتك؟
‏**‏ أحمد عثمان‏:‏ ولدت في أسرة برجوازية صغيرة بالقاهرة في‏8‏ يوليو من عام‏1934‏ م‏.‏ وكنت الأوسط بين أخوتي الأربعة‏,‏ الذي لا يحظي باهتمام ورعاية الأب والأم‏,‏ مثلا عندما كان أبي يعود ليلا من العمل‏..‏ كان يصحي أخي الأكبر عبدالعزيز من النوم ويقعد معه ويتكلم‏..‏ ومش فاكر أي لحظات تجمعنا سوا‏..‏ وبالتالي لم تكن علاقتي بوالدي جيدة‏,‏ فقد كنت طفلا انطوائيا‏,‏ ضائعا بين أخوتي‏..‏ وبعد وفاة الأب سنة‏1943‏ م‏,‏ وكان عمري‏9‏ سنوات‏,‏ شعرت بأن فيه حاجة ناقصة مش عارف هي ايه‏,‏ فللأب دور أساسي في حياة الطفل‏,‏ خصوصا إذا كانت الأم ست طيبة وغير متعلمة‏..‏ طبعا هذه الحالة زادت من عزلتي وانطوائي الشديد‏,‏ وبدأت أقرأ القرآن ووجدت فيه نوعا من الراحة النفسية‏,‏ مليش أب ولكن ربنا أبو الكل كنت استيقظ مبكرا أصلي وأقرأ في القرآن لوحدي‏,‏ ووجدت في ذلك طمأنينة كبيرة وراحة شديدة‏.‏
رأيت بنات الملك‏...‏
‏*‏ وهل تتذكر أين ولدت وعشت سنوات طفولتك؟
‏**‏ أحمد عثمان‏:‏ الواقع أنني لا أتذكر البيت الذي ولدت فيه‏,‏ وقيل لي انه كان في شارع محمد علي‏,‏ بعدها انتقلنا إلي شقة بعمارة جديدة في شارع حسن الأكبر بالقرب من قصر عابدين‏,‏ حيث كنا نشاهد بنات الملك فاروق من البلكونة وهن يلعبن في حديقة القصر‏.‏
دروس مع الإخوان
‏*‏ نأتي إلي المدرسة التي التحقت بها هل تتذكرها وأين كانت؟
‏**‏ عثمان‏:‏ هي مدرسة الجمعية الخيرية الابتدائية والتي كانت تقع في شارع درب الجماميز‏,‏ بين السيدة زينب وباب الخلق‏,‏ كنا نمشي بجوار قصر عابدين من البيت إلي المدرسةذهابا وإيابا‏,‏ وبصراحة مش فاكر حاجات كثيرة عنها‏,‏ فقط أتذكر أن مدرس الدين كان اسمه حسن البنا ولأنني كنت تلميذا مؤدبا فقد كنت أجلس في الصف الأول‏,‏ وكان البنا يضع يده السميكة العريضة علي درج مكتبي‏..‏ ولا اتذكر بصراحة الدروس التي كان يدرسها لنا‏,‏ وفي الفسحة كنا نصلي الظهر‏,‏ ثم نجلس في حلقات ونقرأ بعض قصص الأبطال المسلمين مثل عمرو بن العاص وخالد بن الوليد‏,‏ وكل يوم اربعاء كان يعقد اجتماع بجمعية الاخوان المسلمين‏,‏ حيث كنت أخرج وأدخل بلا رقيب ولا حسيب من الاسرة‏,‏ وذلك بالطبع بسبب رحيل الأب في تلك السن المبكرة من عمري‏.‏
قرار تقسيم فلسطين
وفي تلك الفترة بدأت حكاية قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود‏,‏ فطلبوا مننا الاستعداد‏,‏ وذهبت لكي أتطوع معهم‏:‏ فقالوا لي أنت صغير علي التطوع‏,‏ فغضبت وحزنت كثيرا إذ كنت أعتقد آنذاك أن أمامي خيارين لأدخل الجنة‏,‏ لا ثالث لهما‏:‏ إما هزيمة أعداء الله‏,‏ وهم في هذه الحالة اليهود‏,‏ وإما الشهادة‏..‏ وهذا كان بتأثير الأوراد التي أعطاها لنا الإخوان‏,‏ لنقرأها قبل النوم يوميا‏.‏
التظاهر والتخفي
