* يبدو أن وزارة الثقافة وصلت إلي منتهاها "وجابت آخرهآ" مع السينما أيضاً.. فهي كما هو معروف ومنذ سنوات طويلة لا تقدم ولا تؤخر في مجال السينما ولا تعتبره رافداً ثقافياً هاماً من ضمن روافد الثقافة مع أنه الأكثر تأثيراً والأكثر أهمية وانتشاراً من كل الأشياء الأخري التي تهتم بها ولا حتي هذه الأشياء نري لها وقعاً في حياة المواطن ولا المثقف. * المهم أن وزارة الثقافة أعلنت فشلها وسلمت بعدم قدرتها في تحمل مسئولية مهرجان القاهرة السينمائي ويبدو أنها ضاقت ذرعاً وفضلت أن تتخفف وتزيح كل ما هو سينمائي عن كاهلها المتعب "ولانعرف ما الذي أتعبه أصلاً" وأعلنت انها لن يكون لا علاقة بمهرجان القاهرة السينمائي من قريب.. وأنها ستلقيه بعيداً عن وجهها لتديره أي مؤسسة أو جمعية أهلية وحتي لا يشعر المهرجان الغلبان بأنه أصبح عالة وأن الوزارة تريد "رميه في الشارع" اشترطت الوزارة بعض الشروط حفظاً لماء الوجه أن من سيقبل هذا التبني أن يكون عنده "رعاة" يعني ناس تصرف علي اليتيم وعنده امكانيات وخبرة.. وها هي وزارة الثقافة ورئيس مركزها القومي للسينما ينتظر الفرج وينتظر الأم البديلة ليسلمها هذا اليتيم المقهور الذي لا يجد مصاريف دورته وبعدها تقام الوزارة والوزير ومن حول الوزير مرتاحين البال. *** * لقد تيتم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بعد وفاة الأب الروحي له سعدالدين وهبة ومر بأصعب سنوات اليُتم بعد أن تلقفته أيادي لم تكن علي المستوي اللائق به فبعد أن ترعرع وكبر واحتل مكانة مرموقة وسط أشقائه من المهرجانات السينمائية الدولية توالت عليه إدارات فاشلة ضعيفة ليست مؤهلة له وكل ذلك بسبب وزارة الثقافة التي تفاعلت معه بعد وفاة والده وراعيه علي أنه كيان لقيط وتوالي علي إدارته أكثر من رئيس ولكن للأسف أكثر من رئيس وللأسف تراجعت مكانته وفقد زهوته وأصبحت دوراته مثل "الطبيخ البايت" بعد أن كان مهرجاناً سينمائياً كبيراً يحاول مناطحة المهرجانات الشهيرة ويجذب الأفلام والنجوم بات مهرجاناً فقيراً في مبناه ومعناه وعندما وصل إلي هذه المرحلة من الشيخوخة المبكرة تسعي وزارة الثقافة للخلاص منه وفتحت الباب لمن يريد أن يتحمل هذ المشروع الذي جانبه الصواب وظهرت عليه ملامح الفشل. .. لو كانت وزارة الثقافة بكل موظفيها العباقرة تريد تسليم المهرجان حتي تتلخص من فشل لاحق إدارته مرات ومرات فاتها ستتحمل هذا الوزر في حق السينما في مصر وفي حق مصر نفسها.. فبدلاً من مساندة المهرجان ودعمه لينافس المهرجانات العربية الوليدة التي تقام في بلاد لا تتبع السينما.. وبدلاً من إعادة النظر في إدارته وتكوينه وبدلاً من أن تعيد التخطيط له بعقول جديدة قادرة علي صنع النجاح.. هاهي تطرحه أرضاً لمن يريد أن يحمله. ** عموماً تقدم لمناقصة أو مزايدة المهرجان جمعية كتاب ونقاد السينما التي يرأسها ممدوح الليثي ويذكر انها هي التي أنشأت المهرجان في عهد الناقد الكبير الراحل كمال الملاخ في عام 1976 وعودة المهرجان إليها هو عودة إلي الرحم الأول الذي حمل المهرجان وأخرجه إلي الحياة.. ولكن للأسف فإن صلة المهرجان بهذا الرحم انقطعت عشرات السنين فولد من جديد وكبر وترعرع واشتهر علي يد سعدالدين وهبة الذي كان يعد مؤسسه بذاته وشاخ الرحم وتشرذم وأصبح غير قادر في رأيي علي إدارة ورعاية مهرجان يراد له أن يكون مهرجاناً وليس مهزلة وتظاهرة متواضعة ضعيفة مثل مهرجان الإسكندرية الذي تشرف عليه وتديره نفس الجمعية بنفس العقلية فهي جمعية أهلية محدودة الامكانات والموارد ولم يفلح رئيسها في تنميتها حتي لإقامة مهرجان صغير مثل مهرجان الإسكندرية وأؤكد أنه في حال ذهاب مهرجان القاهرة إليها سيزادد تقزماً إن لم يمت بالسكتة القلبية فنفس المجموعة التي تدير مهرجان الإسكندرية بفشل ذريع مع مرتبة الشرف هي التي ستتصدي لمهرجان القاهرة لتنال شرف موته النهائي ولا عزاء لليثي. * أتمني أن يعيد وزير الثقافة ورئيس المركز القومي للسينما صاحب الاقتراح اللوزعي النظر في المسألة من جديد علي الأقل بروح ثورية ورؤية وطنية فمصر تستحق أن يكون لها وسط مهرجانات العالم مهرجاناً سينمائياً قوياً تستضيف فيه أفضل الإنتاج السينمائي العالمي ونجوم العالم وأعتقد أن الظروف الآن مهيأة أكثر من أيام سعدالدين وهبة لإنتاج مهرجان مبهر يتحدث عن العالم.. فدور العرض التي كانت محدودة هي الآن لا تعد ولا تحصي ويمكنها أن ستضيف أفلام المهرجان وتحقق عوائد مادية كبيرة وما ينقص الموضوع هو العقل المفكر المنسق الذي يعرف كيفية التعامل في الأفلام ودور العرض ويحمس كل الأطراف من أجل المهرجان. * وأما الامكانات المادية والرعاة كان يلزمها عقلية تجارية واعية تعرف كيف تسوق لهذا الحدث فنياً وسياحياً وتجارياً.. كل الحكاية أن وزارة الثقافة سند الموضوع إلي باقة من الموظفين ولا تفتح المجال للعقول الشابة التي تجيد التسويق. * أتمني أن تعيد وزارة الثقافة تأسيس المهرجان بشكل حصري جديد وتفتح الباب لتلقي أفكار شابة بناءة وتشكل هيئة أو مؤسسة تحت رعايتها تعيد هذا المهرجان إلي موقعه بما يشرف اسم القاهرة الذي يحمله.. لكن لو استمر الأمر بيد الموظفين سيذهب المهرجان إلي جهة أخري مثل جمعية الليثي ليعاني مزيداً من المرمطة علي يديها. * علي وزارة الثقافة أن تدرس كيف تقام المهرجانات العالمية وتحاول أن تضع أسس ومقاييس ومعايير وحلولاً وتكون جهة لها ثقلها ومصداقيتها ومقدرة علي النجاح قبل أن تسلم مفاتيح مهرجان القاهرة السينمائي لأي كائن من كان.