ولكن الامور تطورت وقتلت جماعة الإخوان النقراشي رئيس الوزراء‏,‏ وعلي أثرها جاء ابراهيم عبد الهادي باشا الذي حارب الجماعة‏,‏ ثم اغتيل بعدها حسن البنا‏,‏ وتم حل الجماعة وحظرها بالقانون‏,‏ فجري جمعنا وقالوا لنا‏:‏ يجب أن تتخفوا عن الانظار خوفا من الاعتقال‏,‏ وأن تتظاهروا بأنكم لستم من الجماعة‏.‏
ولما بدأت أتظاهر بأنني لست من الأخوان‏,‏ وكنت في مرحلة المراهقة‏,‏ وجدت أن الحياة حلوة‏,‏ بخلاف ما كانوا يقولون لنا مثلا‏:‏ لو كنت ماشي وشفت رجل واحدة ست في الشارع‏,‏ فقد ارتكبت خطيئة‏,‏ لذلك كنت أسير في الشارع ورأسي للأرض‏,‏ غير أنني اكتشفت أن هذا كله مجرد سيطرة وخداع‏,‏ لأن البنات جميلة وليس عيبا أن تراهن وتجلس معهن‏,‏ ثم تركت هذه الأفكار دون رجعة‏.‏
وأصبحت عضوا بالحزب الشيوعي‏...‏
‏*‏ ولكن لماذا انضممت للحزب الشيوعي المصري دون سواه من التيارات التي كانت منتشرة في ذلك التاريخ؟
‏**‏ قال‏:‏ بعد ما تركت الإخوان‏,‏ كنت عايز أعرف‏,‏ فذهبت إلي الحزب الاشتراكي عند المرحوم أحمد حسين الذي كان يتكلم عن الاشتراكية‏,‏ ويري أن حل مشاكل الناس عن طريق توزيع الإنتاج بينهم‏,‏ بحيث يأخذ كل إنسان احتياجاته‏,‏ وهذا كان يخلب لب أي إنسان‏,‏ فما بالك بطفل صغير السن في الخامسة عشرة من عمره‏.‏
أما الشيوعيون فهم الذين جاءوا لي‏,‏ ويبدوا أنهم كانوا عارفين فين يجدوا الشخصيات المستعدة للتجنيد‏,‏ ولكنهم يتجهون للمكان الغلط وقالوا لي حاجات مغرية‏..‏ وبصراحة الشيوعية فيها إغراء شديد‏...‏ فهم عندما يكونون خارج السلطة‏,‏ يكونوا ليبراليين ويرفعون شعارات حرية الرأي والتعبير والديمقراطية‏,‏ ويدافعون عن الغلابة والمضطهدين‏.‏
وأضاف‏:‏ أن كل الأفكار الكبيرة بدأت هكذا بشعارات تتحدث عن الغلابة والمضطهدين وخلافه‏,‏ ولكن في الاتحاد السوفيتي لم تكن هناك ديمقراطية ولا أحزاب ولا حرية رأي ولكن في المجتمعات كمصر مثلا‏:‏ الاخوان يريدون الديمقراطية حتي يصلوا للحكم فيسمونها ديمقراطية الصح وهي احتكار للحقيقة والصواب‏,‏ أما الشيوعيون فيسمونها ديكتاتورية البروليتاريا‏..‏ وأمثال حماس يطلقون عليها ديكتاتورية الصح وقد نجح سعد زهران في تجنيدي‏,‏ وانضممت للحزب الشيوعي المصري‏,‏ الذي كان يرأسه الدكتور إسماعيل صبري عبدالله‏,‏ وقرأت كتبا عن الطبقة العاملة ولكارل ماركس وغيرها من الكتب الماركسية التي تنادي بإسقاط الملكية‏,‏ وترفع شعارات الحرية والديمقراطية ومحاربة الإنجليز والإقطاع‏.‏
حكاية الأستاذ توفيق حنا
‏*‏ نعود إلي المدرسة ما الذي تبقي منها معك إلي اليوم؟
‏**‏ أحمد عثمان‏:‏ انتقلت من مدرسة الجمعية الخيرية إلي المدرسة الخديوية الثانوية‏,‏ وكانت مدرسة مهمة جدا‏,‏ فقد كان طلابها في ذلك الوقت‏,‏ يشاركون في المظاهرات ضد الإنجليز‏,‏ وأتذكر علي نحو خاص مدرس اللغة الفرنسية توفيق حنا الذي كان أول شخص أسمعه يكلمنا عن أن هناك حاجة اسمها التاريخ الفرعوني وعن أهمية التاريخ المصري القديم‏.‏
الرفيق حامد وسنوات المنصورة
ويتابع عثمان قائلا‏:‏ حصلت علي الشهادة الثانوية ودخلت كلية الحقوق‏,‏ التي لم أكن منتظما فيها فقد كنت زعيما سياسيا‏,‏ وبالتالي ظللت فيها أكثر من تسع سنوات حتي حصلت علي الليسانس‏,‏ وخلال هذه الفترة أصبحت عضوا في الحزب الشيوعي المصري وكان لقبي الرفيق حامد‏...‏ واحترفت العمل السياسي‏,‏ وصرت مسئولا عن الدلتا‏,‏ وتم تأجير غرفة لي فوق سطوح احد البيوت في مدينة المنصورة‏,‏ حيث كانت مهمتي تحريض الخلايا الشيوعية من العمال والفلاحين إلي ضرورة قلب نظام الحكم وتحقيق المساواة والعدالة وديمقراطية الشعب‏..‏ وكان الرفيق جمال غرسا المسئول في اللجنة المركزية‏,‏ يأتيني أول كل شهر بالنقود والتكليفات‏..‏ لكن فجأة انقطعت الأخبار والفلوس‏,‏ فشعرت بأن أمرا ما قد وقع‏,‏ لذلك عدت إلي القاهرة وبعد يومين وأنا نائم في منزلنا‏,‏ جاء البوليس وقبض علي وأودعني سجن مصر‏,‏ وهناك علمت أنهم قبضوا علي التنظيم كله‏,‏ ظللنا فترة الاعتقال في السجن بدون محاكمة‏,‏ فأضربنا عن الطعام‏,‏ فتم عرضنا علي النيابة التي أفرجت عنا علي ذمة التحقيق‏,‏
طبعا لم أذهب إلي المنزل خوفا من أن يتم القبض علي مرة أخري‏,‏ وذهبت لدي بعض أقرباء في حلوان‏,‏ والتي كانت يومها منتجعا راقيا‏,‏ يتميز بنقاء وصفاء الهواء‏,‏ بعكس ما هي عليه الان من تلوث وعشوائية‏.‏
من الإذاعة إلي أخبار اليوم
‏*‏ علي هذا النحو أصبحت مطاردا من البوليس بلا مأوي فكيف عشت تلك الفترة من حياتك؟
‏**‏ عثمان‏:‏ في سنة‏1954‏ اختلف خالد محيي الدين الضابط الاحمر مع جمال عبدالناصر‏,‏ وافرج عن المعتقلين السياسيين‏,‏ فرجعت إلي الجامعة ثانية‏,‏ وحاولت العمل حتي استطيع إكمال الدراسة الجامعية‏,‏ وكانت هناك مسابقة بالإذاعة فتقدمت إليها ونجحت من بين حوالي‏4‏ آلاف متسابق‏,‏ ولما ذهبت لتسلم العمل قيل لي أنه يجب أن أذهب إلي الأمن العام للحصول علي تصريح العمل‏,‏ وعندما ذهبت إلي الأمن العام جري القبض علي‏,‏ وكان يحقق معي ضابط اسمه حسن مصيلحي المسئول عن مكافحة الشيوعية ثم جري تحويلي للنيابة‏,‏ غير أنني في الطريق من النيابة إلي قسم شرطة السيدة زينب‏,‏ هربت من العسكري‏,‏ وظللت مختفيا لفترة‏,‏ ولما حكمت المحكمة بالبراءة‏,‏ عدت إلي البيت لرؤية أمي وأخوتي‏,‏ وبناء علي نصيحة احد الأصدقاء‏,‏ ذهبت لمقابلة مصطفي أمين صاحب ورئيس تحرير أخبار اليوم‏,‏ وهو رجل عملاق ومهم‏,‏ فقال لي‏:‏ أنزل للأستاذ عبدالسلام داود للتدريب معه في صفحة أبو نضارة حيث كان يتم تدريب الصحفيين المبتدئين علي العمل في هذه الصفحة‏,‏ وهي صفحة اجتماعية فنية تهتم بنشر اخبار المجتمع‏,‏ وهناك تعرفت علي أنيس منصور‏,‏ وكان لا يزال معيدا بالجامعة‏,‏ وكمال الملاخ وغيرها‏,‏ وأصبحت واحدا من شلة البن البرازيلي‏.‏
جليل البنداري سرقني
وأنا صحفي في الأخبار كنت أهوي السينما وكان الصحفي جليل البنداري يكتب موضوعات عن السينما‏,‏ ولأنه لم يعرف لغة أجنبية‏,‏ فقد كان يستعين بي أحيانا‏,‏ وكان يأخذني معه إلي الاستوديوهات‏,‏ لكنه للأسف سرق مني قصة بعنوان الحب عيب وباعها باسمه‏,‏ ولما زعلت معه قال‏:‏ يا واد أنت محدش يعرف اسمك‏,‏ هو أنت مين يعني وبعدها كتبت مسرحية بعنوان خطيئة واله‏.‏
في مدرسة كامل الشناوي
ثم قادتني المصادفة للتعرف علي الكاتب الكبير كامل الشناوي رئيس تحرير جريدة الجمهورية والذي كان يجلس يوميا في كافتيريا فندق النيل هيلتون‏,‏ وفي مدرسته تعلمت السياسة والثقافة والفن‏,‏ والتقيت بالعديد من نجوم ونجمات المجتمع فيها‏.‏
وذات يوم كنت سهران في الهيلتون وجاء الأستاذ أحسان عبدالقدوس وسأل عن كامل بيه‏,‏ واستأذن في الجلوس‏,‏ ودار بيننا حديث قصير‏..‏ سألني وكان يبدو عليه الحزن بسبب قرار عبدالناصر بتأميم الصحافة انت بتعمل ايه فقلت له كتبت مسرحية بعنوان خطيئة وأله فقال لي‏:‏ أتركها لي في المكتب‏,‏ وبالفعل ذهبت إلي روزاليوسف‏,‏ وتركت له نسخة‏.‏
وانتظرت بضعة أيام‏,‏ ففوجئت به يكتب هذه الكلمات‏...‏ أشفقت علي صديقي أحمد عثمان‏,‏ عندما قرأت مسرحيته التي طبعها علي نفقته الخاصة‏...‏ وقال هذا‏:‏ مولد توفيق حكيم جديد طبعا طرت من الفرح وذهبت إلي مدبولي الذي كان يبيع الصحف امام المكتبة الحالية‏,‏ لكي أري تأثير مقالة إحسان علي توزيع المسرحية‏,‏ والحقيقة ان هذه المقالة كان لها دوي كبير إلي حد أن مدبولي باع كل النسخ اللي كانت عنده وهي‏3‏ آلاف نسخة‏.‏
لقاء مع سعاد حسني
‏*‏ سألته عن قصة اللقاء الأول الذي جمعه بالفنانة سعاد حسني متي كان وأين؟
‏**‏ قال‏:‏ كنت جالسا في مكتب الصحفي الراحل عبدالسلام داود بدار أخبار اليوم‏...‏ وجاءت سعاد حسني برفقة المنتج أنطوان تاكفور لكي يكتب لها خبرا في صفحة أبو نضارة‏..‏ وهناك تعرفنا‏..‏ ثم نزلت معهما ورحنا جريدة الجمهورية وبعض الصحف الأخري‏...‏ وهي قعدت تكلمني وأعطتني رقم تليفونها في المهندسين‏,‏ طبعا كانت سعاد شخصية جذابة‏,‏ لكنها لم تكن نجمة سينمائية بعد‏,‏ لكن كان لديها طموح وروح متطلعة ونهمة للصعود والنجومية بسرعة ثم زرتها في شقتها بالمهندسين التي كانت لا تزال منطقة زراعية توجد بها بعض العمارات والبيوت‏,‏ وتحدثت معها عن الفن والدراما والمسرح‏,‏ وزرنا شركة إنتاج للمخرج الراحل صلاح أبو سيف وعمر الشريف‏..‏ وكانت سعاد بتغير من فاتن حمامة إلي حد كبير‏,‏ رغم ان موهبتها كانت كبيرة جدا‏.‏
‏...‏ ورقصنا سوا
‏*‏ وهل أحببتها من أول نظرة ولماذا فشلت قصة حبكما؟
‏**‏ عثمان‏:‏ نعم أحببتها جدا لأنها تتحب‏,‏ وكل الناس حبوها‏,‏ فقد كنا ننام جنب بعض علي المرتبة في الأرض‏,‏ وكأننا أخوان‏!‏ ولكن بصريح العبارة عمري ما لمستها‏,‏ لأن كل راجل عرفته كان عايز يعمل معها علاقة‏!!‏ أنا احترمتها‏,‏ وهي احترمتني لذلك كثيرا‏.‏
إلي أن جاء يوم من الأيام‏,‏ وقالت لي أنها محتارة بيني وبين عبدالحليم حافظ‏,‏ وأرادت أن تختار بيننا‏,‏ فعزمتني في فندق الهيلتون‏,‏ انتظرتها شوية في اللوبي‏,‏ حتي جاءت‏...‏ وبعد فترة وصل عبدالحليم حافظ‏,‏ الذي لم أكن أعرف أنه معزوم مثلي‏,‏ ثم صعدنا إلي الروف‏,‏ طبعا كنت أعرف عبدالحليم معرفة سطحية‏,‏ أنا صحفي صغير وهو نجم كبير‏....‏ بعد ذلك أرادت سعاد ترقص فرقصت معها‏,‏ لأن عبدالحليم ما كنش بيعرف يرقص ولما جاء الحساب تهرب حليم وقال‏:‏ انه لا يحمل نقودا‏,‏ فادبست في الحساب ودفعت حوالي‏30‏ جنيها وكانت هي كل الفلوس التي كانت معي لأخر الشهر‏..‏ وقعدت استلف طوال الشهر من الأستاذ كامل الشناوي بعد كده تطورت الأمور بيننا‏..‏ وكانت سعاد تقول لي بصراحة أنا محتارة بينك وبين عبدالحليم‏,‏ وفي حفل عيد ميلادها الذي عملته في بيت الكاتب الصحفي لويس جريس وزوجته الفنانة سناء جميل وحضره كامل الشناوي وأحمد بهاء الدين وعبدالحليم حافظ وآخرون‏,‏ رقصت أنا وسعاد حسني‏,‏ وكنا نستعد للخطوبة‏,‏ وأخذت لنا صورة أنا وسعاد نرقص معا‏,‏ وعبدالحليم جالس علي الكنبة‏..‏ ونشرت الصورة في مجلة روزاليوسف‏,‏ وتلك كانت الصورة الوحيدة التي جمعتنا نحن الثلاثة في كادر واحد‏!‏
سعاد حسني حاولت الانتحار
‏*‏ قلت له وهل كنت تعرف أنها كانت تحب عبدالحليم حافظ؟
‏**‏ عثمان‏:‏ الحقيقة لم أكن أعرف حتي ذلك الوقت‏,‏ أنها تحب عبدالحليم وأنها تريد أن تغيظه بي‏,‏ وبعد أسبوع كما اتفقنا في حفلة عيد الميلاد‏,‏ اتصلت بها لأعرف هل قررت الارتباط بي ومتي؟ غير أنها تهربت ولم ترد ففهمت أنها آخذت قرارا لصالح حليم‏,‏ وكان علي أن ابتعدت وانغمست في شغلي‏,‏ وبعد ستة أشهر‏,‏ وكالعادة كنت سهرانا في الهيلتون‏,‏ شفتها جاية من علي الكورنيش منكوشة الشعر وماسكة الحذاء في يديها‏,‏ سألتها‏:‏ فيه ايه مالك‏..‏ قالت‏:‏ ممكن أقعد معاك شوية‏,‏ طبعا أهلا وسهلا‏..‏ ثم حكت لي بأنها كانت محتارة بيني وبين عبدالحليم وأنها حاولت الانتحار من فوق مجمع التحرير‏,‏ لولا أن بعض العاملين أنقذوها في آخر لحظة ومنذ تلك اللحظة تأكدت ان سعاد حسني تعشق عبدالحليم‏,‏ وأنها لم تحب أحدا غيره‏.‏
وأدركت أنها كفنانة تعيش حياة مضطربة‏,‏ وذات مرة مفيد فوزي قال إنها تزوجت حليم عرفيا وفي لندن عندما كانت تعالج قبيل وفاتها‏,‏ اتصلت بها وسألتها‏:‏ مفيد فوزي بيقول انك تزوجت عبدالحليم‏,‏ فقالت أنا أخبرت مفيد إن هذه حاجة شخصية وما يصحش ينشرها‏,‏ بعد ذلك تأكدت من أن هذه المعلومة صحيحة‏.‏
‏*‏ وماذا يمكنك ان تقول عنها الان؟
‏**‏ سعاد حسني فنانة موهوبة عظيمة جدا‏,‏ دفعت ثمنا باهظا من اجل الفن وحب عبدالحليم
زوابع لا تنتهي
كان أحمد عثمان مهتما بمحاولة ربط وإيجاد أوجه التشابه بين القصص التاريخية في الإنجيل والاكتشافات الأثرية الحديثة في مصر‏,‏ وبالأخص ما يتعلق ببني إسرائيل وتاريخهم في مصر كانت أول نظرية وضعها أحمد عثمان توصل فيها إلي أن النبي يوسف عليه السلام هو نفسه يويا والد زوجة الملك امنحتب الثالث الملكة تيي‏,‏ ونشر هذه النظرية في عام‏1987‏ م في كتاب بعنوان‏(‏ غريب في وادي الملوك‏)‏ صدر باللغة الإنجليزية عن دار سوفينير بريس وأعيد طبعه في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وأسبانيا وهولندا‏,‏ وله ايضا نظرية أخري يري فيها أحمد عثمان أن النبي موسي والملك إخناتون من الأسرة الثامنة عشرة هما نفس الشخص مفسرا ذلك بناء علي مقارناته لبعض النصوص في الإنجيل والتاريخ المصري القديم‏,‏ وقد واجهت نظرياته الرفض من قبل الكثير من علماء المصريات والباحثين منهم دونالد ريدفورد الذي كتب ردا علي كتاب غريب في وادي الملوك‏.‏
ويري أحمد عثمان أن سبب الهجوم والرفض من كبار علماء المصريات لنظرياته ونظريات الآخرين أنهم بنوا أسماءهم وتاريخهم العلمي بناء علي تفسيراتهم الخاصة للتاريخ الفرعوني وقبولهم بتفسيرات مخالفة لآرائهم وتفسيراتهم فيه تهديد لأسمائهم ومكانتهم التي وصلوا اليها‏.‏
‏*‏واخيرا قلت له هذا الانتقال السريع بين التيارات والتنظيمات يطرح تساؤلا مهما هو كيف يمكن لنا أن نفسر تلك القفزات‏,‏ وهل من منطق وراءها في نظرك؟
‏**‏ أحمد عثمان‏:‏ رغبتي في المعرفة هي التي قادت خطاي إلي الإخوان ثم حزب مصر الفتاة‏,‏ فالحزب الشيوعي المصري‏,‏ وفي هذه المرحلة من العمر يكون الكادر الشيوعي ليبرالي النزعة حيث يرفع شعارات الديموقراطية ويردد كل الأفكار الكبيرة زي الاخوان عايزين الديمقراطية ولما يصلوا للسلطة‏..‏ يصبحون مش عايزين ديمقراطية‏,‏ مثلما تفعل حماس اليوم في غزة‏..‏ فقد انضممت إلي الإخوان بين‏14‏ و‏16‏ سنة‏,‏ ثم إلي حزب مصر الفتاة بضعة أسابيع‏,‏ فالحزب الشيوعي المصري من‏16‏ إلي‏19‏ فصحفيا وراقصا في فرقة رضا للفنون الشعبية ومؤلفا مسرحيا وأخيرا باحثا في التاريخ المصري‏.‏
‏*‏ علي هذا النحو هل تري أنك مثقف موسوعي متعدد الاهتمامات والخبرات؟
‏**‏ ربما ولكن الحقيقة أنني استفدت من كل التجارب التي مررت بها في حياتي‏,‏ فقد تفتحت افاق الدنيا أمامي‏,‏ فلم أعد أؤمن بالإسلام السياسي‏,‏ فالإسلام في نظري عقيدة دينية وعبادة‏,‏ ودين وسطية واعتدال وإعلاء لشان العقل‏,‏ بينما يعتقد البعض هذه الأيام ان اختطاف الطائرات واحتجاز الرهائن ونسف المباني وقتل السائحين هي عمليات جهادية ترتكب دفاعا عن الإسلام والإسلام برئ منهم‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.